يَبلَى الزَّمانُ وَأَشواقي مُجَدَّدَةٌ
تَجولُ مِنِّي مَجالَ السَّمعِ وَالبَصَرِ
وَلَو سَمَحتِ بِلُقيا الطَّيفِ عِشتُ بِهِ
دَهراً وَإِن هِمتُ بَعدَ العَينِ بِالأَثَرِ
وَنَفسٌ إِذا هَبَّت جَنوب تَنَفَّسَت
تَحِنُّ اِشتِياقاً لَو شَفاها حَنينُها
فبالشرف الا عَلى هَواها وَشُكرِها
نَدى شَرفِ الدين بنِ عصرون دينُه
يا راحِلاً وَجَميلُ الصَّبْرِ يَتْبَعُهُ
هَلْ من سبيلٍ إلى لُقْياكَ يَتَّفِقُ
ما أنصَفَتْكَ جُفوني وهيَ دامِيَةٌ
ولا وَفى لكَ قلبي وهو يحترِقُ
وأظلم البعدُ فالأشواق واضحة
وفي ظلام الليالي تظهرَ الشُّهب
ضحكتمُ لبكائي يومَ بينكمُ
ضحكَ الأقاحيِّ إذ تبكي لها السّحب
صحا قَلْبُهُ عنْها عَلى أنَّ ذِكْرَةً
إذا خَطَرَتْ دارتْ به الأرضُ قائِما
تبَصَّرْ خَلِيلي هل تَرى مِنْ ظَعائِنٍ
خَرَجْنَ سِراعاً واقْتَعَدْنَ المَفائِما
أَبيتُ أَرقبُ نجمَ اللّيل قاعدةً
حتّى الصباحِ وَعندَ الباب عجلانِ
لَولا مخافةُ ربّي أَن يُعاقِبني
لَقَد دَعوت عَلى الشيخِ اِبن حيّانِ
نَشَدتُكَ لا يَذهَب بِكَ الشَوقُ مَذهَباً
يُهَوِّنُ صَعباً أَو يُرَخّصُ مَأثَما
فَأَمسَكتُ لا مُستَغنِياً عَن نَوالِها
وَلَكِن رَأيتُ الصَبرَ أَولى وَأَكرَ
أَحِنُّ إِلى مِصرٍ وَيا لَيتَ أَنَّ لي
إِذا ذُكِرَت مِصرٌ جَناحاً أُعارُهُ
فَآوي إِلى ظِلٍّ ظَليلٍ وَنائِلٍ
جَزيلٍ وَملكٍ حالفَ العِزَّ جارُهُ
أُراقِبُها في اللَيلِ مِن كُلِّ مَطلَعٍ
كَأَنّي بِرَعيِ السائِراتِ كَفيلُ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ نَأى عَنهُ صُبحُهُ
فَلَيسَ لَهُ فَجرٌ إِلَيهِ يَؤولُ
هو حظّي أموتُ وجداً وشوقاً
وَحبيبي بِمُبغضي مَشغول
رُضتَ فيه نَفساً عزيزاً عليها
ذُلُّها والمُحِبُّ عانٍ ذَليل
لَكِنَّ حَظَّ العَينِ مِنكَ فَقَدتُهُ
فَالشَوقُ مِنّي لا يَزالُ جَديدا
لا الدارُ بعدكم كما كانت ولا
ذاك البهاءُ بها ولا الإِشراق
أشتاقكم وَكذا المحبّ إذ نَأى
عنه أحبَّةُ قَلبه يَشتاق
فَلَم أدرِ مِمَّا كنت أُسقَى هَل الهَوَى
شَرِبتُ أمِ الصَّهبَاءَ صِرفاً أمِ السِّحرَا
سلامٌ عَلَى ذَاكَ الأَصِيلِ وَطِيبِهِ
يُرَدَّدُ مَا مَرَّ الأصِيلُ وَمَا مَرَّا
فلا زِلْتَ ذا شوقٍ إلى مَنْ هَويتَهُ
وقلبُكَ مقسومٌ بِكُلِّ مكانِ
وإِنّي لأَهْوى ما يَزْعُمُ النّاسُ بَيْنَنا
وعفراءَ يومَ الحَشْرِ مُلْتَقِيا
ما دام لي حُلُمُ اللِّقاءِ فإنَّني
أحيا بهِ ، مهما يطولُ فِراقُ
فما العيش إلا قرب من أنتَ آلفٌ
وما الموتُ إلا نأيُه عنك والهجر
يحنُّ الحبيبُ إِلى رؤيتي
وإني إليه أشدُّ حنينا
وتهفو النفوسُ ويأبى القضا
فاشكوا الأنينَ ويشكو الأنينا
وَمِن عَجَبٍ أَنّي أَحِنُّ إِلَيهِمُ
وَأَسأَلُ عَنهُم مَن أَرى وَهُم مَعي
وَتَطلُبُهُم عَيني وَهُم في سَوادِها
وَيَشتاقُهُم قَلبي وَهُم بَينَ أَضلُعي
لا تُخْفِ ما صَنَعَتْ بِكَ الأَشْواقُ
وَاشْرَحْ هَواكَ فَكُلُّنَا عُشَّاقُ
قَدْ كَانَ يُخْفي الحُبَّ لَوْلَا دَمْعُكَ ال
جَارِي وَلَوْلا قَلْبُكَ الخَفَّاقُ
أقولُ لقلبيَ العاني تصبَّرْ
وإن بَعُدَ المساعدُ والحبيب
عسى الهمّ الذي أمسيتُ فيه
يكون وراءه فرجٌ قريب