عدد الابيات : 154

طباعة

1 ـ أنا لست أزعم أنني إلا فتىً،

ولدتهُ أمّـــاً ،

إسمها إبُّ الجميلةْ0

 

جسدي ترعرع فوقها،

وصبايَ ما عرف الهوى،

إلاّ على تلك الخميلةْ 0 

 

مازلتُ أذكر وجهها يحنو عليَّ،

وقد بَنتْ لي موضعاً ، في قلبها،

وسكنتُ فوق رموش مقلتها الكحيلةْ0

 

مازلتُ أنشقُ عطرها ،

وأشمُ رائحة الحقول ،

وأنتشي بِبَرُودِها ،

في ظلِّ طولقةٍ ظليلةْ0

 

بَرَكاتُها وجَمال ذاك الحيِّ ،

ما زالت تنادي الروح،

ترجع بالحنين إلى منابعه الأصيلةْ0

 

لملاعب العهد القديم وللصِّبا،

يهتز قلبي كالغصون ،

وينتشي طرباً ،

 لنَسْمتِها العليلةْ0

 

لمواسم العلاَّن …ذاكرةٌ تجول،

وللحصاد حلاوةٌ…أواهُ كم بَعُدَت،

وكم كانت جميلة0

 

2 ـ  بحدائق الرُّمـّـانِ ، 

والتِّين المضّمْخ بالندى،والغيْمِ ، 

والأغصان مفعمةٌ ،

بأنفاس البُكورْ 0

 

يا حُسنَ ذاك الحُسن ،

والأزهار ، قد نظمت قلائدها عقوداً ،

حول أعشاش الطيور0

 

والماءُ منسكبٌ على خدِّ الصخور ،

تدفَّقتْ  ، منهُ الجداولُ ،

في المشنّةِ ، والبُجور 0

 

وغضارةُ الصّحوِ البديع ،

تحُفُّها شمس الأصيل،

كأنها ذهبٌ يذوبُ،

كأنــهُ ، ألــــقٌ يثُــــور0

 

وخيوطُ أعمدة الدُّخان على البيوت،

كأنها سُحبٌ ، تعربدُ في الهواءِ ،

كأنـّــهُ ضوءٌ يـــدُورْ0

 

وشقائق النَّعمان  ، والريحان، 

في الشرفات ترقص في الهواء من السرور0

 

يا حُسنها يزداد حُسناً، 

وهي تغسلُ وجهها في كل يومٍ  ،

تستحمُّ بوابلِ الغيثِ الـمُشبَّع،

بالأريجِ ، وبالبخور0

 

يا إبُّ من ينساك إلا جاحدٌ ،

أو جاهلٌ ،متعصّبٌ، وبلا شعورْ.

 

                                

 

3 ـ ٍسُقيا لأيامٍ خَلتْ ، ومجالسٍ،

في ظل طولَقةٍ ، تـمُدُّ كفوفها،

فوق البيوتِ ، تهزُّها ريح الجنوبْ0

 

لُعبٌ من الأزهارِ ،والأحجار،

آمالٌ مطرزة بأحلام الصِّبا،

وصداقةٌ ، كالماءِ صافيةٌ ،

مـنـزَّهةُ العيوبْ0

 

مطرٌ.... يُزمجرُ بعدهُ ، مطرٌ،

وأثوابٌ مبللة ٌ000ومدفأةٌ،

وقصةُ فارسٍ تُشجي القلوب0

 

وغمامةٌ ، تغفو بخاصرة الجبال،

علي الروابي ؛ والأصيل سبائكاً حمراء ،

تلحق بالغروب0

 

زجلٌ تُوقِّعهُ أهازيجُ الصِّحاب،

كتائبٌ ، حُشدت علي باب الكبير،

وهرولت نحو الذَّهوب0ْ

 

وتسلُّقٌ ، وتسابقٌ،

وتعاركٌ ، في بطن شلاَّلٍ يصبُّ الماء،

من أعلي الدروبْ0

 

4 ـ وفي الظّهارِ تزاحمٌ  وتدافعٌ،

والصوتُ يعلو بالغِنَاءِ،

وبهجةٌ تصحو بإيقاعِ الطُّبول0

 

والطفلُ يلحق بالكبارِ ، مرافقاً ومشاركاً،

وقوافلٌ ، تغدو ، وتأتى،

بالطعام إلى الحقولْ0

 

يافرحة الشُّراحِ واللُّباج،

والمِجْرانُ مزدحمٌ ، ومعتمرٌ،

بأنواع الغُلول 0

 

مالذَّ  لي عيشٌ كذاك العيش ،

أو سمرٌ كذلكَ، 

بين أصحابي وأهلي، 

حول أهرام السَّبوُل0

 

يا إبُّ عِشتُكِ جَّنةً وردية الطرقات،

حمـامـة ً،

رقصت على كَتِف السَّحُول0

 

يا إبُّ صيفكِ ما طرٌ،

وهواكِ بلّورٌ،

وفيك تعانقت كل الفصول0

 

يا إبُ أنت خميلة الدنيا،

وأنت قطيفةٌ حارت بروعتها العقول0

 

إبُّ التي في خاطري فرحٌ،

وقصةُ عاشقٍ،

وقصيدةٌ كُتِبت بذاكرةِ الحقول0

 

إبُّ التي أشدوا بها ، 

نغمٌ ، وبيتُ مَسَرّةٍ، 

تروي مباهجها المأثر والطلول ، 

 

إبُّ التي غنّيتها ،

قمرٌ يضئ بمفرق اليمن السعيد ،

ووردةٌ ، نَبَتَتْ بأحضان الغُيول 0

 

5ـ يا إبُّ عشتكِ غادة غيداء،

تعتنق الحياة،

وتحمل الخير الوفير0

 

أنا عاشقٌ لك ِ،

عاشقٌ وطن السواقي،

عاشقٌ بلد المصير0

 

أنا تاركٌ ما عِشتُ أجمعهُ هناك بغربتي،

أنا عـائـدٌ لكِ،

راجعٌ نحو الغدير0

 

ما كنتِ جاحدةً فضلاً على أحدٍ،

ولا ظنَّتْ يداكِ على صغيرٍ أو كبير0

 

ليت الحقول تعود تحتضن الغمام،

ليت السحابة تنثني وتعود،

للبلد المطير0

 

ليت الظـِّبا ، وقوافل الأغنام،

ترعَى فوق عُشبكِ،

أو تسير على دروبكِ،

مثلما كانت تسير0

 

ليت المآذن قاومتْ،

ليت القباب تضرَّعتْ،

أن لا  يَمَسَّ ترابكِ الغالي،

غنيٌ أو فقيرْ0

 

ليت القلوبُ تجمّعت،

ليت السواعدُ شمرّت،

لبناءِ منـزلكِ الفسيح،

على روابيكِ الكثير0

 

6 ـ يا إبُّ يا وطن الغمام ،

ومسرح الغُــــزلان،

يا حُضن الشذى،

بوركتِ يا هِبةَ السّحاب0

 

مَجْناكِ ،روضٌ عابقٌ ،

وعطاكِ ،فيضٌ دافقٌ ، 

 

وهواكِ ، قلبٌ عاشقٌ،

مازال في شرخ الشباب0

 

نافورة الأرض الكريمةِ ، باقة المنثور،

والكافور، والفلِّ المدثَّر بالضباب0

 

لا زلتُ ألمحُ في عيونكِ صرخةً،

وأرى بقلبك بعض آمالٍ،

مكسَّرة الرِّغاب0

 

لا زال في حدقاتكِ الخضرا حديثاً،

يكتمُ المعنَى،

ويطوي قصة الأجيال،

يحكي قصة الأمل ـ السّراب0

 

أفديكِ من بلدٍ تبارك خيرها،

بين المدائن كلّها ،

حتى كأن لها …دعاءٌ مستجاب0

 

 7 ـ بلدي أغِّنى مجدها شرفاً،

واقبض من صدى تاريخها طيفاً يحوم0

 

في سفح بعدان الأشم تعلَّقت،

كالتَّاج ، كالعنقود،

كالدُّر المخبأ بين أوراق الكروم 0

 

يا سِفح ذاك الطَّود بادرك النّما،

وسقاكَ من كفِّ الأماني ما تروم0

 

غَنّيتُ حُسنكَ آيةً تروي الزمان،

قرأتُ فيكَ مهابة الرجل الكتُوم0

 

وقلاع ريمان المجيد كأنها،

شُعلٌ تدور بحفلةٍ بين النجوم0

 

لا زال يشمخ في الذُرى ( ذو فائش ٍ ) ،

والأيلُ يركض تحت أستار الغيوم0

 

أشطان تَعكرَ ، 

أنشبتْ  في حِصنِ (حّبٍّ) عُرْوَةً،

وأريكة (البيضاء) …

في الحضن الرؤوم0

 

وحصون (نَعْمان) الشواخصِ تعتلي،

و( لدار سِليةَ) رهبةٌ فوق الخصوم0

 

صُهبانُ ، ليثٌ رابضٌ بجنوبها ،

وحُبيشُ ، صقرٌ واقفٌ بشمالها، 

بأسٌ وهيمنةٌ على الباغي الغشوم 0

 

بين (المخادرِ ، والعدين) قَرابةٌ ،

و(لذي السفال) ، نسائمٌ تشفي الهموم0 

 

و(سُمارةُ) التاريخ توَّج رأسهُ،

بالغيم والكلأ الرطيب ، 

كأنه ملكٌ يحدِّق في الرعايا والخصوم0 

 

ويحدِّثُ الهضبات ،

عن زمن ٍ تولّـى وانقضى،

حين أكتوى، بسفوحه ،

(فـُرسٌ) ، (وأحباشٌ) ، (وأتراكٌ) ، (وروم) 0

 

لرؤوسِ حمير صولةٌ في (العَوْدِ)،

في (نخلان) ، في (المِعشار) ،

في كلِّ البراري والتخوم0

 

و(ظفار) حلمٌ نائمٌ فوق السدود،

وحارسٌ لا بدَّ يوماً أن يقوم0

 

وبجبلةٍ أروى.. ومن أروى،

سوى حقلٍ من البركات،والتقوى،

 سنابله ُكأمواجٍ تَعُوم.ْ

 

رَسَمَتْ خطوط ملامح الإنسان،

صاغت عزّة الماضي،

وأجبرتِ الحضارة أن تدومْ0

 

وهبت كنوز الروح خالصةً لوجه الله،

أسَّسَتِ الحياةَ ، على مداميك العلومْ.

 

ملاءٌ .. يحفُّ مدينة الحلم الكبير،

وشوامخٌ حفرت بخّـدِّ الصخر،

أسماء القُحوم0

 

حُييتِ يا أرض الحُصيب ودام عزكِ،

وهو يحمل فكرة المجد العظيم إلى القدوم.

 

 

 

 

 

8 ـ لصدى تباريح الهوى المكنون كفٌ،

ينبشُ الماضي،

ويحيي فيه ذاكرة العصور0

 

هي قصة الحبّ الكبير لتربة الأوطان،

هي المحبَّةُ،

وهْي تقتحم الشعور0

 

وهواجسٌ تصحو بمهجة عاشقٍ،

يخشى على الفرح القديم من العُثور0

 

هي لهفةٌ أن لا يموت بقلبِنا حسُّ الـجَـمَال،

وأن يؤرقنا غداً،

صوت الضمير0

 

هي قصة الوطن الجميل وقد مضت،

سنن الحياةِ عليهِ،

بالقَدَمِ الـجَسُور0

 

لكنه لا ضيرَ .. يا فردوسنا الصغرى،

جمالكِ سوف يبقى،

سوف يزداد بهآءً،

وإلى يوم النُّشور0

 

لا زلتِ حاضرة الفنون،

ومسرح التغيير،

وملتقى الآمال في كل العصور0

 

ولِسنُّةِ الأجيال فينا شأنها،

ويَدُ الحياةِ تجبُّ ما تحوي الصدور.

 

ولعلَّ حاضرنا يبشِّر بالنّماءِ،

يطوفُ بالهدف الذي نحيا له،

عبر الدهور0

 

وعسى الذي نخشاهُ يوماً ،

أن يصير غداً،

هو الأملُ المتوَّجُ… بالحضور0

 

13/5/1999م

ذو فا يش: زعيم حميري ذكره الأعشى

دار سلية:قمة السريَمة حاليا

البيضاء:بنت شمر يرعش ،المقصود دار البيضاء الباقي إلى الآن

الحصيب:أرض يحصب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم الشويطر

avatar

عبد الكريم الشويطر حساب موثق

اليمن

poet-Abdulkarym-al-showaiter@

114

قصيدة

10

متابعين

الاسم: د/ عبد الكريم عبد الله الشويطر تاريخ الميلاد: ٢٤ يوليو ١٩٥٠ الحالة الاجتماعية: متزوج، أب لأربعة أبناء وثلاث بنات التعليم: تلقى علومه الأساسية في مدينة إب، والمرحلة الثانوية في القاهرة وتعز. رُشح لدراسة العلوم ...

المزيد عن عبد الكريم الشويطر

أضف شرح او معلومة