الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » لله قوم بالثبات تدرعوا

عدد الابيات : 49

طباعة

للهِ قَوْمٌ بِالثَّباتِ تَدَرَّعُوا

وَبِكُلِّ جَامِعَةِ الشَّتاتِ تَذرَّعُوا

أَلدَّهْرُ مُنْقَادٌ إِذَا ما صمَّموا

وَالنَّصرُ مِيعَادٌ إِذَا مَا أَزْمعُوا

هَلْ تَعْرِفُونَ عَشِيرَةً خَابُوا وَقَدْ

جَمَعُوا الْقُرَى وَعَلَى الحَقِيقَةِ أَجمَعُوا

مَنْ يَطْلُبِ العَلْيَاءَ يُدْرِكْ أَوْجَهَاً

مُتتَبِّعاً وَالْفَائِزُ المُتَتَبِّعُ

بَعْضُ المُنَى كَالشِّعرِ خَيْرٌ تَرْكُهُ

إِنْ لَمْ يُوَفَّق فِيه إِلاَّ المَطْلَعُ

والمَجْدُ إِنْ لَمْ يُحْلَ مِنْهُ بِطَائِلٍ

كَالوِرْد قلَّ وَمَرَّ مِنْهُ المَقْطَعُ

إِنْ كَانَ بَعْضُ الْبَأْسِ قوَّة أَشْجَعٍ

فَالْبَأْسُ كُلُّ البَأْسِ خُلْقٌ أَشْجَع

وَيَجِلُّ عَنْ نَفْعِ الشُّجاعِ بِلادَهُ

مَا قَدْ يُفِيدُ بِلاَدَهُ المُتَبَرِّعُ

لِلهِ سَانِحَةٌ وَعَبْدُ عَزِيزِهَا

سَنَحَتْ فَأَنْجحَهَا الذَّكِيُّ الأَرْوَعُ

مَنْ قالَ هَذي بِدْعَة قلْ بَدْأَةٌ

فِي الْخَيْرِ أَبْدَهُ مَا تُرَامُ وَأَبْدَعُ

إِنْ لم يَصُنْ خُلُقَ الصِّغارِ مُهذِّبٌ

مَاذا يُحَاوِلُ وَازِعٌ ومُشرِّعُ

أَوْ لَمْ يَكُنْ أَدَبُ السَّجايَا رَادِعاً

لِلنَّاشِئِينَ هلِ العُقُوبَةُ تَردَعُ

فِي كُلِّ قُطْرٍ مَلْجأ أَفَمَا لَنَا

فِي أَنْ نجَارِيَ مَا يُجارَى مطْمَعُ

مَا بَالُنَا نجِدُ الشُّعوبَ أَمَامَنا

وَعلَى مِثَالِ صَنِيعِهمْ لاَ نصْنَعُ

أَشْرِفْ بِبُنْيَانٍ إِلى تَشْيِيدهِ

هُرِعَ الكِرَامُ وَحَقُّهمْ أَنْ يُهْرَعُوا

هُوَ لِلْعَفافِ مِنَ الدَّعَارَة مُوْئِلٌ

هُوَ لِلإِبَاءِ مِنَ المَهَانَة مَفْزَعُ

يُبْقِي عَلَى الأَطْفَالِ وَهْيَ قُوَى الحِمَى

مِنْ أَنْ يُضَيِّعها عَلَيْه مُضَيِّعُ

مَا جَاهُنَا فِي النَّاسِ مَا عُنْوانُنَا

أَأُولئِكَ المُتَشرِّدُون الظلَّعُ

مِنْ كُلِّ مَنْ يَطْوِي صِبَاهُ عَلَى الطَّوَى

وَالبُهْمُ فِي نَضْرِ الْخمَائِلِ تَرْتَعُ

لاَ سِتْرَ يَسْترُهُ وَمَا مِنْ مِفْضَلٍ

غَيْرُ القَذى تكْسَاه تِلْكَ الأَضْلُعُ

أَزْهَارُ مِصْرَ شَهِيَّة وَثِمَارُ مِصْرَ

جَنِيَّة وَالنَّيلُ نِعْمَ المَشْرَعُ

أَيُّ الجِنانِ هُوَ الْخَصِيبُ وَمَا بِه

رِيٌّ لِعَيْلَتِهِ الضِّعافِ ومَشْبَعُ

قَدْ حَانَ أَنْ تُهْدَى السَّبيلَ جَمَاعَةٌ

أَنْتُمْ لَهَا الْهَامَاتُ وَهْيَ الأَذْرُعُ

قَدْ حَانَ أَنْ يُؤْوَى الفَقِيرُ إِلى حِمى

قَدْ حَانَ أَنْ يَقْوَى الصَّغيرُ الأَضْرَعُ

ذُودُوا الحَرَامَ عَنِ الحَلاَلِ يَدُمْ لَكُمْ

فَلأَفْتَكِ الْوَحْشِ الَّذي هُوَ أَجْوعُ

ذُودُوا الحِسَابَ الحَقَّ عَنْ أَحْسَابِكُمْ

فلَرُبَّما كَذَب الثَّناءُ الأَشْيَعُ

ذاكَ الشَّقاءُ مُغَادِياً وَمُرَاوِحاً

مَمَّا تُمَضُّ بِه النُّفوسُ وَتوجَعُ

لِيَزُلْ زَوَالَ المَحْلِ لاَ يُؤْسَى لَهُ

وَلْيَزدَهِرْ بِمَكَانهِ مَا نَزْرَعُ

فَتَخِفَّ فِي أَكْبَادِنَا شُعَلُ الأَسَى

وَتَكُفَّ عَنْ خَدِّ الخُدُود الأَدْمُعُ

يَا منْ تَبَارَوا مُسْرِعِينَ إِلى النَّدى

وَالأَمْجَدُونَ إِلى المَبَرَّةِ أَسْرَعُ

هَلْ يُنْكِرُ الْوَطَنْ اخْتِلاَفَ صُنُوفِكُمْ

وَالفَضْلُ فِيما بيْنَكُمْ مُتَوزَّعُ

فِي مِصْرَ مُنْذُ اليَوْمِ أَسْنَى مَوْقِفٍ

لِلْمَجْد يُشْهَدُ فِي الزَّمَانِ وَيُسْمَعُ

عَزَّتْ وَمِنْ أَسْمَى المفاخِرِ أَنَّها

نَهَضَتْ بِعِزَّتِهَا العَقَائِدُ أَجْمَعُ

كَالدَّوْحَةِ الكُبْرَى تَوَحَّدَ أَصْلُهَا

وَمَضَتْ مَذَاهِبَ فِي السَّماءِ الأَفْرُعُ

وَبِمَا جَلَبْنَ مِنَ الأَشِعَّة وَالنَّدَى

نَمَتِ الْجُذُوعُ وَشَمْلُهَا مُتَجَمِّعُ

فَرَّطْتُ فِي تَشْبِيهِ مِصْرَ بِدَوْحَةٍ

هِيَ رَوْضَةٌ وَنَبَانُهَا مُتَنَوِّعُ

كُلُّ المحَاسِنِ فِي الأَزَاهِرِ حُسْنُهَا

وَبِكل طِيبٍ طِيبُهَا مُتَضوِّعُ

ذاك التَّبايُنُ لِلْمُوَاطِنِ صَالِحٌ

فِي حينَ يَتَّحدُ الْهَوَى وَالمنْزَعُ

لِبَنِي أبِيهِ مُفْتَدي أَوْطَانِهِ

وَلِنَفْسِهِ المُتَزَهِّدُ المُتَوَرِّعُ

لَيْسَتْ عِبَادَاتُ النُّفوسِ لِرَبِّها

إِلاَّ عَذَارَى خَيْرُهَا المُتَقَنِّعُ

أَمَّا اللَّوَاتِي يَنْجَلِينَ لِحْكْمَةٍ

فحِجَابُهُنَّ هوَ الضِّياءُ الأَسْطَعُ

أَيْ سَادَتِي طُرقُ الفلاَحِ كَثِيرَةٌ

فِي وَجْهِ مَنْ يَسْعَى وَهَذا مَهْيَعُ

مَنْ يَبْغِ إِرْضَاءَ النَّدَى فَأَوَانُهُ

أَوْ يَبْغِ إِرْضَاءَ الْهُدَى فالمَوْضِعُ

مِصْرُ السَّخيَّة هَلْ يَقُولُ عَذُولُها

بَخُلَتْ عَلَى الشَّأنِ الَّذي هُوَ أَنْفَعُ

أَنْتُمْ ذُؤابتهَا وَأَنْتُمْ قلْبُهَا

وَبِكمْ تُوَقَّى الْحَادِثَاتُ وَتُمْنَعُ

قُدُماً وَلاَ تَتَقَاعَسُوا قُدُماً وَلاَ

تَتَبَاطَأُوا وَالأَكْرَمُ المُتَطَوِّعُ

إِنْ لَمْ يَكُنْ إِحْسَانُنا مُتَوَقَّعاً

يَوْمَ الحَمِيَّة سَاءَ مَا نتوَقَّعُ

هَذا لكمْ شُكْرِي بِشِعْرٍ خَالِصٍ

لاَ شَيءَ فِيه مُصَرَّع وَمُرَصَّعُ

هُوَ مَحْضُ وَحْيٍ بَدْؤُهُ كخِتامِهِ

عفْوُ السَّجيَّة لَيْسَ فِيه تصَنُّعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة