الديوان » السعودية » محمد حسن فقي » الشاعر .. وليلاه

ليْلايَ. إنَّ الدَّهْرَ بالأحياءِ يَحْصِدُهُم ويَمْضي!
وأنا أعِيشُ مُسَهَّداً.. مِن دُونِ إغفاءٍ وغَمْضِ!
أمْسَيْتُ أزْحَفُ بَعْد إسراعي العَنِيفِ. وبَعْدَ رَكْضي!
وغَدَوْتُ لَيْلاً مُدَلَهِمّاً. بَعْدَ إشْعاعِي وَوَمْضي!
والنَّاسِ تَسْأَلُني فَأُعْرِضُ عن تَساؤُلِهِم وأُغْضي!
* * *
ماذا أقُولُ لهم. وهُمْ عن صَبْوَتي يَتَساءَلُون؟!
أَفَيَعْرِفُونَ حِكايتي لَيْلايَ.. أَمْ هم يَجْهَلُون؟!
أَفَيُشْفِقُونَ على المُضَرَّجِ.. أَم تُراهُم يَشْمَتُونْ؟!
لا. لن أَقُولَ ولَنْ أُحَدِّثَهُم بأَسْرارِ السُّجُون!
فهي الحَبِيسَةُ من القُيُودِ الدَّامياتِ وفي السُّجون!
* * *
أَتَذَكَّرُ الأَيَّامَ تِلْكَ. وما أُحَيْلاها فأَشدو!
بالشِّعْرِ مُخْتَنِقاً يَنُوحُ.. يَرُوعُه وَجْدٌ وصَدُّ!
قد كانَ يَرْفِدُهُ الوِصالُ. فَعَيْشُهُ زَهرٌ وَوَرْدُ!
واليَوْمَ صَوَّحَ رَوْضُهُ. والنَّبْعُ جَفَّ. فكيف أَحْدُو؟!
كلاَّ سأَحْدو. فالْهوى غَيٌّ ضَلُولٌ ثم رُشْدُ!
* * *
سَتَرَيْنَ يا لَيْلايَ أَنِّي لا أَذِلُّ ولا أَخُورْ!
سَتَرَيْنَ أنِّي أتْرُكُ الفِرْدَوْسَ إِنْ كانَ يَجُورُ!
فَأَنا المُعْرِضُ عنه. وأنا القالي. ومَرْحًى لِلْحَروْرْ!
فهو أَنْدى الشُموخِ الحُرِّ مِنْ حُسْن هَصُورْ!
رُبَّما عُفْتُ نَسِيمي العَذْبَ. واخْتَرْتُ الدَّبورْ!
* * *
وسَتَبْكينَ على الحُبِّ تَوارى عَنْكِ واسْتَخْفى نَداهْ!
كانَ مَجْداً لكِ يُعْليكِ.. وتُؤْويكِ رُؤاهْ!
ونَوالاً كُلَّ ما جِئْتِ. له.. امْتَدَّتْ يَداهُ!
فَتَزَوَّدْتِ مِن الرَّوْضِ جَناهْ.. وَتَذَوَّقْتِ من الزَّهْرِ شَذاهْ!
ثم فَدَّاكِ. ولكِنَّكِ ما كُنْتِ فِداهُ!
* * *
قال أَتْرابُكِ. ما أغْبى التي عَقَّتْ فتاها!
لَيْتَهُ اخْتارَ هَوانا.. قَبْلَ ما اخْتارَ هواها!
لِيَرَى الفِتْنَةَ تَعْتَزُّ.. وتُولِيهِ جَداها!
بل جَداهُ.. إنَّ مَنْ يَمْلِكُهُ اعْتَزَّ وتَاها!
خَسِرَتْ تِلكَ التي صَدَّتْهُ طَيْشاً وسِفاها!
* * *
وتَقَاطَرْنَ إليه.. بَعْدما أَقْفَلَ بابَهْ!
وتَوارى خَلْفَهُ.. ضاعَفَ مِنْهُنَّ حِجابَهْ!
طارِداً أشْجانَهُ تِلْكَ التي كُنَّ عَذابَهْ!
واسْتخارَ المُزْنَ يَرْوِينَ. فما أَصْدى سرابَهْ!
واسْتَوى مُنْتَصِباً يَتْلو على المَجْدِ كِتابَهْ!
فَتَراجَعْنَ وما ضِقْنَ.. بَلى قُلْنَ سلاما!
إنَّها النَّفْرَةُ من قَلْبٍ عن الذُّلِّ تُسامى!
عَشِقَ الحُسْنُ فأشْقاهُ.. فَوَلىَّ وتَحَامَى!
فإذا الحُسْنُ. وقد وَلىَّ.. عليه يَتَرامى!
فانْزَوى. وانْقَلَبَ الحُسْن مُهِيضا وحُطاما!
* * *
أيُّها الشَّاعِرُ في مِحْرابِهِ الوَادِعَ.. إحْساساً وفِكرا!
رَتِّلِ الشِّعْرَ على أحْلامِنا.. أَكْرِمْ به حُلْواً ومُرَّا!
إنَّه المِهْمازُ يَقْسو لَيِّناً.. كَسْراً وجَبْرا!
الرُّؤى تَمْلأُ جَنْبَيْكَ حَناناً مُسْتَسِرَّا!
أَنِرْ الدَّرْبَ وحَوِّلْ قَفْرَهُ المُجْدِبَ نَضْرا!

نبذة عن القصيدة

معلومات عن محمد حسن فقي

avatar

محمد حسن فقي حساب موثق

السعودية

poet-mohamed-hassan-faqi@

99

قصيدة

128

متابعين

محمد حسن بن محمد بن حسين فقي،أديب وكاتب وشاعر سعودي. ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1914م، تلقى علومه بمدرستي الفلاح بمكة المكرمة، وجدة، وتخرج من مدرسة الفلاح بمكة المكرمة.وثقف نفسه ...

المزيد عن محمد حسن فقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة