الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » تراءت لعيني وهي بالشعر تحجب

عدد الابيات : 61

طباعة

تَرَاءَتْ لِعَيْنِي وَهيَ بِالشَّعْرِ تُحْجَبُ

فَخِلْتُ شُعَاعَ الشَّمْسِ يَعْلُوهُ غَيْهَبُ

وَلَمْ تَحْتَجِبْ بَعْدَ الظُّهُورِ وَإنَّمَا

يِتَنْزِيهِهَا عنْ ذَاكَ طَرْفِي يُكَذّبُ

وَمَا هِيَ إلاَ الشَّمْسُ في الأفْقِ أشْرَقَتْ

بُدُورُ سَنَاهَا بَعْدَمَا كَادَ يَغْرُبُ

مَهَاةٌ رَعَتْ حَبَّ القُلُوبِ فَمَالَهَا

تَرُوعُ نِفَاراً وَهْيَ للأنْسِ تُنْسَبُ

وَكَلَّمَتِ الأحْشَا بِمُوسَى لِحَاظِهَا

فَأصْبَحْتُ مِنْهَا خَائِفاً أتَرَقَّبُ

وَعَذَّبَ قَلْبِي دَلُّهَا بِنَعِيمِهِ

وَلَمْ أدْرِ أنِّي بِالنَّعِيمِ أعَذَّبُ

وَأبْدِلْتُ مُزْنَ الدَّمْعِ في القَلْبِ جَوْهَراً

ألَمْ تَرَهُ بِالْهُدْبِ قَدْ عَادَ يُثْقَبُ

وَبِي سَاحِرُ الأجْفَانِ أمَّا قَوَامُهُ

فَلَدْنٌ وَأمَّا ثَغْرُهُ فَهْوَ كَوْكَبُ

حَكَى حُسْنَهُ بَدْرُ الدجَى مُتَكَلِّفاً

وَرَاحَ بِهَاتِيكَ الحِكَايَةِ يُعْرِبُ

وَظَنَّ دُخَاناً مِثْلَ حُمْرَةِ خَدّهِ

ألَيْسَ رَآهَا جَمْرَةً تَتَلَهَّبُ

أعِدْ نَظَراً فِي خَدّهِ وَعِذَارِهِ

تَرَ عَسْجَداً بِالاَّزَوَرْدِيّ يُكْتَبُ

وَسَلْ ثَغْرَهُ المَعْسُولَ عَنْ لَعَس بِهِ

وَإلاَّ عَنِ الصَّهْبَاءِ بالمِسْكِ تُرْسَبُ

فَوَجْنَتُهُ وَالثَّغْرُ نَارٌ وَكَوْكَبٌ

وَطَلْعَتُهُ وَالشَّعْرُ صُبْحٌ وَغَيْهَبُ

وَقَامَتُهُ وَالرِّدْفُ غُصْنٌ وَبَانَةٌ

وَمُقْلَتُهُ وَالصدْغُ سَيْفٌ وَعَقْرَبُ

حَمَانِي اللَّمَى فَاعْتَضْتُ عَنْهُ مُدَامَةً

وَخَمْرُ اللَّمَى عِنْدِي ألَذ وَأعْذَبُ

وَأذْهَبَ عَقْلِي مِنْهُ ثَغْرٌ مُفَضَّضٌ

فَلِلَّهِ عَقْلٌ بِالْمُفَضَّضِ مُذْهَبُ

وَأقْسِمُ لَوْلاَ شَاقَنِي خَمْرُ رِيقِهِ

لَمَا رَاقَنِي ثَغْرٌ مِنَ الكَأسِ مُذْهَبُ

أيَا زَائِراً وَاللَّيْلُ يَخْضبُ فودَهُ

وَوَلَّى وَفَرْعُ اللَّيْلِ بِالصبْحِ أشْيَبُ

لَدَى رَوْضَةٍ لَوْلاَ فَصَاحَةُ وُرْقِهَا

لَقُلْنَا كُنَاسٌ وَالْحَمَائِم رَبْرَبُ

إذَا أحْدَقَتْ أحْدَاقُ نَرْجِسِهَا تَرَى

دَنَانِيرَ في وَسْطِ الدَّرَاهِمِ تُضْرَبُ

كَأنَّ بِهَا الأنْهَارَ رُقْشٌ أرَاقِمٌ

إذَا مَا جَرَتْ فِيهَا تَخُوضُ وَتَلْعَبُ

تُهَدّدُهَا أغْصَانُهَا بِرُؤُوسِهَا

فتَنْظُرُ مِنْ طَرْفٍ خَفِيّ وَتَهْرَبُ

كَأنَّ بِهَا النِّسْرِينَ أقْدَاحُ فِضَّةٍ

بِتِبْرِ المُحَيَّا لِلْحُمَيَّا تُذَهَّبُ

كَأنَّ بِهَا الرَّيْحَانَ نَقَشُ أنَامِلٍ

تُطَرَّقُ بِالْمِسْكِ الذَّكِيّ وَتُخْضَبُ

كَأنَّ بِهَا لِلْبَانِ جَيْشاً يَحُفُّهَا

كَمَا حَفَّ لِلْمَسْعُودِ بالسُّمْرِ مَوْكِبُ

مَلِيكٌ أفَادَتْ سُمْرُهُ كُلَّ خَاطِبٍ

على كُلّ عُودٍ كيفَ يَدْعُو وَيَخْطُبُ

وَبَدْرٌ لَهُ وَجْهٌ تَهَلَّلَ بِالْحَيَا

كَمْا انْهَلَّ مِنْ كَفَّيْهِ بالجودِ صَيِّبُ

وَغَيْثٌ لَهُ فِي كُلّ أفْقٍ مَوَاهِبٌ

تَكَادُ بِهَا الأرْضُ الجَدِيبَةُ تُخْصِبُ

وَلَيْثٌ أرَادَ اللَّيْثُ يَحْكِيهِ شِدَّةً

وَكَيْفَ يُضَاهِي الصّيدَ في البَأسِ ثعْلبُ

إذَا انْسَابَ فِي تَدْبِيرِ رَأيٍ تَرَادَفَتْ

لَهُ فِكَرٌ يَنْجَحْنَ أيَّانَ يَذْهَبُ

أرَانَا طِبَاقَ المَالِ وَالْمَجْدِ فِي الوَرَى

فَذَلِكَ مَبْذُولٌ وَهَذَا مُحَجَّبُ

وَجَانَسَ مَا بَيْنَ القِرَاءَةِ والْقِرَى

فَلِلْجُودِ مِنْهُ وَالإجَادَةِ مَذْهَبُ

إذَا اسْتَمْسَكَتْ مِنْهُ الأمَاني بِنَاصِرٍ

فَبُشْرَى الأمَانِي أنَّهَا لَيْسَ تُكْذَبُ

أذَلَّ خُطُوبَ الدَّهْرِ قَهْراً فَكَفَّهَا

بِبَأسٍ يُعَيِّي كُلَّ خَطْبٍ وَيُتْعِبُ

رَمَاهَا بِعَزْمٍ فَانْجَلَى خُطَبَاؤُهَا

فَلَوْ رَامَهَا الإصْبَاحُ أعْيَاهُ مَطْلَبُ

وَلِلنَّقْعِ فَرْعٌ بِالْعَجَاجَةِ أسْحَمٌ

وَلِلْجَوّ فَرْقٌ بِالأسِنَّةِ أشْيَبُ

وَلِلْعَضْبِ مَتْنٌ بِالْفُلُولِ مُنَقَّشٌ

وَلِلرمْحِ كَف بِالنَّجِيعِ مُخَضَّبُ

إذَا دَعَتِ الحَرْبُ العَوَانُ سِنَانَهُ

جَلاَ أفْقَهَا وَاللَّيْلُ بِالْهَامِ يَلْعَبُ

وَإنْ ألْقَتِ الهَيْجَا القِنَاعَ تَبَشَّرَتْ

وُجُوهُ عِدَاهُ بِالْحُتُوفِ تُنَقِّبُ

وَإنْ ضَحِكَتْ بِشْراً مَبَاسِمُ ثَغْرِهِ

رَأيْتَ وُجُوهَ السُّمْرِ كَيْفَ تُقَطِّبُ

وَإنْ أمَّ صَفَّا لِلْقِتَالِ مُكَبِّراً

يُصَلِّي العِدَى نَاراً مِنَ الحَرْبِ تُلْهِبُ

وَإنْ قَادَ أبْطَالَ العَسَاكِرَ حَلَّقَتْ

نُسُورٌ عَلَيْهَا حَوْمُهُنَّ مُجَرّبُ

جَوَارِحُ قَدْ أيْقَنَّ أنَّ جُيُوشَهُ

إذَا مَا الْتَقَى الجَيْشَانِ لاَ بُدَّ تَغْلِبُ

لَهُنَّ عَلَيْهِ عَادَةٌ قَدْ عَرَفْنَهَا

إذَا أصْبَحَ الخَطِّيُّ بِالدَّمِ يَكْتُبُ

مِنَ القَوْمِ فَاتُوا النَّاسَ سَبْقاً إلَى العُلَى

ألَيْسَ لَهُمْ تُعْزَي المَعَالِي وَتُنْسَبُ

كَأنَّ لَهُمْ فِيهَا طَرِيقاً مُسَهَّلاً

وَغَيْرُهُمُ فِي الحَزْنِ يَأتِي وَيَذْهَبُ

بِعَدْلِهِمُ صُلْحُ الضَّرَاغِمِ وَالظِّبَا

وَبَيْنَ النَدَى وَالوَفْرِ بَكْرٌ وَتَغْلِبُ

أيَا مَلِكاً لَمْ يَعْرِفِ القَدْر مِثْلَهُ

وَهَلْ هُوَ إلاَّ مِنْ كَمَالٍ مُرَكَّبُ

كَتَبْتَ بِسُمْرِ الخَطّ في أظْهُرِ العِدَى

سُطُوراً رَأيْنَا ضِمْنَهَا النَّصْرَ يُكْتَبُ

وَسَنَّنْتَ لِلأعْدَا سُيُوفاً كَأنَّهَا

إلَيْهِمْ بِإهْدَاءِ المَنَايَا تُقَرّبُ

وَقُمْتَ مَقَامَ الجَيْشِ في مَعْرَكٍ بِهِ

سَنَا البِيضِ يَطْفُو فِي الغُبَارِ وَيَرْسُبُ

وَقَلَّدْتَ نَحْرَ الدَّهْرِ دُرّاً سُلُوكُهُ

سُطُورٌ لَهَا فَوْقَ الطُّرُوسِ تَذَهُّبُ

وَحَرَّكْتَ مِنْ إسْمِ المَكَارِمِ سَاكِناً

لأنَّكَ بِالأفْعَالِ لِلْجُودِ تَنْصبُ

سَجِيَّةُ آبَاءٍ كِرَامٍ وَرِثْتَهَا

حَدِيثٌ وَفِقْهٌ عَنْهُ يَرْوِي المُهَذَّبُ

وَنَحْوٌ بِهِ لِلْفَارِسِيّ تَرَجُّلٌ

وَنُطْقٌ بِهِ لِلْمَنْطِقِيّ تَأدبُ

لَكَ اللَّهَ يَا مَوْلاَيَ مِنْ مَالِكٍ غَدَا

يَلِينُ وَيَسْطُو فَهْوَ يُرْجَى وَيُرْهَبُ

تَوَقَّدْتَ ذِهْناً وَاسْتَقَضْتَ مَكَارِماً

فَأعْلَمْتَ أنَّ الشُّهْبَ بِالغَيْثِ تَسْكُبُ

وَشَيَّدْتَ حَظِّي بَعْدَمَا كَانَ وَاقِعاً

وَغَلَّبْتَ سِرّي بَعْدَمَا كَادَ يَذْهَبُ

وَمَا أنْتَ إلا رَحْمَة سَاقَهَا الثَّنَا

إلَيْنَا وَدُنْيَانَا أتَتْ وَهْيَ تَخْصَبُ

فَدُمْ كَافِلُ العَلْيَا لِسَعْدِكَ عَاضِدٌ

وَعَزْمُكَ مَنْصُورٌ وَجِدُّكَ أغْلَبُ

وَشَانِيكَ مَفْقُودٌ وَمِثْلُكَ مُعْدَمٌ

وَبَابُكَ مَقْصُودٌ وَبَذْلُكَ يُرْقَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة