الديوان » مصر » أحمد الزين » هات اسقني فالليل شاب ذوائبه

عدد الابيات : 33

طباعة

هاتِ اِسقِني فَاللَيلُ شابَ ذَوائِبُه

وَتَكادُ تَجنَح لِلفرار كَتائِبُه

بِكراً تُضِيءُ إِذا بدَت في كَأسِها

حَتّى يَكادَ الأُفقُ يُشرِقُ جانِبُه

مَحبوسَةً في دَنِّها حَتّى غَدَت

كَالشَكِّ في أَمرٍ تَحَيَّر صاحِبُه

أَمسَت خَيالاً ما تَكادُ تبينُها

أَتَرى خَيالَ الراح يَأثَمُ شارِبُه

لَطُفَت كَثافتُها فَتِلكَ بَشاشَةٌ

مِنها لِعَيشِكَ إِن تَجهَّم قاطِبُه

صَهباءُ لَو أَسَدُ العَرينِ حَسا بِها

خَمساً لأَلفَيتَ الظِباءَ تُداعِبُه

يَسعى بِها عَذبُ اللَمى مُتَأَوِّداً

كَالغُصنِ تَثنيهِ الصَبا وَتُلاعِبُه

يَمشي وَيُوشكُ أَن يَذوبَ مِن الخُطا

فَكَأَنَّما كَسَلُ الدَلالِ يُجاذِبُه

بَدرٌ يُديرُ مِن الكُؤوسِ كَواكِباً

تَعنو لَها شُهُبُ الدُجى وَكَواكِبُه

في لحظه حَوَرٌ وَبَينَ شَتِيتِه

خَصرٌ مُقَبَّله فَيروى شارِبُه

لاحَظتُه فاحمرَّ زاهرُ خَدِّهِ

خَجَلاً وَأَطرَقَ وَالفُؤادُ يُعاتِبُه

نَفحُ العَبيرِ يَضُوعُ مِن أَعطافِهِ

يُزري بِرَوضٍ باكَرته سَحائِبُه

ما إِن شَربتُ وَلا شَهِدتُ وَإِنَّهُ

شِعرٌ تَأَنَّقَ في التَخيلِ كاتِبُه

عَجباً أَأَشربُها وَذاكَ محمَّدٌ

راحُ النُهى آراؤُهُ وَمَذاهِبُه

أَفريدُ أَوضحتَ الطَريقَ لأمّةٍ

تَعشُو بِلَيلٍ ما تَرِيمُ غَياهِبُه

عَمَرَت رُبوعَ العِلم قَبلُ وَأَطلَعَت

نَجماً تَأَلَّقَ في الغَياهِبِ ثاقِبُه

كانَت مَوارِدُها تفيض فَما لَها

غاضَ المَعينُ بِها وَخُلّيَ طالِبُه

عَبِثَت بِها أَيدي الزَمانِ وَطَوَّحَت

بِتُراثِها أَحداثُهُ وَنَوائِبُه

بَشّت بِكَ الدُنيا لِمصرٍ بَعدَ ما

أَروَته بِالدَمعِ الهَتُونِ نَوادِبُه

أَهلاً بِدائِرَةِ المَعارِفِ إِنَّها

ثَمَرُ النُهى تُجنى لِمصرَ أَطايِبُه

عِلمٌ كَما فاضَ النَميرُ وَمَنطِقٌ

فَصلٌ إِذا ما البُطلُ أَوهَمَ كاذِبُه

حُجَجٌ قَواطِعُ لَو رَميتَ بِبَعضِها

جَبَلاً مِن الشُبُهاتِ هُدِّمَ غارِبُه

وَمَباحِثٌ فاضَت بِما يَشفي الصَدى

فَكَأَنَّها بَحرٌ تَجِيشُ غَوارِبُه

لَم تَبغِ مَرتَبَةً وَلا جاهاً بِها

ما كانَ مِن حُسنٍ فَإِنَّكَ كاسِبُه

وَكَذا الفَتى إِن لَم يَشُب أَعمالَه

دَنَسُ الهَوى فَالباقِيات مَراتِبُه

أَفنى لَها شَرخَ الصِبا لَم يَثنِه

عَنها صُروفُ زَمانِهِ وَمصاعِبُه

وَمَضى يَجِدُّ إِلى الهُدى مُستَبطِناً

عَزماً تَنُوءُ بِمَن سِواهُ مَتاعِبُه

فَلو انَّ لِلعَضبِ الصَقيلِ مَضاءَهُ

لَم تَنبُ في كَفِّ الجَبانِ مَضارِبُه

ولَو انَّ لِلأَيامِ نُورَ ذَكائِهِ

كانَ الظَلامُ ضُحاً تُضيءُ جَوانِبُه

وَلَو انَّ أُمَّتَه جَزَته بِفَضلِهِ

مَلأت نَواحِيَ أَرضِ مصر مَواكِبُه

لا تَلحَهم إِن هُم أَساءوا إِنَّهُم

كانُوا ذَوي فَضل فَمُكِّنَ غاصِبُه

وَالشَعبُ إِن يُسلِم مَقالِدَ أَمرِه

لِسواهُ أَودَت في الإِسارِ مَواهِبُه

يَهنِيكَ ما أُوتيتَه مِن حِكمَةٍ

وَسَدادِ رَأَيٍ لَيسَ يُخطِئُ صائِبُه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة