الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » لمرسل الصدغ في خديه آيات

عدد الابيات : 330

طباعة

لمرسل الصدغ في خديه آيات

قامت بتصديق دعواه الأدلات

وللعذارى حديث صح مسنده

إذ خرجته عن الخد الروايات

وللجيش هلال تم نيره

لما أحاطته للأصداغ هالات

وللثنايا عذيب لاح بارقه

يا من رأى البرق تبديه الثنايات

وللحواجب نونات معرقة

لها من خال ان أعجمت نقطات

وللواحظ كرات يفر لها

كذلك الحرب كرات وفرات

وللمعاطف أفنان فنيت بها

وهكذا السمر فيهن المنيات

مليك حسن تراءى فوق وجنته

ليل وصبح ونيران وجنات

وافت إلينا بعزم الوسل مقلته

تدعو بأي حال في الجفن فتوات

بايعته بالحشا طوع الغرام فيا

بشراي إن صح لي في العشق بيعات

وصرت أرجو إهتدا قلب تضلله

من ثغره في دجى الشعر ابتسامات

أضلني بثناياه ومن عجب

إن النجوم به ترجى الهدايات

مفضض الثغر في دينار وجنته

يا كم بدت بعيون الناس حبّات

من ثغره متعبي بالعدل عنفني

فقلت دعني فلي في الثغر راحات

شهد وراح وسلسال وعنبرة

تفند عنها ثغور لؤلؤيات

عنها الصحاح رواها الجوهري فلا

ترتب فتلك الصحاح الجوهريات

لدن المعاطف قاسي القلب قلت له

ما فيك يا غصن كالغصن انعطافات

كأنه غصن بان حامل فلكا

والبدر والشمس في خديه زهرات

أصداغه عطفت نحو الهوى كبدي

ولم أخل أنها للعطف واوات

غصن يميل إلى الواشي ولا عجب

فللغصون كما قد قيل ميلات

يا كم أمالت قسيمات الدلال وهل

الا لكسر الحشا تلك الامالات

وكم ثنى الفات الوصل معطفه

فجئن بالقطع للأصداغ همزات

ما كنت أعلم لولا سحر مقلته

أنّ الجفون لها كالبيض فتكات

ولا تحققت لولا لين قامته

أن القدود لها كالسمر رشفات

ما صال أو غض إلا وارعوت خجلا

صيد السرى والظباء الحاجريات

ولا انثنى أو بذا إلا له واعترفت

باللبن والحسن أقمار وبانات

شكل تكون من شمس ومن غصن

لذا استدارت له الأقمار دارات

بالروح في حبه قامرت حين بدا

من وجهه في ليالي الشعر قمرات

مضرج الخد لدن العطف تحسبه

غصنا علته من الأزهار وردات

مكحل اللحظ صافي الجيد سن لنا

نهج النفار وللغزال نفرات

لم يلتفت لي بوصف من محاسنه

وللظباء كما قالوا التفاتات

هلال حسن على بانات معطفه

لطائر القلب أنات ورنات

ان ماس فالغصن بعدوه العوج أو

يلتاح فالشمس تعلوها الخسوفات

كأنه الروض تجلوه المحاسن أو

كأنه البدر تبديه الكمالات

ويلاه من سحر عينه التي غزلت

للصب ثوبا له بالسقم صحات

تغزوا اقتدارا وترنوا عن مخادعة

فهي العيون القويات الضعيفات

جوارح نصبت أجفان مقلتها

على انكسار وللكسران نصبات

كواسر فتكت بالقلب إذ وثب

وللأسود كما قد قيل وثبات

قواهر سكنوا مصر الحشا فحلوا

أليس هن الحوالي القاهريات

يا أس عارضه في ورد وجنته

هل زخرفت بك في النيران جنات

ويا ظبى لحظه في غمد شرفته

أما أوتكم من العشاق مهجات

ويا قتيلا بسيف اللحظ زد فرحا

فللقتيل بسيف اللحظ فرحات

ويا مدير الطلا عني إليك فلي

بدمع عيني عن الصهبا صبابات

لا أشرب الدمع إلا أن تفنيني

ورق لها في ذرا الأيك انتقالات

طورا تنوح وطوار في الأراك لها

زجل وسجع ونغمات ونقرات

من كل أخطب مصدوع الفؤاد له

في منبر الأيك صدعات وصدحات

خطيب حب تداعاه الهوى فله

في الليل نوح وفي الصباح أنات

تقمص الليل ثوبا وارتدى حللا

حيكت لها بيد الأضوا ضرارات

مكحل العين مخضوب اليدين له

بالمسك طوق وبالصهبا لثامات

مروع القلب قوام على قدم

مفرح القلب أوهته النياحات

كأنه عابد في راس صومعة

لوقع تسبيحه في القلب نزعات

أم راهب في أعالي ديره قلق

لقرع ناقوسه في الليل رنات

أو سامر حبشي في الدجى غرد

على له في أعالي الصور صرخات

ألقي السحاب له أذنا يسمعه

حتى السحاب له للطير أنصات

حيث الرياض له من زهره حمم

ومن ثمار دواليه ذؤابات

وحيث ورق الحمى في القضيب قد

صدحت وللقيان على العيدان صدحات

وحيث أوراق أغصان النقا صحف

لها من الطل أعشار وآيات

وحيث طي النسيم المدلي له

رسائل نشرت فيها اللطافات

وحيث بان اللوى بانت معاطفه

كأنهن رماح سمهريات

وحيث غدر الربا انسابت جداولها

كأنهن سيوف مشرفيات

وحيثما الورد سلطان له رفعت

من مونق الزهر شطفات ورايات

وحيثما النرجس المبهوت تحسبه

صحاف ورق بالتبر شمسات

وحيث مبسم زهر اللوز قد لمعت

بروقه إذ بدت منها ابتسامات

وحيث سلسال هاتيك المياه لها

بين الخمائل دورات وفتلات

وحيث عرب الحمى قد أرسلوا مقلا

شنت بها في عقول الناس غارات

تبسموا ورنوا عجبا وقد خطروا

فهن زهر وأغصان وغادات

أرخوا ذوائبهم لما بدوا فحلا

سهدى وقد أقمرت تلك الدجنات

وما شهدت شموسا في الدجى طلعت

حتى أحيلت عليهن الذؤابات

ذوائب صار لي من ليلهن ومن

صبح المياسم صبحات وغبقات

لما سعت خيلت لي أنها لسعت

ما تلك إلا على الكثبان حيات

استودع الله في أكنافهم قمرا

له الأضالع أفلاك وهالات

يا مدعي الحب قف واسمع حديث شيح

له على طرف الأهوا اشتمالات

أنا الذي اتبع العشاق شرعته

وعنه قد ظهرت في الحب حالات

حدث عن البحر ما أبدت جفوني أو

أنقل عن النار من تخفى الحشاشات

لي في لأسى والجوى أحوال متصل

وفي الهوى ومعانيه مقامات

لا عيب في سوى أني امرؤ غزل

أهوى الجمال ولي فيه مقالات

وأعشق الحسن في كل الذوات ولي

في كامل السر والمعنى مقالات

كم باللوى والطلا والعطف مر لنا

بين النقا والحمى والبان أوقات

وكم بلثم الثنايا والخدود مضى

في الإبريقين وفي نعمان ميقات

سقيا لتلك اللويلات التي سلفت

كأنها فوق خد الدهر شامات

لما حلت صغرت فاسعظمت فلذا

أقول يا حبذا تلك اللويلات

قد ألحق الدهر بالماضي حلاوتها

كأنها في حواشي العمر غلطات

مرت كأن لم تكن قضيتها حلما

ما تلك إلا كما قالوا مقامات

يا ليلة السفح هلا عدت ثانية

فالعود فيه لذي الأشواق لذات

ويا نسيم الصبا هل شمت بارقة

من جابن الحي أهدتها الرسالات

ويا مغاني اللوى هل تذكرين وقد

غنت لنا في ذرا الأيك الحمامات

ويا حمام الحمى كرر حديثك لي

فلذة الحب أخبار معادات

ويا عريف النقا رقوا فقد لعبت

بصبكم في حمى ليلى الصبابات

متيم لو براه السقم ثم وفى

منكم سلام لوافته السلامات

ولو ثوى في غيابات اللحود وقد

حييتموه لأحيته التحيات

يا حبذا زمن في الشعب مر وقد

هبت علينا من الوادي نسيمات

وحبذا زمن الاحرام حيث حلت

للمحرمين بلبيك المناجاة

وحبذا العيش في أكناف مكة إذ

طابت لنا بمنى والخيف ساعات

وحبذا عرفات الخير حيث همت

بوابل العفو للعاصي سحابات

وحبذا حبذا في طيبة زمن

دارت علينا به للقرب كاسات

حيث الحبيب نديم والمقام حمى

والراح في كاسها نفي واثبات

فشعشعت في يد الساقي فقلت له

هذي شموس أنارت أو سلافات

مصونة حجب الأبصار نيرها

أما ترى الشمس صانتها الأشعات

صهباء لم تصحب الأحزان شاربها

لو مسها الصلد مسته المسرات

راح تريح من الآلام نشأتها

كأنما هي للأرواح راحات

تحجبت بسنا الأرواح صورتها

عن العقول فأبدتها اللطافات

بكر أرت كل شيء في مظاهرها

كأنما هي للأشياء مرآة

قالوا هي الروح قلت الروح تعشقها

وكيف لا ولها منها امتدادات

قالوا هي العقل قلت العقل يخدمها

وكم عليها لواليها ولايات

قالوا هي النور قلت النور ما صنعت

منها زجاجاتها الغر النفيسات

قالوا هي النار قلت النار تطفئها

بالما وهذي لها بالما استعارات

قالوا هي قلت الماء برقعها

وكم لها نسجت منها غلالات

قالوا هي الكون قلت بالكون نشأتها

وكم لها في وجود الكون آيات

قالوا هي اللوح قلت اللوح قد رسمت

فيه لأسمائها طرق خفيات

قالوا هي الفلك الدوار قلت لهم

يا كم عليه لها منها إحاطات

قالوا هديت هي الكرسي قلت لهم

لنور مصاحبها الكرسي مشكاة

قالوا هي الفلك الأعلى المحيط فقل

يا ما عليه لها منها احاطات

قالوا هي العرش قلت العرش مركزها

وكم لها بأعاليه استواءات

قالوا فصفها فقلت الوصف يعجز عن

إدراك ما قصرت عنه العبارات

قالوا ففيم ترى حسنا فقلت لهم

في كل شيء تراءت وهي مرآة

فلو على أكمة دارت لأبصرها

في الكون وانكشفت عنه العمايات

ولو إلى مقعد زفت لقام على

الأقدام يسعى ولم تقعده آفات

ولو على الصم يتلى حزب سورتها

لأسمعتهم معانيها التلاوات

ولو إلى أخرس ألقوا صحيفتها

للذ في السمع من فحواه نغمات

ولو على دنف هبت نسيمتها

لأبرأته ولم تسقمه عاهات

بها لآدم هب العفو وارتفعت

بها لإدريس في العليا مقامات

وألبست شيت من أثوابها حللا

كما بنوح بها صحت إجابات

وألحقت صالحا بالصالحين وكم

أهدت لهود حروفا هن آيات

وخصصت لوط بالتأييد وانتشرت

على الخليل بها للصدق رايات

وللذبيح أبانت رشده فنجا

وكم بها استحق حفته عنايات

وآنست يوسفا في الجب واتضحت

بها لعيقوب هاتيك الإشارات

وقد ألانت لداود الحديد كما

بها لسليمان خصته ولايات

وأنقذت يونسا لما أناب وكم

بها لذي الكفل قد عدت كرامات

وقد هدي اليسع الزاكي بها ولكم

بها للقمان قد صحت مقالاتن

وشاهد الخضر معناها فهام وكم

بها أبيح لذي القرنين خيرات

وكم تزكى بمعناها شعيب كما

لذت لموسى بها تلك المناجاة

وأيّدت يوشعا بالشمس وارتفعت

عن العزيز وهارون الملامات

ونول إلياس ومن راوونها قدحا

به لأيوب قد وافت سعادات

وبشرت زكريا الحصور وكم

وكم قامت لعيسى بها إذ شاء أموات

وللحبيب تجلى وجهها فبدت

للشكر منه ركوعات وسجدات

محمد أحمد خير الأنام ومن

خصته في الذكر أوصاف شريفات

طه أبو القاسم المختار من شرفت

به البسيطة والسبع السموات

الحاشر العاقب الماحي الذيب محيت

عن الورى بمواضيه الغوايات

الفاتح الخاتم الطهر الذي ختمت

به النبوءة فضلا والرسالات

الظاهر الباطن النور الذي بهرت

أنواره فانجلت عنا العمايات

الأكرم الرحمة العظمى الذي رحمت

به البرية أحياء وأموات

الأحلم العروة الوثقى الذي عظمت

به المقامات فضلا والمقالات

روح العوالم مبد روح نقطتها

نجم الهدى نشأت منه السعادات

إكسير كنز المعالي عند جوهرها

فمجده الدر والأكوان لبات

ذات الجمال جمال الذات عنصره

مصباح نور له الجثمان مشكاه

نور الجلال جلال النور طينته

يا كم سقتها من التسنين فيضات

عين الكمال كمال العين جوهره

فرد لذا لم تكن فيه انقسامات

أزج أبلج أقنى الأنف قد بسمت

منه عن اللؤلؤ الرطب الثنايات

محبب الثغر حلو الشكل منطقه

عنه الفصاحة تروى والبلاغات

مضرج الخد لدن القد تحسبه

غصنا تفتح في أعلاه وردات

أر أشب ساجي الطرف لو فرضت

ملاحه ما تعدته الملاحات

أشم أحرى شريف النفس قد خضعت

لترب أفعاله الشم الرفيعات

عبل الذراع ندي الكف ملتفت

عن جيد ظبي خلت منه التفاتات

ضخم الكرادس رحب الصدر منعطف

عن عطف بان زهت منه انعطافات

زاهي الجبين سواء الصدر تعضده

حلاوة مزجت فيها طلاوات

مكمل الذات زاكي النفس معتدل

زكت بمعنى حلاه النفس والذات

لا حسن إلا ومنه يستمد ولا

بدر فللبدر بالشمس امتدادات

كأنه الشمس تعلوه الجلالة أو

كأنه البدر تبديه الكمالات

خلاصة الحق خير الخلق من شهدت

له الوحوش وحيته الجمادات

لولاه لم تكن الدنيا وضرتها

لولاه لم تك نيران وجنات

لولاه لم تسر في الآفاق داجنة

لولاه لم تزه في الأرض النباتات

لولاه ما لمعت في الغيم بارقة

لولاه لم تسكب القطر النباتات

لولاه ما طلعت فينا شموسه

لولاه ما انكشفت عنا الضلالات

لولاه ما كان نجم لا ولا فلك

ولا وهاد ولا غور وأكمات

ولا أناس ولا جن ولا ملك

ولا سماء ولا أرض وأنبات

ولا صباح ولا ليل ولا سحر

ولا شموس وأقمار وروضات

ولا حروف ولا لوح ولا قلم

ولا معان ولا لفظ وأصوات

ولا صلاة ولا صوم ولا نسك

ولا زكاة ولا محو وإثبات

فاق الورى في مقامات الكمال وكم

بدت له في مجاري السبق غايات

تجمعت فيه أوصاف الجمال كما

تفرقت في معانيه الكمالات

أراده الله محبوبا لحضرته

فكان ذاك وللّه الإرادات

دعاه في ليلة المعراج خالقه

لحضرة حضرت فيها السعادات

وسار من فرشه فوق البراق إلى

عرش أحاطته للبارى عنايات

وأم بالرسل والأملاك ثم رقى

مرقى له العز والتأييد مرقاة

وصار مخترقا حجب الجلال إلى

أن شرفته يا عبدي الإضافات

وكان قاب أو أدنى حين خاطبه

في مشهد رفعت عنه الحجابات

وشاهد الله جهرا واصطفاه بما

لم تحو تعبير معناه العبارات

وخصه بأمور ليس يحصرها

عد ولو كثرت فيها الحسابات

ناداه سل تعط أو قل يستمع كرما

واشفع فلولاك لم ترج الشفاعات

وعاد في ليل مسراه لمضجعه

والأفق لم تنكشف عنه الدجنات

من هزّ إيواه كسرى عند مولده

من السرور وللفروحات هزات

وماء ساوة لم ينضب سوى جزع

إذ لم تسل منه في البطحا وديات

ونار فارس لم يخمد تلهبها

حتى رمت جنها الشهب المبيدات

يا كم به بشر الكهان وارتقبوا

بزوغ نجم لنا منه انفعالات

فهو الشفيع الحبيب المصطفى كرما

من لم تحد عن معاليه السيادات

وهو الذي كان قبل الكون فاحر به

بداية حصرت فيها النهايات

وهو الذي أمن الجاني وروع من

خطت عليه من الله الشقاوات

وهو السراج المنير المستضاء به لذا

ك زيح به ظلم وظلمات

وهو الذي سبحت في وسط راحته

صم الحصى وله قد درت الشاة

وهو الذي ما مشى في حرها جرة

إلا وقته من الرمضا غمامات

وهو الذي أنبع السلسال من يده

وكم به خرقت للخير عادات

وهو الذي أبرأ الأعمى بنفثته

وكم بها شفيت في الخلق عاهات

وهو الذي عاد جلال الغاب في يده

سيفا تقط به للكفر هامات

وهو الذي استنطق العجمي وحن له ال

جذع اليسير وجاءته السحابات

أعاد ملح أجاج الما بنفثته

عذبا سواغا له في الشرب لذات

وأوقف الشمس يوم الأربعاء كما

قد ردها حين أقصتها الموارات

وأنقذ الظبية الغراء حين شكت

ما أضرمته بأحشائها الحبالات

وردّ شق خبيب كيف كان وفي

راح ابن عفراء للمرتاب راحات

في الكتب والصحف والألواح لاح له

أمر غريب وأحوال بديعات

وفي الصبا والحيا والانشقاق وفي

الأسرار وفي الغار آيات جليات

وفي البعير وفي المولود معتبر

لمهنّد لم تشككه الخيالات

وفي الذراع وشاة الذئب مستند

لمخبر نقلت عنه الروايات

وفي الكثيب وفي در العناق وفي

شاة أم معبد أسرار جليلات

وفي قتادة والعرجون معتمد

لمبصر عنه لم تخف الإشارات

وفي الصواع وفضل الزاد ما خرقت

فيه عوائد وانكفت مجاعات

وفي مراودة الشم الجبال له

وفي الكنوز لذي الأرا أدلات

وفي ركانة ما لم يخف عنك وفي

أهل القليب وقد باءوا اعتبارات

وقصة الضب والصياد دامغة

لراس كل جحود فيه إعنات

وفي ولادته ما قد قضى عجبا

لمن له ظهرت تلك العلامات

وفي حليمة إذ جاءت لترضعه

وأم أيمن قد بانت إمارات

وفي خديجة والزهراء ووالدها

وفي البنين وفي الأزواج آيات

وفي حنين وفي بدر وفي أحد

وفي مريسيع أحوال عظيمات

وفي قريظة والأحزاب كم ظهرت

وفي تبوك له بالفتح حالات

وفي الحضير ويوم الطائف انتصرت

أعلامه وانجلت للكفر ليلات

وفي الوفود خصوصا بنت حاتم ما

قضت به عجبا تلك الوفودات

سهم نضا في سما الهيجا بشموس ظبا

لها الجماجم أفلاك مدارات

قامت لمبعثه الدنيا على قدم

وانهد للشرك أركان وأبيات

وكم به صلحت والله مفسدة

وكم به كشفت والله أزمات

وكم به خذلت للشرك صائبة

وكم به أيدت للدين دعوات

وكم به طويت للزيغ مرتبة

وكم به نشرت للحق رايات

أي النبيئين لما إن قضوا قضيت

وآية لم تزل فهي المنيرات

يبلي الزمان ولا تبلى مآثرها

فهي البواقي الجديدات العديدات

أقام للدين آراء مقومة

لشبهها في مجاري الهدي جولات

وأمن الأرض بعد الخوف فاتسعت

حتى تلاعب فيها الذئب والشاة

إن طال أو جال في يومي ندى وردى

فالناس أكياس والأغماد هامات

أو عبس الحرب وافى وهو مبتسم

يولي المكافات والدنيا مكافات

ما أرعدت في سما الهيجا بوارقه

إلا همت بالدما منها الجراحات

ولا استغاث العدا في النقع من ظمإ

إلا سقتهم عزاليها الرزيات

رمت أعادي الهدى عن قوس عزمته

سهام رأي لها فيهم غصابات

وأعمل السيف فيهم فاغتدوا جزرا

في كل جارحة منهم جراحات

حاقت بهم سيئات المكر إذ مكروا

لذاك ضاقت بهم بيد فسيحات

لبيضه وأياديه إذا عملت

يوم الندى والردى محو وإثبات

هي المواضي فإن جردتها انقلبت

حروف جزم لها بالفتح نصبات

وهي البروق إذا ما شيمتها

تنهل منها الأماني والمنيات

ليث يقود إلى الهيجا ليوث وغى

صارت لهم بالظبا والسمر غابات

من كل شهم إذا تبدو الكماة له

ينقض كالنسر تدعوه الفريسات

لا يرتضون سوى دين الإله ولا

يخشون إن أحيلت للكفر غيطات

فهم هم ما هم إن رمت تسأل عن

أوصافهم فهم الشهب المنيرات

المانعون ببيض الهند يوم وغى

حمى أولي الدين إن تغشان غارات

والمعجمون حروف الجسم إن كتبت

رماحهم صحفا فيها البليات

والملبسون ثياب الذل كل كم

صبت عليهم لهم بيض عربات

السادة الصيد من أنبا بوصفهم

نص الكتاب فهم صيد وسادات

رجال صدق وفوا الله ما عهدوا

فهم أولوا الحق أحياء وأموات

أشدة رحماء طيبون لهم

في الذكر والله أوصاف جميلات

شم كماة دعاة أبحر سحب

صيد صدور حماة الحرب قادات

زهر هداة عيون أنجم درر

غر كرام سراة الحي سادات

سادوا بصحبة من ساد الورى ونمت

بهم لذا الفخر أنساب عريقات

من مثل شيخ التقى الصديق من صدقت

ألفاظه ومعانيه الجليات

أو مثل نجم الهدى الفاروق من فرقت

منه الشياطين واعتزت ديانات

أو مثل عثمان ذي النورين من شهدت

في الدار أحواله الغر النفيسات

أو مثل حيدر باب العلم من عظمت

في الخلق أوصافه الزهر المنيات

أو مثل عميه أو سبطيه في شرف

وكيف وهم منه امتدادات

أو مثل أزواجه أو مثل عترته

هيهات أين الدراري والدجنات

أو مثل أصحابه والتابعين وقد

سمت بهم في سما العليا مقامات

يا غافلا لم يفق من سكر غفلته

نبه حجاك فللغفلات حسرات

ويا نؤوما عن الأمر المراد أفق

من المنام فللنوام هبات

ويا ضليلا عن النهج القويم أما

هدتك للمقصد الأسنى دلالات

ويا طريدا أرى الخذلان يقعده

أما أقامتك للتوفيق عزمات

ويا حريصا على الأموال يجمعها

خفض عليك فللمال انتقالات

ليس البعيد الذي أقصته ثروته

بل البعيد الذي أقصته زلات

لا تطمئن لدنيا قابلتك بما

تريد منها فللدنيا انقلابات

هي الغرور فلا تأمن كواسرها

فقد فرسن وللصيد افتراسات

ماذا الركون لدار رسمها خرب

وللدرى في مجاريك مجالات

دار متى أضحكت أبكى تقلبها

وهكذا الدهر تارات وتارات

إلى متى أنت يا مغرور تمرح في

مهامه نصبت فيها الحبالات

كيف المقام بوكر طير حادثه

له إلى الركن عودات وروحات

أما ترى الشيب قد أبدت عساكره

طلائعا قدمتهن المنبات

هو النذير فحاذر أن يغرك ما

يلهيك عنه فللآجال ميقات

فراجع العقل وارم الجهل عن عرض

ففي النهى لذوي الأهوا نهايات

وارجع إلى الله واجبرما أضعت وتب

ففي المتاب من الآثام منجاة

وقف على الباب واذر الدمع واصف وسل

بالهاشمس توفيك الإجابات

فهو الشفيع إذا ضاق المقام لم

تنجع مقام ولم تنفع مقالات

جبر الكسي مجير المتستجير به

غوث الطريد إذا أقصته نكبات

عز الحقير مجيب السائلين له

كنز الفقير إذا أعيته فاقات

ما رامني الدهر خسفا واستغثت به

إلا نجوت ووافتني مبرات

ولا عصاني زماني والتجأت له

غلا أطاع وحفتني عنايات

ولا تكاثف سقمي واحتميت به

إ لاشفيت وعمتني المعافاة

فهو الكريم الذي يممت ساحته

فيممتني أياديه الكريمات

وهو الجواد الذي ما أمه لهف

إلا وجادته من جدواه مزنات

وهو البشير الذي ما أم وجهته

ذو حزن إلا وأمته المسرّات

وجهت وجه مديحي نحو وجهته

فصح لي منه جاهات ووجهات

ذو الجود كم راش مداحا وطوقه

فلا يزال له بالشكر سجعات

خدمته بمديح كي أجاز وهل

إلا على مدحه ترجى الإجازات

ومن يرى المدح في طه تجارته

يفز بربح به تزكو التجارات

عمت أياديه كل المادحين وكم

وفت لهم من أياديه مجازات

أما ترى كعب إذ أنشا سعاد وفى

مرقىالكرام وعمته السعادات

كذاكَ حسان في عدن رقى غرفا

بالمدح فيه وحفته العنايات

فحسب مملوكه جهد استطاعته

وأن يكون له فيه امتداحات

حاشا مكارمه أن يقص ذا مدح

له على الباب بالتطفيل وقفات

أو يرجع المدح كلا من عطيته

وهو الذي ترتجى منه العطيات

وما عسى يبلغ المداح فيه وقد

جاءت بمدحته في الذكر آيات

لكن تطفلت في مدحي عنه وما

خاب امرؤ يممته منه مدحات

ومنذ أعملت في أوصافه فكري

هبت عليّ بها للعفو نسمات

فقام عني لسان الحب يشكره

بالمدح والشكر للنعما وقايات

بشراك يا من غدا في حبه كلفها

أن قد أحاطتك للمولى رعايات

وليهنكم يا بني الأمداح أن لكم

به أعدّ عطيات سريات

يا أكرم الخلق يا أوفى الورى صلة

حسبي امتداح آثارته المحبات

أو ليتني في الكرى رحبا أمنت به

مما أخوفه والخير عادات

يا أعظم الناس قدراً مشتكي كمد

عدته دونك حاجات مجيحات

يا أصبح الناس وجها عج علي بما

أرجو فقد سودت وجهي الخطيات

يا أجود الناس كفا جد علي فلي

على شفاعتك العظما اعتمادات

يا أرأف الناس قلبا من إليّ فلي

قلب عرته لعصياني القساوات

يا أوسع الرسل جاها إنني دنف

قد أوبقتني أوزار وزلات

أنا الغريب الذي أقصاه مؤنسه

أنا الكئيب الذي ساءته حالات

أنا الضليل إلي حارت أدلته

أنا العليل الذي أعيته صحات

ما حيلتي وما اعتذاري إن سئلت وقد

أحنت ضلوعي آثام عظيمات

أم كيف حالي ولم أحتل لمنقلبي

ما شاء كان ولله المشيئات

لكن ظني جميل بالإله ومن

يحسن الظن تكنفه الرعايات

يا أرحم الراحمين العفو من لغو

لم يرو عنه لداعي الخير إنصات

يا أرحم الراحمين العفو من لعم

قد زحزحته عن الرشد الغوايات

يا ألطف اللطفا ألطف بي فقد رشقت

سهام وزر لها في القلب فتكات

يا أحلم الحلما أكشف ما اعترى بصري

فقد توالت على لحظي غشاوات

يا أكرم الكرما اختم بالرضا عملي

فقد توالت على هلكي الجنايات

يا رب واكلا أمير المؤمنين أبا

عمرو الرضا من به ترعى الخلافات

واعضده بالنصر والفتح المبين وجد

له بجدوى بها تولى الكرامات

واحرسه من حاسديه وارحم حوزته

وكن له إن دحت للخطب ساعات

وحط معانيه من عين الكمال فقد

تجمعت للمعالي فيه أشتات

واحفظ به شرعه الإسلام واحم به

سرح الخلافة أن تغشاه غارات

ليصبح الدين تجلوه اسرته

ويغتدي الملك تعلوه المهابات

وصن حمى عبدك المسعود وارع له

ولاية صدرت عنها الولايات

واسعده واسعد به واصلح رعيته

وأوله ما ب ترجى السعادات

والبسه ثوب البها والعز واجر به

سحاب جود به تحيا البريات

والطف به واعف عنه وأته كرما

مواهبا أودعت فيها العبارات

واخلف على خلوف وأته مننا

لا من تبديه فيها الإمتنانات

واغفر له واقض عنه دينه وأفض

عليه سحبا بها للخير سحات

وامنن بعود إلى القبر الشريف عسى

تقضي به في حمى طه لبانات

واحفظ بني وسامح والدي وعز

ز المسلمين فللإسلام عزّات

والطف بأشياخي الزهر الهداة وجد

بالعفو عنهم فللأشياخ حرمات

وصل تترى على المختار ما طلعت

شمس الضحى وانجلت عنها الدجنات

ووال سحب الرضا للآل تكرمة

والصحب ما غردت في البان ورقات

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة