الديوان » العراق » عبد الحسين الأزري » أنت والحق في العلو سواء

عدد الابيات : 70

طباعة

أنت  والحق في العلو سواءُ

ليس  إلاك رمزه الوضاء

وإلى  الحق أنت أعلى مثال

بارز  فيه  روعة  ورواء

تتغنى الحياة باسمك في الد

دنيا  وتشدو كأنها الورقاء

وتمر الأجيال تلثم مثوا

ك وتمضي كأنها النزلاء

لم  تزدك العصور إلا اعتلاء

يا  حساماً له الزمان جلاء

مثلما تختفي البطاح على البعـ

ـد  وتبقى الشواهق الشماء

أكبرتك العقول فالبعض منها

ضل  لو لم يدركه منك اهتداء

ومضى  البعض في عماه بعيداً

والعمى في القلوب داء عياء

لم  تلد مثلك الليالي عظيماً

قد  تنافت  بشأنه الآراء

زمرةٌ  صورتك  رباً وأخرى

أوقعتها بحربك البغضاء

ما استطاعوا أن يفهموك كأن الـ

ـقوم  أرضٌ وأنت فيهم سماء

هم  بوادٍ  وكنت عنهم بوادٍ

فلهذا   تعذر  الإلقاء

ليت  تلك القلوب أدركها الوعـ

ـي  وتلك المسامع الإصغاء

لم  يعيروا  لبَيِّناتِك سمعاً

أين من مسمع الأصم الدعاء

بيناتٍ  كأنما عن يديك اسـ

ـتودعتها أسرارها الأشياء

لو  وعوهن  لاستبان إليهم

كيف ترقى المنابر الخطباء

خطباً دون محكم الذكر شأواً

قصرت  عن بلوغها البلغاء

أجسامهم حكت الصخور صلابةً

وكذا الغضا في الرمل أصلب عودا

عاشوا على الغارات فيما بينهم

وهم الأقارب عنصراً وجدودا

قد كاد أخذ الثأر لا يبقي لهم

أثراً  يدل  عليهم موجودا

حتى  بعثت فكنت فيهم هادياً

ومبشراً ومقوماً ورشيدا

حرض نفخت بها الحياة ولم تكن

إذ  ذاك إلا أعظماً وجلودا

وعلمت أن لكل بدءٍ منتهى

ولكل شيءٍ في الحياة حدودا

ورصفتهم  رصف الحجارة بانياً

للدين  فيهم صرحك المشهودا

وحدت  بينهم ورحت مؤلفاً

شعباً  وتاريخاً  أغر مجيدا

وغمرتهم بالعطف منك عليهم

حتى دعوك أباً لهم وعميدا

وبذا أقمت على التعاضد أمةً

لا سائداً ما بينها ومسودا

فتغيرت  بك وجهةً وديانةً

وكرامةً وعزائماً وعديدا

هي منك أولى المعجزات وحسبها

بعظيم شأنك أن تعد شهودا

قد كنت غرةَ مجدها وصميمه

ونجارها  بك طارفاً وتليدا

ورأتك أمتك الجدير بحبها

وأحق  من  تلقي له الإقليدا

يشقى بشقوتها ويرغد عيشه

إن عيشها استرخى فكان رغيدا

لم  يعنه إلا سعادتها التي

قد كان يبذل دونها المجهودا

وتكاد تعبده النفوس لخلقه

لو  لم يوحد دينه المعبودا

الله يعلم حيث يجعل وحيه

ويخص  فيه النصر والتأييدا

وإلى  الجهاد دفعتهم فكأنما اسـ

ـتخرجت من زُبر الحديد جنودا

ما  كان أسرع فتحهم لممالك

فيها لوى كسرى وقيصر جيدا

فكأنما أبوابها مفتوحة

وكأن  جيش الفتح كان بريدا

الحق والإيمان قد حديا به

فمضى ليظفر أو يموت شهيدا

واستدرجته شريعةٌ بسماحها

لا تعرف الإبهام والتعقيدا

لم يأت أرحم فاتح منهم ولا

أوفى  ذماماً بعدهم وعهودا

إن العقيدة بالغلاب كفيلةٌ

حتى ولو كان السلاح جريدا

لا فضل للصمصام لو لم تؤته

منها  العقيدة أذرعاً وزنودا

الملك تحت يديك لو حاولته

لكن عن السلطان كنت بعيدا

كنز  النبوة فوق كل غضارة

في جنبها يبدو النضار حديدا

لك  شاد ربك من حظيرة قدسه

عرشاً وخلد تاجك المعقودا

وزهدت في دنياك حتى كان ما

شاهدت من نعم الحياة زهيدا

لم  تظفر الدنيا بمثلك رحمةً

للعالمين  ونعمةً وسعودا

ومن العظائم قد بلغت الغاية الـ

ـقصوى فلم تترك لهن مزيدا

لو لم تقل للناس إنك مثلهم

لتجاوزوا  في ذاتك التحديدا

ختم  الإله بك النبوة مثلما

ختم التآخي فيك والتسديدا

فلذا تفرق جمعهم شيعاً وقد

كانوا  مثال العقد فيك نضيدا

وثبت على حرب الخلافة عصبةٌ

أغرت  معاوية بها ويزيدا

برقت لها الآمال فانقلبت على

أعقابها  كي  تبلغ المقصودا

وجنت على الدين الحنيف جنايةً

كادت  تبدد  شمله تبديدا

ولها ليخلو الجو بعدك أو سعت

في  آلك التقتيل والتشريدا

ذاك  التفرق كم أضاع لجهلهم

ملكاً  وهد  رواقه الممدودا

وكم افترى خبراً عليك مضلل

زاد النفوس قطيعةً وصدودا

ما  أحود الدنيا لعهدك مرةً

أخرى  تجدد يومه المعهودا

لتميت ما قد أبدعت أو بدلت

من سنةٍ كفراً بها وجحودا

لا غرو فالدين الذي بك قد هدى

في  الأرض بيض شعوبها والسودا

هو  قادرٌ لو كان يصلح أهله

أن يسترد تراثه المفقودا

فكم استطاع على إقامة دولةٍ

ملك الجبال لواؤها والبيدا

لم يدع سكان الجزيرة وحدهم

أو  يتخذ زمناً له محدودا

لا كنت أيتها الحياة بموطنٍ

قد  أصبح الأحرار فيه عبيدا

أطلقت أيدي غاصبيه بخيره

وتركت مجتمعاً بهم منكودا

نزلت عليه كوارث لو أنها

نزلت بشعب غيره لأبيدا

ما  كان  أقساها عليه محنةً

فرضت على أجفانه التسهيدا

وبلية  لدماره قد سميت

خدعاً  صكوك الموت فيه عقودا

جعلوه مغلول اليدين لأنهم

أخذوا  عليه مواثقاً وعهودا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحسين الأزري

avatar

عبد الحسين الأزري

العراق

poet-Abdalhussein-al-Azri@

221

قصيدة

1

الاقتباسات

13

متابعين

عبد الحسين بن يوسف الأزري. شاعر صحفي عراقي، من أهل بغداد.ولد سنة 1880 م/ 1298هـ , أنشأ جريدة (المصباح) سنة 1911 - 1914 ونفي إلى الأناضول في الحرب العامة الأولى. ثم ...

المزيد عن عبد الحسين الأزري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة