الديوان » مصر » أحمد الحملاوي » الحب داء والوصال دواء

عدد الابيات : 145

طباعة

الحب داء والوصال دواء

والقرب من بعد البعاد شفاء

والأنس بالأحباب أكبر لذّة

فيها لروح العاشقين غذاء

يا وريح أهل العشق من ألم الجوى

فلهم به كم قطّعت أحشاء

سكروا وهاموا بالغرام فدأبهم

سهرٌ ووجد والسرور بكاء

يحلو لهم مر الهيام لأنهم

جند الغرام وهم له نصراء

قوم لهم في الحب أكبر دولة

خضعت لها الوزراء والأمراء

إن يظفروا بالوصل كان جهادهم

نصرا وإن ماتوا فهم شهداء

أولا ولا فتخالهم من سقمهم

بين الورى موتى وهم أحياء

يا صاح دع عنك الغرام فإنه

داء دويّ ما إليه دواء

واربأ بنفسك أن تميل مع الهوى

إن الهوى للعاشقين بلاء

طعم الهوى مهما استطيب فإنه

مرّ المذاق وصحوه إغماء

كم من فتى أسرته ألحاظ المها

ورمته ف شرك الهوى عيناء

فغدا صريعا بالدماء مضرّجا

والعين عبرى والدماء كساء

جلبت إليه الوجد أوّل نظرة

قد فوّقها غادة غيداء

جلبت إليه الوجد أول نظرة

قد فوقتها غادة غيداء

فاسمع ولا تهمل مقالة ناصح

فالتصح حصن للفتى ووقاء

فتنفّس الصعداء من وجد وقد

كادت تميد لوجده الأرجاء

وأجاب دع عنك الملام وخلني

إن الملامة عندنا إغراء

لو كنت تدرى ما الهوى لعذرتني

وعذلت عذالي فهم جهلاء

حاشى أميل إلى العذول وعذله

ويصدّ ما تفعل الرقباء

كم غادة أدمى فؤادي لحظها

فغدت بقلبي طعنة نجلاء

أين السيوف من اللحاظ وفتكها

فاللحظ فتّاك وفيه مضاء

هي كالغزالة خفة وتلفتا

والقد منها والقضيب سواء

وبخدها الضدان قد جمعا معا

نار تلظى جمرها والماء

سبحان من جعل الجمال نصيبها

وأنالها ما تبتغي وتشاء

لي من هواها لوعة وصبابة

ولها الرضا والمنع والإعطاء

وبمهجتي من قدها أو خدّها

نار تلظّت مالها إطفاء

من شدة الوجد المبرح والضنى

رقّت لرقة حالتي الأهواء

وعلى طرف الزهر غض جفونه

وحنت عليّ البانة الهيفاء

والطير قد ناحت على نوحي وقد

كادت تمزّق طوقها الورقاء

إن رمت أسلو أو أردت تصبّرا

نمّت عليّ مدامع حرّاء

ماذا يفيد تجلدي وتصبّري

وبكلّ عين ديمة وطفاء

أنا للهوى عبد ولكن همّتي

من دونها المريخ والجوزاء

ما فلّ عزمي في الكريهة حادث

أبدا ولم يلحق بي الإعياء

وإذا دجا ليل الخطوب فلم يكن

عندى سوى خير الأنام رجاء

المصطفى الهادي البشير محمد

من أنجبته سادة نجباء

سرّ الوجود وجاه كل موحّد

غوثٌ وغيثٌ إن ونت أنواء

المشرق الوجه المضىء جبينه

من تزدهى بعلوّه العلياء

من نور غرّته وطلعة وجهه

لاح الضيا وتوارت الظلماء

والشمس منه قد استعارت نورها

وسما له في الخافقين ضياء

هو مبدأ الأشيا وأصل وجودها

روح الحياة وما سواه هباء

سرّ مصون من ألست بربّكم

بحرٌ خضمّ دأبه الإعطاء

ومن دون جدواه السحاب إذا همى

فهو المفيد وما سواه جفاء

وهو المرخى في الشدائد كلها

إن جلّ خطب أو عدت أعداء

ما أنجبت أنثى بمثل محمد

وبغيره لم تفتخر حواء

في يوم مولده العوالم قد زهت

ودنا المنى وتوالت الآلاء

لما رأت عين الوجود جماله

قرّت به وتولّت الأقذاء

كم آية ظهرت لوضع محمد

شفت الفؤاد ببعضها الشفاء

قد خرّت الأصنام فيه سجدا

والنار قد خمدت وغاض الماء

وارتجّ من إيوان كسرى عرشه

وارتاع لما اندك منه بناء

والطير صاحت بالسرور وغرّدت

فرحا وقد ملئت بها الأجواء

والوحش بشر بالنبيّ المصطفى

حتى به قد ماجت البيداء

وغدت تبشّر بعضها الحيتان في

قاع البحار وراق منها الماء

ومشاعر البيت الحرام قد ازدهت

وتمايلت طربا به البطحاء

والخصب بعد الجدب أقبل ضاحكا

وهمى السحاب ودرّت العجفاء

والخوف ولى مدبرا والأمن قد

خفقت به أعلامه البيضاء

ولدت ذكورا عام وضع المصطفى

كل الحوامل ما لذا استثناء

نالت بإرضاع النبيّ حليمة

مالم تنله بغيره الرضعاء

سعدت بنو سعد به فجميعهم

مذ حلّ فيما بينهم سعداء

كم آية ظهرت لوضع المصطفى

كالشمس تشرق مالها إحصاء

لم لا وخير الخلق أشرف مرسل

وله بآي المعجزات بهاء

قد ظللته من الهجير سحابة

وبكفّه قد سبّح الحصباء

وبلمس ضرع الشاء درت بعدما

كانت عجافا مضها الإعياء

وبه استجارت ظبية فأجارها

واستبشرت بقدومها الأبناء

وشكا له الجمل المعذب جوعه

فأناله ما يبتغي ويشاء

والضب كلمه بأفصح منطق

والجذع حن وقد عراه بكاء

وإليه وافت بالإشارة سرحة

منها عليه قد حنت أفياء

والنخل قد مالت إلى خير الورى

وتدانت الأثمار والأقناء

وعليه أنواع الحجارة سلمت

ولمشيه قد لانت الصماء

والماء فاض من ألأصابع عذبه

أروى المئين فياله إرواء

وفسيل سلمان وآية غرسه

فيها لرفعة قدره إيماء

في عامه قد أثمرت نخلاته

والرق زال فزالت الأعباء

وضع النبي بتمر جابر كفه

فغدا به وهو القليل وفاء

سم اليهود له الذراع فما ونت

أن أخبرته بسمها فاستاءوا

كم لليهود مكايد قد دبرت

طي الخفاء لأنهم جبناء

ما مس ذا مرض فأبطأ برؤه

فاللمس منه للمريض دواء

وبرد عين قتادة وجمالها

في وجهه لا تذكر الزرقاء

والغصن بعد اليبس صار بلمسه

نضرا عليه بهجة ورواه

عن معجزات المصطفى حدث ولا

حرج وقل وردت بها الأنباء

لم تبق معجزة لغير المصطفى

بعد الوفاة ومالها إبطاء

وأجلها القرآن أكبر معجز

في فهمه قد حارت البلغاء

أنوار هذا الدين بالقرآن قد

بقيت تضىء فما لها إطفاء

حاشى به الإسلام يطفأ نوره

مهما اعتدى أو عاند الأعداء

قد أحكمت آية فكلامهم

بإزاء آيات الكتاب هراء

لبلاغة القرآن خروا سجدا

مع أنهم لزمامها أمراء

فيه هدى للمتقين ورحمة

فيه لصدر المؤمنين شفاء

فيه علوم لا يحيط بوصفها

حد وليس لعدها استقصاء

ما كان فيه وما يكون وما حوا

ه العرض والزرقاء والغبراء

مستحدثات الكون فيه حديدة

بفنى الزمان وما لهن فناء

يحلو ويعذب في المسامع كلما

قد كررته السادة القراء

من كل تغيير تولى حفظه

رب العباد فنوره لألاء

هذا النبي الهاشمي هو الذي

ردّت له عند الغروب ذكاء

وله قد انشق الهلال بمكة

فتناقلت أخباره الأنحاء

وهو المقدم في اشهاة ذكره

بعد الإله ومن سواه وراء

قد خصه المولى بكل كرامة

وأجلها المعراج والإسراء

فيها رأى الرحمن جل جلاله

وتجلت الأسرار والأسماء

والله ما زاغ الفؤاد وما طغى

بصر ولا ارتعدت له أعضاء

بل كان في نور التجلى ثابتا

ملء المحيا نضرة وحياء

القلب يقظان ولكن عينه

من هيبة المولى بها إغضاء

ورأى بعينيه الإله ولم يكن

أين ولا كيف ولا تلقاء

داس البساط بنعله لما دنا

من قاب قوس حيث طاب لقاء

هل بعد هذا للأماكن مفخرٌ

كلا فلا طور ولا سيناء

وعليه قد فرض الصلاة لأنها

للدين أسّ محكم وبناء

سر من الأسرار لا يأتي به

أحد فلا وحى ولا إيحاء

هذا هو المجد المؤثل والعلا

لمقامه والرتبة القعساء

هذا النبي أتى بأشرف شرعة

وأجل ما ارتاحت له العقلاء

دين قويم أحكمت أحكامه

شرع شريف ملّة بيضاء

نسخت شريعته الشرائع كلها

فغدا لها من دونهنّ بقاء

لم لا تكون هي الختام ووجهها

بين الشرائع مشرق وضاء

لله دينٌ ليس ينكر ضوءه

في الناس إلا مقلة عمياء

ختم الإله به الرسالة إنه

أصل وعنه كلهم وكلاء

لمكارم الأخلاق جاء متمما

إن المكارم للنفوس دواء

لبست به الدنيا شعار جمالها

وبه تجلى للعيون بهاء

لما دعا لله قام بنصره

قوم سراة سادة حنفاء

قد جاهدوا في الله حق جهاده

إن الجميع لدينه نصراء

كانوا على الأعداء في يوم الوغى

اسدا لهم يؤم اللقاء لقاء

بيض الصحائف والصفائح دأبهم

بين الأعادي غارة شعواء

كم جدلوا فوق الثرى من هامة

وبسيفهم كم مزّقت أحشاء

والأرض سالت بالدماء كأنها

بحر به قد عامت الأشلاء

أصحاب بأس في العدا لكنهم

بالدين فيما بينهم رحماء

تتساقط الهامات من ضرباتهم

أما الأكفّ فما لها إحصاء

وكأنّ أجسام العداة وقد هوت

أعجاز نخل والدما دأماء

لله أصحاب وأنصار لهم

في كلّ معركة يد بيضاء

النصر والتأييد رائد قصدهم

والحزم فيهم شيمة شماء

عزمات صدق في المعالي سطرت

شهدت بها الأبطال والأكفاء

لا غرو أن أبلوا بلاء صادقا

إن الجميع لدينه نصراء

يا خير مبعوث بخير شريعة

وأجل من طلعت عليه ذكاء

قلبى وحقّك في المحبة مخلص

إن المحبة لبني ولاء

أقسمت بالبيت الحرام وزمزم

وبموقف فيه الحجيج سواء

وبمن به وقفوا ولبّوا خشّعا

وشعارهم عند الخشوع بكاء

إني بحبّك مستهام مولع

وجوانحي مستودع ووعاء

نفسي وما أحرزت من نشب ومن

مال لخير المرسلين فداء

فبحق آلك راعني وانظر

إلي فلى بقربى منك فيك رجاء

وانظر لأهلى ثم أولادي فهم

لبنيك يا خير الورى أبناء

فأبوهم الكرار فاتح خيبر

والام سيدة النسا الزهراء

وإليك يا خير البرية ينتهى

نسب عليه من الإله بهاء

سدنا بك الدنيا ولكن غيرنا

نهضت به البيضاء والصفراء

فامدد يد الإحسان نحوى إنني

للجود محتاج وفيك سخاء

واعطف عليّ إذا الغزالة كوّرت

يوم القضاء وقامت الخصماء

وبددت وبرزت الجحيم لمن يرى

وعلى المعاصي تشهد الأعضاء

والكل من فزع القيامة واجم

حيث استوى المرءوس والرؤساء

يا مصطفى أمن محبك بالرضا

فضلا وقل حاشى المحب يساء

وادخل إلى دار النعيم فإنها

منى على حسن المديح جزاء

صلى عليك الله ماهب الصبا

وازينت بالنيرين سماء

والآل والأصحاب والنفر الألى

خدموا العلوم فكلهم حنفاء

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الحملاوي

avatar

أحمد الحملاوي حساب موثق

مصر

poet-Ahmed-El-Hamlawy@

99

قصيدة

371

متابعين

أحمد بن محمد الحملاوي. أديب، مدرس مصري، له نظم. تخرج بدار العلوم ثم بالأزهر. وزاول المحاماة الشرعية مدة. وعمل في التدريس إلى سنة 1928 ووضع كتباً مدرسية، منها (شذا العرف ...

المزيد عن أحمد الحملاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة