يعذبني في هواك نشيدي.. و يسودُّ حلمي كوجه الثكالى إذا كُشفت جثة للقتيل .. و حطمت الريح كل المصابيح عند انعطاف الزوايا. مارد الوقت يسرق منا الزمان القصير .. و كوكب عمري بطيئا يدور .. يا انفجار الحروف بأشكالها وسط روحي .. يا نجيع الزهور الذي رغم بُعدِ ارتكاب الجريمة .. مازال رطبا .. يغني تراتيل حب جديد .. فتحيا جروحي . عصافير قصتنا هاجرت ذات صيفٍ.. فما عاد في الروض ظلٌ ظليل. و ما لذ خمر الشفاه الذي عتقته الخوابي .. ولم يأت بدر المحبين يفضح بعض الوعود التي ضربَتْها عيون الغواني. عصافير قصتنا هاجرت ذات ليلٍ.. فلم يبق في الكأس غير الدموع .. وما عاد في مهرجان الدوالي سوى حفنة من زبيبٍ.. تجعد و اسودَّ قبل الأوان. و بضع سلال يدل عليها فراغ المكان . *** *** *** إلى أين تمضين في خطوات التجافي ؟ و كيف سيورق غصن حياتي إذا غبت عني ؟ دروب الحياة تطول و تقسو.. و ما في المحطات غير زفير الأماني.. إذا أنت غادرتها سوف تذوي .. و يصحو على شرفة العمر جفن اللقاء . يا بلادا سباها اللصوص غداة غياب الرجال.. وليلا يحب الركوع .. مخافة كشف الحقيقة أو فقد لون السواد .. يا امتزاج الفصول التي ضيعت ثغرها عند ثغرك.. و أنّة أرملةٍ بعد حرق خيام العزاء .. يا رجوع السنونو إلى عشه بعد برد الشتاء .. و كيف الرجوع و كل الدروب تهاجر فينا ؟ و تنزعنا من تراب الجدود ... و دفء المهود.. يعشش فينا غراب النوى .. فأي طريق ستفضي إليك ِ؟ و ريح الوداع تؤجج راحلة الشوق .. تلقي بنا في جحيم المنافي .. خلف شوك الحدود و قيح الجراح . *** *** *** آلمتني جروحُ المساء الشقي التي عسكرتْ في ربيعي .. و بعد النشيج استقرت على صفحة الخد ندبة .. و ليس بوسعي سوى مضغها .. ثم سكب الدموع عليها .. و ما من يواسي .. و ما من دواء .. سوى عطر صدرك وسط روابي الثلوج .. سوى نظرة من يقين تغطي ارتيابي .. و تنبع في نتن الوقت نهرا من الياسمين. لم تكوني بخيلة .. فكل فتوحاتنا شاهدات على الجود .. و كل مسامير هذا الهوى غُرست في عُيوني.. و كل حبال المشانق قد فُتلت من ضلوعي .. تحولت بعدك موجا لبحر الخطايا .. فكيف سأحملها فوق صدري الضعيف ؟؟ لأطلب عفوا غداة يقوم العباد ليوم التنادِ.. خفقة القلب ناقوس يوم الأحد .. و تكبيرة الفجر صارت طلاسم . سأنسى حقائب عمري بأرض المطار.. فليس بها غير سقط المتاع و بعض الأمل .. و يرتاح طائر سعدي و نحسي بظل ورودك .. بعد انهاء جواز السفر . إليكِ المسافات تعدو .. و صوتي يشدو .. و كل الحاجز .. كل الحدود التي عرقلت سير روحي .. ستنهد يوما و تغدو ركاما .. فلن تستمر المعاناة في رقصة السنبلة .. و هذا الغياب سيجعل منك القتيلة و القاتلة .. كفاني ضياعا .. كفاك امتناعا .. سوف أمضي إليك لألقي في حضنك الرحب.. كل همومي . ألون درب الرجوع بكل الخرائط .. نوارس شوقي سوف تحملني فوق ذاك المدى .. حاملا من تلال القوافي نشيد الإياب .. و عزم الشباب .. و سفرا يؤرخ كل هزائمنا المخملية . *** *** *** تعالي فما في ربيع الحياة بقية .. و لا لون في صفحتي غير حبر التأني .. تعالي لأن روايتنا أوشكت أن تتم الفصول .. و طاقة وردي التي نبتت فوق طاولة العمرِ .. تنذرني بالذبول . تعالي على شرفة الليل أو ثرثرات النهار .. على جانح الطير فوق اتساع البحار .. فملقاك عمري .. وضوعة عطري .. وبسمة زهري .. فكل جراحي ستشرب من بلسم الأرض ماءَ الشفاء .. و شهدَ اللقاء . سأفتح في أطلس الدهر يوما جديدا .. وترقص كل المعاجم بين حروفي .. لأن الفراشات صارت كلاما و لحنا.. و ماء فراتا بأرض جفافي . تعالي ، فما عاد يُخجلُني في هواكِ اعترافي .. فملقاك عيدٌ و غيث و حورية الجن .. تلبس ثوب الزفافِ. وعطرك رائحة الوطن المستباح.. وقبلة أمي .. التي هدمت في قلاع التأمل .. كل المنافي . *
د. عبد الرزاق الدرباس مواليد سورية 1965 م، ركايا كفرسجنة، منطقة معرة النعمان /ريف محافظة إدلب .خريج دبلوم دار المعلمين ثم بكالوريوس اللغة العربية من سورية ثم الماجستير والدكتوراه بطريقة ...