( 1 ) إذا كان أدنى المسالك نحو القمم وأيسرها أن نخون الحقيقه وأن نستعير القيم لنقضيِ حاجاتنا ثم نبدلها كالثياب العتيقه فدعني هنا ، في المهاوي السحيقه فإني تخيرت درب الألم ! ( 2 ) أردت أن أكونْ ساقيةََََ شفافة تسقي عروق الكرم و الزيتون تنعكس السماءْ و أوجه الغيد على مرآتها و خضرة الغصون لكنني مررت عبر المدن الكالحة الشمطاء فحملتني الطحلب الآسن و الأوحال و الدماء و أنبتت اشواكها في جسدي الصحراء ولم يكن لي حيلة..فهكذا الأنهارْ تتبع مجراها و لا تمتلك الخيار! ( 3 ) أعرف أن يهوذا باع أخاه و معبوده بدراهم معدوده أعرف أن وراء جمال الأزياء و سحر الكلمات ذئاباً مصفوده أعرف أن الإنسانْ مازال كما كان يتمرغ كالدوده في عالمه الطافح بالأرجاسْ من أدرىمني بالناس؟ أنا من كوفئت على الحب بأقسى الطعنات ؟ أنا من جوزيت على الطيبة باللعنات ؟؟ من أدرى مني بالناس ؟! لكني في الحشد الزاخرْ بين الخائن و القاتل والسارق و الماكر أبصرت هنا و هنالك بعض الشرفاء و رأيت هنا و هنالك نبلاً و وفاء فرجعت وفي النفس بقية إيمان بزمان تسترجع فيه الأرض براءتها المفقوده وعرفت أن طريق خلاص الإنسان ليست مسدوده ! ( 4 ) لم أعلن العصيانْ لكنني أبيت أن أستمرىء الهوان أبيت أن أقتل في أعماقيَ الإنسان فلم أقف معدداَ مناقب السلطان ولم أجئ بلاطه في جملة العبيد و الغلمانْ مرتدياًَ ملابس المهرج الفاقعة الالوان ولم يكن ذاك كما ترون – إلا أضعف الايمان و رغم هذا فأنا الآن هنا ، في قبضة السجان !
رشید یاسین عبّاس الرّبيعي،صحفي وشاعر وناقد أدبي وأستاذ جامعي عراقي.
ولد في بغداد سنة 1929،وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. ثم تابع تعلميه في علوم المسرح
في بلغاريا فنال البكالوريوس، وحاصل على ...