الديوان » مصر » أحمد الزين » إياك أن تستخدم الجليسا

عدد الابيات : 46

طباعة

إِيّاكَ أَن تَستَخدمَ الجَليسا

وَلَو تَكونُ السَيِّدَ الرَئيسا

فَإِنَّهُ لَيسَ مِن الآدابِ

مَهانَةُ الخُلّانِ وَالصِحابِ

إِذا أَرَدتَ أَن تَكونَ ماجِدا

فَكُن مَعَ الجَليسِ قَدراً واحِدا

إِيّاكَ أَن تَعلُوَه في الرُتبَه

فَإِنَّه يُخلِقُ حَبلَ الصُحبَه

وَرُبَّما يُذكى أوارَ الحِقدِ

وَرُبَّما يُغِيضُ ماءَ الوُدِّ

لا تَأمَنَنَّ صَفوَه أَن يَكدَرا

وَقَلبَه مِن الهَوى أَن يَصفِرا

وَلا أَرى أَجلَبَ لِلنُفورِ

مِثلَ اِستِباقِ القَومِ لِلصُدُورِ

كُن كامِلاً وَاجلس مَع الأَذنابِ

وَلا تَكُن صَدراً بِلا آدابِ

وَاِرغَب عَنِ التَصدير في المَجالِسِ

إِن كانَ في الصَدرِ اِستياءُ الجالِسِ

فَإِنَّما الوُدُّ بِصَدر الصاحِبِ

أَبقى مِن التَصدير في المَراتِبِ

فَلا يُغَرَّ بِالصُدورِ العاقِلُ

فَإِنَّما داءُ الصُدورِ قاتِلُ

وَاِعرف لِكُلٍّ حَقّه في المَجلِسِ

فَإِنَّ هَذا مِن فَعالِ الكَيِّسِ

وَاِجلس بِحَيثُ يَنبَغي لِمثلِكا

فَإِنَّ هَذا مِن سِماتِ فَضلِكا

إِيّاكَ أَن تَجلِسَ في مَقامِ

تُهانُ فيهِ بَعدُ بِالقِيامِ

وَاِحذَر مِنَ الإِكثارِ في التَسآلِ

وَغُضَّ مِن صَوتِكَ في المَقالِ

وَكُن طَريفَ القَولِ وَالمُحاضَرَه

وَكُن رَقيقاً حَسَن المسامَرَه

وَلا تَزُر مَن زُرتَ إِلّا غِبّا

تَزِد لَدَيهِ كَلَفاً وَحُبّا

مَن أَكثَر المَجيءَ وَالذهابا

إِلى الصِحابِ ضَيَّعَ الصِحابا

وَالناسُ مَن داناهُمو لا يُكرَمُ

فادنُ قَليلاً وَتَسلَّ عَنهمُو

وَلا تَكُن كَلّا عَلى الإِخوانِ

فَإِنَّهُ أَدعى إِلى الهِجرانِ

وَاِحذَر مِن الإِعجابِ وَالمِراء

وَاِتَّقِ ذكرَ الأَكلِ وَالنِساءِ

وَشارِك القَومَ إِذا ما طَرِبُوا

مِن مُطرِبٍ وَاعجَب إِذا ما عَجِبُوا

وَلا تَشذَّ عَنهمُو في مَذهَبِ

لَكن إِذا لَم تَرضَ شَيئاً فَاعزُبِ

وَوَدِّع القَومَ عَلى اِشتِياقِ

إِلَيهُمو إِن كُنتَ ذا أَخلاقِ

وَلا تُوَدِّعهم وَداعَ القالي

فَإِنَّهُ مِن خُلُقِ الأَرذالِ

وَلا تَكُن لَهُم ذَلُولَ المنكِبِ

وَحاذِرِ الإِبعادَ بِالتَجَنُّبِ

إِيّاكَ وَالإِمعان في المَتاعِ

فَإِنَّهُ مِن خُلُقِ الرِعاعِ

وَلا تَمُدَّ الطَرفَ لِلفِراشِ

وَلا إِلى الأَثاث وَالرِياشِ

وَلا تَقُل بِكم شَرَيتَ ذاكا

فَرُبَّما استُعِيرَ ما أَدراكا

إِيّاكَ وَالغِيبَةَ في المَحافِلِ

فَإِنَّها مَنقَصةٌ لِلفاضِلِ

فَإِنَّما أَنتَ إِذا فَعَلتَ

تُنبِئُ عَن ضَعفِكَ لَو عَقَلتَ

وَما رَأى العُجمُ وَلا الأَعرابُ

أَصغَرَ مِن نَفسِكَ يا مُغتابُ

وَإِنَّما السَيدُ مَن يُغتابُ

في بُعدِهِ وَلَو أَتى يُهابُ

حَذارِ مِن مَجالِسِ الأَوغادِ

فَإِنَّها صَخرٌ عَلى الفُؤادِ

وَفِرَّ مِن مَجالِسِ الفُسّاقِ

فَإِنَّها مَفسَدَةُ الأَخلاقِ

إِيّاكَ أَن تُجالِسَ الكَذّابا

وَلا مُفاخِراً وَلا صَخّابا

وَلا تُجالِس مُلحِداً في الدِينِ

فَإِنَّما الإِنسانُ بِالقَرينِ

وَاِعلَم بِأَنَّ عُزلَةً في دَيرِ

لِلمَرءِ خَيرٌ مِن جَليس ضَيرِ

قَد أَقفَرَ الناسُ مِنَ الأَخلاقِ

فَلا تَرُم في الناسِ ذا مِيثاقِ

خَيرُ جَليس لَهُم المُغتابُ

وَالصاحِبُ الأَوفى هُوَ الكَذّابُ

أَخلاقُهُم تُعدي فَمن لا يَهرُبُ

يُعدى كَما يُعدى السَليمَ الأَجرَبُ

مَجالِسٌ جَمَّعَها الفسادُ

وَعَمَّها الشقاقُ وَالعِنادُ

جَليسُهُم رَهينُ هَمٍّ ناصِبِ

فَكَيفَ بِالخَليطِ وَالمُصاحِبِ

فَاِجعَلهُمو كَالنارِ لِلضِياءِ

وَالدِفءِ لا لِلمَسِّ وَالصِلاءِ

لا تَأمَنَنَّ مِنهُمو إِنساناً

عَلى نَقيرٍ كائِناً مَن كانا

إِيّاكَ وَالتَحسينَ في الظُنونِ

فَإِنَّها مِن شُعَبِ الجُنونِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة