مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة و السفر الطويل .. يبدأ دون أن تسير القاطرة ! رسائلي للشمس .. تعود دون أن تمسّ ! رسائلي للأرض .. تردّ دون أن تفضّ ! يميل ظلّي في الغروب دون أن أميل ! و ها أنا في مقعدي القانط . وريقة .. و ريقة .. يسقط عمري من نتيجة الحائط و الورق الساقط يطفو على بحيرة الذكرى ، فتلتوي دوائرا و تختفي .. دائرة .. فدائرة ! (2) شقيقتي " رجاء " ماتت و هي دون الثالثة . ماتت و ما يزال في دولاب أمّي السّري صندلها الفضّيّ! دارها المشغول ، قرطها ، غطاء رأسها الصّوفيّ أرنبها القطنيّ ! و عندما أدخل بهو بيتنا الصامت فلا أراها تمسك الحائط .. علّها تقف ! أنسى بأنّها ماتت .. أقول . ربّما نامت .. أدور في الغرف . و عندما تسألني أمّي بصوتها الخافت أرى الأسى في وجهها الممتقع الباهت و أستبين الكارثة ! (3) عرفتها في عامها الخامس و العشرين و الزمن العنّين .. ينشب في أحشائها أظفاره الملويّة صلّت إلى العذراء ، طوفّت بكلّ صيدليّة تقلّبت بين الرجال الخشنين ! .. و ما تزال تشتري اللّفائف القطنيّة ! .. ما تزال تشتري اللّفائف القطنيّة ! .. .. .. .. .. .. و حين ضاجعت أباها ليلة الرعد تفجّرت بالخصب و الوعد و اختلجت في طينها بشارة التكوين ! لكنّها نادت أباها في الصباح .. فظلّ صامتا ! هزّته .. كان ميّتا !! (4) من شرفتي كنت أراها في صباح العطلة الهاديء تنشر في شرفتها على خيوط النور و الغناء ثياب طفبيها ، ثياب زوجها الرسميّة الصفراء قمصانه المغسولة البيضاء تنشر حولها نقاء قلبها الهانيء و هي تروح و تجيء ... ... ... ... ... ... ... و الآن بعد أشهر الصيف الرديء رأيتها .. ذابلة العينين و الأعضاء تنشر في شرفتها على حبال الصّمت و البكاء ثيابها السوداء ! (5) حبيبتي في لحظة الظلام ؛ لحظة التوهّج العذبة تصبح بين ساعديّ جثّة رطبه ! ينكسر الشوق بداخلي ، و تخفت الرغبة أموء فوق خدّها أضرع فوق نهدها أودّ لو أنفذ في مسامّ جلدها لكن .. يظلّ بيننا الزجاج .. و الغياب .. و الغربة ! .. ... ... ... ... .... .. ... وذات ليلة ، تكسّرت ما بيننا حواجز الرّهبة فاحتضنتني .. بينما نحن نغوص في قرار التربة تبعثرت في رأسها شرائح الصورة و النجوم و اختلطت في قلبها الأزمنة الهشيم لكنّها و هي تناجى سمعتها تناديني باسم حبيبها الذي قد حطّم اللّعبة مخلّفا في قلبها .. ندبة !!