الديوان » مصر » أحمد الزين » يا حالمين بمجد مصر الزائل

عدد الابيات : 37

طباعة

يا حالِمينَ بِمَجدِ مصرَ الزائِلِ

هَيهاتَ تَبني ركنَهُ يَدُ عاطِلِ

وَضَح الهُدى وَالقَوم بَينَ أَخي كَرى

لا يَستَفيق وَبَينَ صاحٍ غافِلِ

قُل لِلَّذي طَلَبَ المَعالِيَ قاعِداً

لا مَجدَ في الدُنيا لِغَيرِ العامِلِ

بَنَتِ الشُعوبُ عَلى الصِناعَةِ عزَّها

فَالنَجمُ يَرمقُه بِعَينِ الذاهِلِ

دَعَموا الحَضارَةَ بِالعُقولِ وَصَيَّروا

مَدنيَّةَ الأَسلافِ زُخرفَ باطِلِ

تَرَكوا الزهادَة في الحَياةِ لِعاجِزٍ

راضٍ مِن الدُنيا بِعَيشِ الخامِلِ

وَتَراءَتِ الدُنيا لَهُم في جِدِّها

إِذ نَحنُ نَرميها بِعَينِ الهازِلِ

خَلَقُوا مِن العَدَم الوُجودَ وَأَوشَكوا

أَن يَجعلوا لِلصَخرِ عَقلَ العاقِلِ

وَاِستَنبَئُوا الأَكوانَ عَن أَسرارِها

لَم يَسألوا عَنها سُطورَ أَوائِلِ

خَضَعت لِأَمرِهمُ البِحارُ فَأُثقِلت

مِن سُفنِهم بِمدائِن وَمَعاقِلِ

تَجري وَمَوجُ اليَمِّ يَصخب حَولَها

مَرَّ الكَريم عَلى سِفاهِ الجاهِلِ

وَعَلوا سراة الريحِ فَوقَ مَناطِدٍ

نَظَرت لَها الأَفلاكُ نَظرَةَ واجِلِ

كَم ذاقَ في الأَسفارِ قَبلَهُم الوَرى

مِن شُقَّةٍ بَعُدَت وَهَول هائِلِ

فَتدارَكتها آيةٌ مِن عِلمِهم

جَعَلت رِحابَ الأَرضِ كِفَّةَ حابِلِ

تركت بعيدَ الدارِ مِثلَ قَرِيبِها

وَأَخا النَوى في نَأيهِ كمواصِلِ

لَو أَسعَفوا قَيساً وَقَد أَزِفَ النَوى

لَم يَبكِ لَيلاهُ بُكاءَ الثاكِلِ

فيمَ الفخارُ إِذا الشُعوبُ تَفاضَلت

أَبِذِلَّةٍ تُزرى وَجَهلٍ قاتِلِ

لا تَذكروا ما شَيَّدَت أَسلافُكُم

مِن كُلِّ صَرح كَاليفاعِ الماثِلِ

لَولا جُهودُ الغَربِ حُجِّبَ علمُها

وَتَشابَه المَسئولُ فيهِ بِسائِلِ

زَخَرت نَوادي لَهوِكُم بِمَجالسٍ

مَوصولَةٍ غَدواتُها بِأَصائِلِ

لِلنَّردِ وَالشطرنج فيها ضَجَّةٌ

فَتَخالُها قَد بُدِّلَت بِمَعامِلِ

وَتمدُّها بِالعاطِلين مَدارِسٌ

تَهمي بِسَيلٍ مِن بَنيها هاطِلِ

ضاقَت رحابُ الأَرضِ وَهيَ فَسيحَةٌ

عَنهُم وَضاقَ بِهم ذِراعُ العائِلِ

أَلقَوا عَلى دُورِ الحُكومَةِ عبأهم

حَتّى شَكا الإِعياءَ جُهدُ الحامِلِ

مَن فاتَهُ عَيشُ الوَظائِفِ بَينها

فَنصيبُهُ في العَيشِ خَيبَةُ آمِلِ

وَخلت مَتاجركم وَأَقفر سُوقُكُم

مِن سِلعَةٍ إِلّا طَعامَ الآكِلِ

فَعَلامَ نُزهَى بِالثيابِ وَما لَنا

في صُنعِها يَدُ ناسِجٍ أَوغازِلِ

أَيَجرُّ ذَيلَ الفخرِ غِرٌّ ما لَهُ

في ثَوبِهِ حَتّى أَداة الغاسِلِ

وَإِذا امرُؤٌ حَذَق الصِناعَة منكمو

غالَى بِسلعَتِهِ غلوَ الباخِلِ

يَشكو الكَسادَ وقَد جَناه خلقهُ

طَمَعٌ يَلجُّ بِهِ ووعدُ الماطِلِ

وَتَرى سراةَ القَومِ في لَذّاتِهم

يَسخُو شَحيحُهم سَخاءَ الباذِلِ

وَإِذا البِلادُ دَعتهمُو لِمُصابِها

فَدعاء مَخذولٍ أَهابَ بِخاذِلِ

كَم ذا تُؤَدِّبُنا الخطوبُ بِنُصحِها

وَكَأَنَّ صَوتَ النصحِ صَوتُ العاذِلِ

وَنصيح بِالمَجدِ القَديم وَلا أَرى

صَيحاتِنا إِلّا تَثاؤُبَ كاسِلِ

فَتَجَرَّعُوا عُقبى البَطالَةِ مَورِداً

رَنقَ المَشارِبِ لا يَسُوغُ لِناهِلِ

لا تَظلموا صَرفَ اللَيالي إِنَّما

سَبَح الوَرى وَوَقفتمُو بِالساحِلِ

وَالبُؤسُ في الدُنيا جَنى لذَّاتِها

لا نَقض في حُكمِ الزَمانِ العادِلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد الزين

avatar

أحمد الزين

مصر

poet-Ahmad-Al-Zein@

83

قصيدة

4

الاقتباسات

7

متابعين

أحمد الزين: شاعر ومحقق مصري كفيف البصر، وُلد عام 1900م في مصر، وفقد بصره في صغره. التحق بالأزهر وتلقى تعليمه هناك، ثم عمل محاميًا شرعيًا بعد تخرجه. انتقل بعد ذلك ...

المزيد عن أحمد الزين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة