الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » أضرم الوجد في الحشاشة نارا

عدد الابيات : 350

طباعة

أضرم الوجد في الحشاشة نارا

إذ رأى الدمع في المحاجر فارا

وسرى النوم عن أعيني بليل

حين قالوا صد الحبيب وسارا

سار عني وما وجدت اصطبارا

ما احتيالي وما أجدلي اصطبارا

طير العقل ثم قص جناحي

وقصى منزلا وشط مزارا

وأذاب الحشا وصعد دمعا

لم يزده الصعد إلا انحدارا

وقضى بالغرام رغما ومن ذا

يا فؤادي يعاند الأقدارا

ويح قلبي وويح كل محب

فقد العين فاقتفى الآثارا

يرقب النجم في الظلام ومهما

لمع البرق في الظلام استطارا

وإذا ناح في الغصون حمام

مزّق القلب ثم شق الإزارا

وإذا زار للأحبة طيف

انكسر الراس ذلة وصغارا

لازم السهد والأسى فلهذا

علم النوح والبكا الأطيارا

فقد الصبر والسلو فأضحى

بظهر الحب لوعة واستعارا

وكسا جسمه السقام فأمسى

سهد عينيه للجفون شعارا

يا خليلي عرجا بي لسلع

وآسالا عن غزالة أين سارا

وأشيرا بما يبلغ قصدي

ربما أرشد المشير المشارا

وآحملاني إلى الأبيرق علي

أعطف البان أو أناغي الهزارا

وصلاتي السرى مسا وصباحا

واقطعا بي الجود والأغوارا

وقفا بي على الرسوم قليلا

ودعاني أودع الأوكارا

وخذا بي يمين باب المصلى

وأقيما لكي أقيم الجدارا

واستدلا على الطريق بنشر

حين جرت ليلاي فيه الإزارا

وابلغاني لحي ليل فقلبي

من ركون الضلوع للحي طارا

وأنيخا ببابها عيس قصدي

عن العيس فاطرحا الأوكارا

واطرحاني على التراب وقولا

ميتك الحي قد أراد المزارا

واسعداني على السهاد فجفني

صار من بعد نومه سهارا

واندباني بكل شجو ليبلي

وابكياني بكل دمع نهارا

وانشداها عن طيب وصل تقضى

واذكراها تلك الليالي القصارا

وسلاها تعطفا فعساها

تترك الطيف يزور سرارا

يا لقومي أما معين معين

غير دمع أفاض منه البحارا

وشفيق يرق لي أو رفيق

يحفظ الجار أو يراعي الجوارا

وصديق صدوق وعد يباري

نقض عهد ويكتم الأسرارا

أو سمير يصغى لشرح حديثي

فحديثي يطرب السمارا

كان ما كان يا فؤاد فدعني

فالذي كنت اختشي منه صارا

قضي الأمر فاقض ما أنت قاض

فلك الحب بالتوله دارا

يا عذولي ما رأيت في الحب جهلا

وأرى حاكم الهوى لا يمارى

لا تلمني فلست أول حر

صار عبدا لمن يحب اختيارا

شنّع المرجفون أن فؤادي

صار في الحب خائنا غدارا

وادعوا أنني سلوت ومن لي

بعذير يوجّه الأعذارا

ويوهي بثنى بما أحدثوها

إذ رأوني أخلصت فيك العذارا

ما بأحشائهم علقت وحاشا

أن يكون الحشا لغيرك دارا

يا فؤادا أضله الطرف لما

إن رأى الحسن زائل الإستارا

قل لمن رام يستعيرك شجوا

شغل الحب مهجتي أن يعارا

آه من حرقة وفرط جنون

صير الطرف والفؤاد حيارى

من نصير وليس غير فؤادي

ذاب شوقا وما درى الإنتصارا

ويح أهل الهوى يرون سكارى

من هواهم وما هم بسكارى

صيروا الذرع شرعة لأناس

أنفوا الذل في الهوى والصغارا

يا نسيمات القلوب رفقا فقلبي

لم يكن قط يألف الحجارا

قد نسيتم عهودنا وفؤادي

لم يزده البعاد إلا اذكارا

كم جفون كسيتموها سهاما

كم قلوب سلبتموها القرارا

كم عقول بدلتموها جفونا

كم نفوس أورثتموها الدمارا

كل يوم يسوقني الدهر خسفا

فهوى شبا في الأصالغ نارا

وإذا ما الظلام جن رماني

سهم وجد بهيج الإفتكارا

طال ليلي ولم يلح وجه صبحي

يا ترى هل أرى الظلام يواري

لو يكون الصباح حيا يرجى

لم تر الزهر في السماء حيارى

لو بدا لي السنا لقمت أنادي

يا لقومي آنست ي الحي نارا

فامكثوا لي عسى أخبر عنها

أو لعل الزمان يدني المزارا

يا أنيسي وأين منى أنيسي

لم يزده الدنو إلا نفارا

يا شفائي وكيف لي بشفاء

وضلوعي على الغضى تتوارى

يا حياتي واين أين حياتي

والهوى يقتل المحب اضطرارا

ضاق ذرعي وما لسرى خلاص

غير مدح الشفيع منجي الأساري

فهو عين الندى وغوث المنادي

وهو كهف الرجا وكافي الضرارا

وهو وسطى قلائد المجد عزا

وهو إنسان مقلتيه فخارا

وهو روح العلا وصدر المعالي

وهو سر النهى ورشد الحيارى

وهو معنى مظاهر الحق سرا

ومنشي حلى الكمال اشتهارا

كل جود فمن علاه تجلّى

كل حسن فمن حلاه استعارا

كل غيث فمن نداه مفاض

كل ليث فمن ظباه استجارا

كل هدي فمن هداه تبدى

كل نور فمن سناه أنارا

فاق كل الأنام خلقا وخلقا

فأمال القلوب والأبصارا

وبه الرسل والأملاك لاذوا

فأنبلوا العلوم والأسرارا

وغدوا في علاه مثل نجوم

في سماء سما بها أبدارا

وإليه يعزون كل المقام

نولوه ومنه نالوا الفخارا

وجميع الوجود مد بطة

كخليج يقد استمد البحارا

وهل الكون في معاليه إلا

كسنا في سماء أفق أنارا

مظهر الحق منطق الجن فرد

جمع الحسن والبهاء والوقارا

ليس شيء عند الإله يحاكي

شأوه السابق البعيد المطارا

فاتح خاتم نبي رسول

يا له مجتبى رضا مختارا

مصطفى مرتضى حبيب خليل

أكرم الخلق نسمة وشعارا

أكمل العالمين روحا وذاتا

وصفاتا ومظهرا واستتارا

لم تلد مثله الحوامل فخرا

وكفى حزبه بذاك افتخارا

كامل الحسن ظاهر البشر أضفى

بسناه الشموس والأقمارا

أزهر اللون أشنب الغر أقنى

أحور الطرف زين الأحورارا

أهيف القد طيب النشر عنه

قد روى الزهر روضه المعطارا

فبعطفيه مثل البان لينا

وبخديه يشبه الجلنارا

لم تر العين في البرية أحلى

منه نطقا ولا اسرا فتتارى

وكذا الأذن لم يلجها مقال

مثل قوم دعا به إنذارا

ما بدا وانثنى لرائبه إلا

أظهر البان يثمر الأزهارا

أشرف الخلق مرادا ورضاعا

وفطاما ومجتدى ونجارا

زاده الله بهجة وجمالا

وكمالا وعزة واقتدارا

لم يناديه باسمه بل دعاه

بأعز الكنى لديه اشتهارا

وبه أقسم الإله وباهى

بعلاه وصرف الأقدارا

صادق العزم ظاهر الحزم شهم

نافذ الأمر إن ثوى أو سارا

أحرز الباس والندى فلهاذا

جمع الصيد فيه والأقمارا

لم يقع فوقه الذباب احتراما

لعلاه ورفعة ووقارا

لم يقع فوقه الذباب احتراما

لعلاه ورفعة ووقارا

يقظ القلب إن غفت مقلتاه

لم يزده الهجوع إلا افتكارا

من لميلاده النجوم تهادت

وتداعى إيوان كسرى وانهارا

من له الشهب أحرقت كل جن

يسرق السمع ينقل الأخبارا

ولهيب المجوس أخمد لما

إن رأى فيض ماء ساوة غارا

من تراءى لمه قصر بصرى

ولها الشام قد بدا استطهارا

من به بشر الزبير وكعب

وبحيرا وجى تليق النصارى

من به الجن أخبرت وتوالى

قول كهانهم بذاك مرارا

من به الكتب بشّرت وأبانت

عنه أشياء بصرتنا اعتبارا

من به بشر الكليم وعسى

وشعيب ويوسف وابن سارا

من به آدم وشيث أنيلا

ما أنيلا من الرضا استشارا

من به إدريس عز مرقى ونوح

بان في الفلك إذ طمى الما وفارا

من نجا صالح به وثمود

وبه هود أرغم الفجارا

من به لوط والخليل أجيرا

وبه إسحاق والذبيح استجارى

من به يوسف أجل ويعقو

ب والأسباط قد كفى الأعذارا

من به أصبح الكليم موقى

كيد فرعون إذ دعا السحارى

من به نول الحبورة هارو

ن المعالي فأرغم الكفارا

من به يوشع تملك سرا

أوقف الشمس حين كادت توارى

من به أنقذ الإله شعيبا

وكفى أيوب إذ شكا الأضرارا

من به يونس نجا من دياجي

باطن الحوت حيث شق البحارا

من به الخضر والعزيز وذو الكفل

ولقمان علموا الأسرارا

من به سير الإله لداو

د جبالا وأوقف الأطيارا

من به سخر الوحوش سليما

ن وريحا ومارداً طيارا

من به إلياس طار كل مطار

في سما المجد حبذاك المطارا

من به إسكندر الزمان لمعنى

فجر الما ومصر الأمصارا

من به لاذ إذ دعا زكريا

فاكتفى شر من رأى المنشارا

من به أتحف الحصور وعيسى

فلهذا ترفعا واستنارا

من له البدر شق نصفين طوعا

إذ دعاه ليعجز الكفارا

من له الشمس أوقفت وأعيدت

وله الفحل أذعن استصغارا

من له الجذع حن حنّ مشوق

صد عن ورد وأنّ وخارا

من له الضب قال قولا بليغا

وله الحق أنطق الأحجارا

من له الذنب والبعير أقرا

بكلام مصحح لا يمارى

من له أنبأ الذراع بسم

وله الماء في المزادة فارا

من له البدن ازدلفن عسى أن

يبتدي بالتي أتته اختيارا

من أعاد اليبيس في الكف رطبا

وبه عادت العصا بتارا

من بلمس أعاد ضرع عناق

لم تلد قبل أو درت إدرارا

من عليه الوحوش ضلّت وحيّت

وله الرب أسجد الأشجارا

من عليه الوليد سلم حقا

وعليه الرضيع صلى جهارا

من أجار الغزالة لما دعته

أن أجرني فالفطم أودى الصغارا

من غدا الذنب مخبرا عنه لما

منع الشاة يا له إخبارا

من دعا المبت بعد دفن فلبّى

ونهى الطود فاستكان ازدجارا

من أتته الظبي مسيرة شهر

لا امتثالا لأمره وانتظارا

من بكفيه خدم وطعام

سبحا باري الورى الجبارا

من أعاد القضيب في الكف سيفا

وبها الماء قد جرى مدرارا

من كفى بالصواع ألفا وروّى

بيسير جيوشه استكثارا

من أتاه البعير يشكو هلاكا

فحماه من الردى وأجارا

من وقاه الغمام حر هجير

وسقاه لما دعا استغزارا

من حماه الحمام في الغار لما

نسجت عنكبوته الأستارا

من دعا النخل فاستجبن سراعا

بدعاء به سلبن القرارا

من أحلّت له الغنائم لما

بحماة الهدى سبى الكفارا

من كفاه الإله غورث لما

سل للفتك فوقه البتارا

من طوى للصيام كشحا لطيفا

لم يكن قبل زاول الأحجارا

من أدام القيام في الليل حتى

أورم الساق واشتكاه ضرارا

من يمسح أرى للأقرع شعرا

وبمسح أبرا الجراح الكبارا

من بتفل أعاد شق خبيب

بعد شق لشقّه قد أهارا

من بتفل أعاد كف اين عفرا

بعد قطع لكفّه قد أطارا

من بتفل أجلى لحاظ بريد

من غشاء فأحكم الأبصارا

من كفى العين إذ شفاها برد

بعد قلع فأعجز النظارا

من بجدواه بنت حاتم طيئ

أرجعت كيف شاءت استكثارا

من بأملاك والنبيين صلى

في مقام له أقام المنارا

من على صهوة البراق ترقى

فارتقى مرتقى علا المقدارا

من حمى حومة الوغى وحماها

بجنود جيّادها لن تبارى

من به أرغم اللعين هشام

إذ تعدى وراغم استكبارا

من به عتبة أذاق عتابا

أوقر السمع ذلة واحتقارا

من به شيبة تصاغر لما

ألبسته يد العذاب الصغارا

من به أرضع الوليد كؤوسا

شيّبته وقد سقته مارا

من بترب رمى وجوها فساهت

وبرمي الحصى فقا الأبصارا

كم وقى حادثا وأمن خوفا

كم دحا جابرا وأكرم جارا

كم نهى عاصيا وهنا مطيعا

كم كفى عائلا وفك الإسارا

كم رعى صاحبا وراع عدوا

كم سبى ثائرا وخول ثارا

كم أرى أكمها وأعمى بصيرا

كم طفى فتنة وأخمد نارا

كم سبى ضيغما وأغنى فقيرا

كم جلا دارة وعمر دارا

كم دعا صادقا ورد كذوبا

قد أتاه وكم أقل عثارا

كم هدى حائرا وأهدى نفيسا

لوليّ وكم أزاح ستارا

كم محا ظلمة وأظهر نورا

كم كفى جاها وروى أوارى

كم شفى معضلا وأنعش ميتا

كم كفى صائلا وكف ضرارا

صاغه الله عين كل جمال

وكساه محبة ووقارا

ودعاه إلى حماه فلبى

وأراه سر الجمال الموارى

واصطفاه مكانة ونوالا

واعتزازا ورفعة وقرارا

ودعاه بأنت خير عبادي

أولست المقرب المختارا

أنت عبدي وصفوتي وخليلي

يا حبيبي فسو سواك فخارا

واهن قلبا وقر عينا فقدما

سدت في حضرة الرضا الأبرارا

ولك البشر قد رفع جحابى

لترى وجه الجميل جهارا

فاحثث السير وارق كل مقام

واخرق الحجب وارفع الأستارا

وامش فوق البساط بالنعل عزا

فبنعليك قد زكا مقدارا

أنت منيّ كقاب قوسين قربا

أو كأدنى مكانة واعتبارا

فامسح الأغبار وانظر الوجه واسمع

فصل قولي وشاهد الأنوارا

وقل اسمع واشفع تشفّع وسلني

أعطك الآن ما تشا اختيارا

أنت سري ومظهري ومرادي

حبّذا أنت زائرا ومزارا

وحباه بما حباه فأغنى

ورعاه بما رعاه فأجارا

وانثنى ساحبا رداء فخار

والدجى لم يفكك الأوزارا

ويبطحا الخطيم أصبح ينبى

عن سواه وما رآه وصارا

علم الخط وهو أمي خط

وأبان الحروف والأسرارا

محكما فاصلا مبينا منيرا

دق معنى فحير الأفكارا

قد أحاط العلوم لفظا ومعنى

فأزاح الشكوك والأغبارا

وصف منشي الوجود بعد انعدام

جل من أوجد الوجود اختيارا

واحدا عالما سميعا بصيرا

قادرا كاشف الأذى ستارا

باسطا قابضا غفورا رحيما

خافضا رافع السما جبارا

خالقا رازقا حكيما عليما

موجدا معدم الورى قهارا

هاديا مرشدا حفيظا كفيلا

قابل التوب ساترا غفارا

جل عن قول كيف أو كم أو عن

ما ادعاه اليهود ثم النصارى

وعلى عرشه استوى وتجلى

جل من عز رفعة واقتدارا

ليس شيء كمثله جل مولى

كيف الكيف قدر المقدارا

كون الكون مبدعا ويراه

باحتكام وعصر الأعصارا

ودحا الأرض والسماء بناها

ومن الصخر فجر الأنهارا

وبرى الخلق طائعا وغويا

ولهم بد عد عدنا ونارا

وقضى الرزق كيف شاء وأشقى

من عصاه ونعم الأبرارا

قهر الخلق بالممات وأحيا

بعد موت فوحد القهارا

لا مذل لما أعز اختصاصا

لا معز لمن أذل احتقارا

لا مرد لما قضاه احتكاما

لا مقيل لمن أضل عثارا

أرسل المصطفى إلينا رسولا

ونذيرا وداعيا إنذارا

يا هنانا وسعدنا إن دعانا

فاقتفينا بهديه الآثارا

ونطقنا بالإله سوا من

كرر الليل واستنار النهارا

وشهدنا بأن أحمد عبده

ورسول إلى الأنام اختيارا

وسع العالمين علما وحلما

فهو صبح السرى ونجم الحيارى

لو كسا الشمس من سناه شعاعا

لم تر الشمس بالظلام توارى

أو أنال الغمام بعض نداه

بحر الأفق كله مدرارا

أو أعار الرياض جزء شذاه

لأرى الأرض كله نوارا

صبح مجد قد حقق الظن فيه

أنه الشمس بهجة وانتشارا

ما نضا السيف في المعامع إلا

وغدا ليلها البهيم نهارا

لا ولا أرعد المثقف إلا

وأراش العنا الفؤاد فطارا

ليث حرب يقود اسدا تبارت

بعوال رماحها لن تبارى

جردوا البيض في الوغى وكسوها

بالدما حله تروق احمرارا

وأمالوا القنا بحمل رؤوس

قطفوها لشبهها الأثمارا

كم أجاحوا حليف ريح عناد

لم يزده الدعاء إلا فرارا

كم أبادوا مضللا وغويا

وبغيا وفاجرا كفارا

كم غوي أتى لنصرة ناغ

خذلوه فلم يجد أنصارا

قد شروا بالنفوس جنة عدن

وتغالوا فأرخصوا الأسعارا

ورضوا بالهوان في الله علما

إن يعودوا أعزّة كفّارا

وتداعت بكل ليث تمطى

متن طرف قد ألبسوه الغارا

لطم الصبح وجهه إذ رآه

في قميص الدجى فخاض النهارا

مرهف القرن أتلع الجيد نهد

واسع الصدر قارب الأقطارا

أو هزير يصول فوق جواد

أبيض اللون ألحف النوارا

كحل الجفن بالظلام ولما

أتساك بالكحل سربل الأنوارا

ناتي العين أسهل الخد عال

محكم الجري يخطف الأبصارا

أو عقاب يحوم فوق جواد

أشقر اللون يشبه الدينارا

ألبس التبر فازدهى فأرانا

بين عينيه كوكبا غرارا

إن درى بالطيور والبرق جريا

وهزا بالظبا وكيف يجاري

أو جواد يجود فوق جواد

بجلاد تشيب منه العذارى

صيروا النقع بالسهام رياضا

جاد ريا فأنبت الأزهارا

وأسالوا الضيابة فشهدنا

كيف تجرى السحائب الأنهارا

نصروا دينه وراعوا عداه

ورعوا حزبه وصانوا الديارا

فهم ما هم وهل هم إلا

سادة قادة أولى أطهارا

مجدا نجدا بدرا بحورا

سبقا لحقا تقى أخيارا

صوما قوما أسودا ذكورا

ركعا سجدا هدى أبرارا

فصلا كملا دعاة كماة

أو ليسوا الرفاق والأنصارا

من كشيخ التقى الإمام عتيق

ثاني اثنين غذ حللنا الغارا

أو كفاروقه الجليل جلالا

أو كعثمان عفة واصطبارا

أو كحامي الحمى الإمام علي

أو كسعدية بهجة ووقارا

أو ترى ماجدا كطلحة أو قل

كالزبير الفتى الكريم نجارا

أو كمثل ابن عوف الشهم قدرا

أو ترى كالأمين أرحب دار

أو كعميه أو كسبطيه هديا

أو كألصحاب مبتدى وقصارى

أو كأزواجه الكرام عليه

أو كأولاده العظام افتخارا

فهم الزهر في الرياض انتظاما

وهم الزهر في السماء انتشارا

وهم الخصب في المحول عطاء

وهم الصيد في الحروب اهتصارا

شرف الله قدرهم وارتضاهم

وهداهم بما هدى الأبرارا

ودعاهم بخير أمة هاد

أخرجت للورى فكانوا الخيارى

يا غريقا في قعر ليل التصابى

يا حريقا بنار حب العذارى

يا عليل الفؤاد ثقلت طهرا

قل ما قوم القيام اذكارا

يا عصيا أطاع هواه لم لا

ترجع النفس عن هواها ازدجارا

يا عديم الشعور جهلا إلى كم

أنت في اللهو تنظم الشعارا

إن تكن بالذنوب أسود قلب

فأرق فوقه الدموع الغزارا

واغسلنه بماء دمعك واجمل

عصرك الثوب واتقن المعصارا

فإن ابيض او فشق عليه

وألق ما اسود واعطه القصارى

واحذر الذنب واصدق التوب واقلع

وسل الرب واجمل الأعذارا

واحسن الظن في الإله وسله

أن يعافي ويغفر الأوزارا

فعسى أو لعل رحمة ربى

أن تغشى وتسبل الأستارا

فهو ربي وخالقي ومميتي

ومعيدي كما ابتدائي ابتكارا

وهو عوني إذا اضطررت سؤالا

وهو عوني إذا سئلت اضطرارا

وهو سؤلي وغايتي ومرادي

وهو كهفي إذا استقلت العثارا

وهو أمني وعدتي واعتمادي

وهو حصني إذا التجأت فرارا

وهو حسبي إليه فوضت أمري

حسبي الله مقعدا ومطارا

يا إله الورى ومعطى العطايا

يا مثير الثرى ومجري البحارا

أنا عبد وأنت رب وحسبي

أن رأيت الكبير يرعى الصغارا

أنا ذو حيرة وأنت دليل

وعهدنا الدليل يهدي الحيارى

أنا ذو فاقة وأنت غني

وشهدنا الغمام يسقي القفارا

فاوف ديني وعافيني واعف عني

وآولني الخير واكفني الأشرارا

وآجر يا بر بالكتاب لساني

وأعنّي إذا تلوت اذكارا

وأنرني بنور علمك واجعل

حلية الذكر والتقى لي شعارا

وأعدني إلى الحجاز لعلي

أقطع العمر حجة واعتمارا

بعدت بي خطا وقل نصير

بصطنعني حمية وانتصارا

وتوالت بي السنون ومالي

من معين يبلّغ الأوطارا

وقصتني الذنوب رغما فهل لي

من شفيع لصحب الزوارا

وأجد السرى وأصى بسمعي

لحداه ترجع الأخبارا

وأشق البحار عرضا وطولا

وأجوب الفلاة دارا فدار

وأوافي اللوا وأرعى المصلى

وأجول الحمى وأخشى الديارا

وأرى من في الغلائل تجلى

قد أماط الجمال عنها الخمارا

وأضاهي بخالها كل خال

صير الخد كعبة ومزارا

ويذيع الجمال سري وأدعو

بأعذار خلعت فيه العذارى

وأولي الطواف شوطا فشوطا

وأراعي الحجيج جارا فجارا

وأروى بزمزم حر قلب

أضرم الوجد بين جنبيه نارا

وأطيل الدعا على عرفات

وأناجي المهيمن الغفارا

وأريق الدموع في السفح نسكا

وأذيب الفؤاد فيه انكسارا

وأرى المعشر الحرام وأهدي

بدنا صير السقام شعارا

وأوافي مني الأماني وأرمى

بدموع على الخدود الجمارا

فعسى أو لعل يرحم ربي

ويليني ويغفر الأوزارا

ويريني قبا البقيع لأجنى

من أفانين دوحها اثمارا

وأحاكي ثرى البقيع بدمع

أكسب الخد حيث سال احمرارا

وأناغي حمامها بحنين

ألبس الجسم رقة واصفرارا

وأقد الحشا وأفرش خدّي

لحفاة أتينه زوارا

وتسف التراب أجفان عيني

حين يعلو وحبّذاك غبارا

وأوافي باب السلام دخولا

بسلام يعطر الأقطارا

وأرى المدفن الشريف بعيني

واقوي بنوره الأبصارا

وأبث المديح ثم بقلب

ولسان تطابقا إقرارا

وأوافك يا حليم ظلوما

مستعيذا بأحمد استغفارا

وأنادي بأرفع الصوت حسبي

أن أراني لقبر عبدك جارا

أنا جار الكريم فارع جواري

أو ليس الكريم يرعى الجوارا

ضل من رام غير بابك سعيا

وانثنى ينفض اليدين خسارا

وهل العقل يقتضي أن يرجى

السمر إلا المدير الجبارا

فأجرني من العذاب وكن لي

حيث لا ينفع المجير المجارا

واصطنعني إذا احتضرت ونادى

هاتف البرزخ البدار البدارا

واكتنفني إذا لحدت وثبت

فيك قولي إذا سئلت اضطرارا

وقني النار واكفني كل هول

واجعل الخلد لي بفضلك دارا

ليس إلاك آخذ بالنواصي

ليس إلاك منقذ للأسارى

فاقبل المدح في حبيبك منا

واعف عني ومحق الأغيارا

وبماذا اتقي المدائح فيه

وعليه الجليل اثني مرارا

وبعز الإله أقسم حقا

قسما صادق الولا برارا

لو تكن الأفلاك والأرض درجا

طال عرضا ووسع الأقطارا

ومياه الوجود تصبح حبرا

حالك اللون دائما مدرارا

وجميع النبات والقضب يغدو

مثل أقلام كاتب تتبارى

وجميع الورى تجمل كتبا

في حلاه لما حووا معشارا

وبماذا يفوز في وصف بدر

أعجز الوصف حسنه أن يجارى

أيحيط التراب والنبت عدا

أم يعد النجوم والأمطارا

أو يوفوا البحار بالصاع كيلا

أم بقيس الذراع يحصوا القفارا

حسبهم فالمقام أعظم من أن

يجعلوا الحرف يحوي الأسرارا

غير أني قصدت أكرم جار

بمديح قدمته استمطارا

وتطفلت بافتقار وحسبي

أن تطفلت يا كريم افتقارا

فبذلي بفاقتي بخضوعي

بجمى بيتك المعزز جارا

بصفا الدمع بافتضاحي جهارا

بلظى القلب باطراحي مرارا

لا تكلني إلى سواك فقلبي

لم يكلني إلى سواك اضطرارا

أنت حسبي ومن تكن حسبه لم

يعد صبرا ولن يخف أغبارا

لست أرضى سواك مولى وعزمي

أن أنادي عبيدك استصغارا

فأين أمري على السماح ولقن

نطقي العذر وأقبل الأعتذارا

وانصر الدين واحم كل أمير

صان علياه وأخذل الكفارا

وصن الملك بالمليك أبي عمرو

الإمام المرتضى المعزز جارا

وأوله الخير ظاعنا ومقيما

وأكفه الشر ظاهرا واستتارا

وأعنه على القيام بأمر

شئته منه واعضد الأنصارا

واحفظ العهد بالولي أب

عبد الإله الفتى المرفع دارا

واعف عنه وعافه وأنله

ما يرجيه وأكفه الأكدارا

واسعدنه واختم له بجميل

بعد عمر كما يشاء استتارا

وارحم أشياخي الهداة وسامح

والدي الجناة واكف الضرارا

واحرس الأهل والبنين والإخوان

والأصحاب واصرف الأكدارا

وحط المسلمين منك يعفو

بشمل المذنبين والأبرارا

وارحم أمواتهم وبارك عليهم

واشف مرضاهم وفك الأسارى

يا شفيعا في المذنبين إذا ما

زفر الهول واستحر استعارا

يا رسول الإله يا خير هاد

وسع الخلق رحمة واصطبارا

كن شفيعي إذا دعيت لعرض

هوله قد أشاب راس العذارى

كن مجيري إذا الكريم تجلى

بانتقام ليخزي الفجارا

حاش لله أن تخيب صبا

جعل المدح في علاك شعارا

ويضيق النطاق عني وقلبي

أوسع الفكر في حلاك مطارا

أو أرى الدهر نكبة ولساني

في معانيك ينظم الأشعارا

أو يروم الزمان خسفا ومديحي

في معاليك قد ملا الأقطارا

أنا عبد ومادح ومحب

فارع عهدي وراعني إيثارا

أنا ذو عسرة وأنت كريم

فأولني باليمين منك اليسارا

فبمغناك قد أتحت ركابي

ولعلياك قق لجأت فرارا

وبجدواك قد بسطت ردائي

ولنجواك قد شددت الإزارا

فعليك الإله صلى صلاة

تملأ الأرض والسما أنوارا

وعلى الآل والصحابة طرا

ما دعا العبد ربه الغفارا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة