الديوان » العصر المملوكي » بهاء الدين زهير » لكم أينما كنتم مكان وإمكان

عدد الابيات : 60

طباعة

لَكُم أَينَما كُنتُم مَكانٌ وَإِمكانُ

وَمَلكٌ لَهُ تَعنو المُلوكُ وَسُلطانُ

ضَرَبتُم مِنَ العِزِّ المَنيعِ سُرادِقاً

فَأَنتُم بِهِ بَينَ السَماكينَ سُكّانُ

وَليسَت نُجوماً ما تَرى وَسَحائِباً

وَلَكِنَّها مِنكُم وُجوهٌ وَئيمانُ

وَفَوقَ سَريرِ المُلكِ أَروَعُ قاهِرٌ

نَبيهُ المَعالي في المُلِمّاتِ نَبهانُ

هُوَ المَلِكُ المَسعودُ رَأياً وَرايَةً

لَهُ سَطوَةٌ ذَلَّت لَها الإِنسُ وَالجانُ

غَدا ناهِضاً بِالمُلكِ يَحمِلُ عِبأَهُ

وَأَقرانُهُ مِلءَ المَكاتِبِ وِلدانِ

وَتَهتَزُّ أَعوادُ المَنابِرِ بِاسمِهِ

فَهَل ذَكَرَت أَيّامَها وَهيَ قُضبانُ

وَإِن نَفَثَت في الطِرسِ مِنهُ يَراعُهُ

رَأَيتَ عَصى موسى غَدَت وَهيَ ثُعبانُ

يَروقُكَ سِحرُ القَولِ عِندَ خِطابِهِ

وَيُعجَبُ مِن قِرطاسِهِ وَهوَ بُستانُ

وَكَم غايَةٍ مِن دونِها المَوتُ حاسِراً

سَما نَحوَها وَالمَوتُ يَنظُرُ خَسرانُ

بِحَيثُ لِسانُ السَيفِ بِالضَربِ ناطِقٌ

فَصيحٌ وَطَرفُ الرُمحِ لِلطَعنِ يَقظانُ

وَكَم شاقَهُ خَدٌّ أَسيلٌ مُوَرَّدٌ

وَما ذاكَ إِلّا مُرهَفاتٌ وَمُرّانُ

جَزى اللَهُ بِالإِحسانِ سُفناً حَمَلنَهُ

لَقَد حَلَّ مَعروفٌ لَهُنَّ وَإِحسانُ

حَوَينَ جَميعَ الحُسنِ حَتّى كَأَنَّما

يَلوحُ بِها في وَجنَةِ اليَمِّ خيلانُ

وَما هاجَ ذاكَ البَحرُ لَمّا سَرى بِهِ

وَلَكِن غَدا مِن خَوفِهِ وَهوَ حَيرانُ

لَقَد كانَ ذاكَ المَوجُ يَرعِدُ خيفَةً

وَيَخفِقُ قَلبٌ مِنهُ بِالرُعبِ مَلآنُ

أَيا مَلِكاً عَمَّ الأَنامُ مَكارِماً

فَلَيسَ لَهُ في غَيرِ مَكرُمَةٍ شانُ

قَدِمتَ قُدومَ اللَيثِ وَاللَيثُ باسِلٌ

وَجِئتَ مَجيءَ الغَيثِ وَالغَيثُ هَتّانُ

وَما بَرِحَت مِصرٌ إِلَيكَ مَشوقَةٌ

وَمِثلُكَ مَن يَشتاقُ لُقياهُ بُلدانِ

تَحِنُّ فَيُذري نيلُها لَكَ دَمعَةً

وَيُعوِلُ قُمرِيٌّ عَلى الدَوحِ مِرنانِ

وَلَمّا أَتاهُ العِلمُ أَنَّكَ قادِمٌ

تَهَلَّلَ مِنهُ وَجهُهُ وَهوَ جَذلانُ

وَوافاكَ فيها العيدُ يُشعِرُ أَنَّهُ

دَليلٌ عَلى طولِ المَسَرَّةِ بُرهانُ

وَهاهِيَ في بِشرٍ بِقُربِكَ شامِلٍ

قَدِ اِنتَظَمَت دِمياطُ مِنهُ وَأَسوانُ

تُصَفِّقُ أَوراقٌ وَتَشدو حَمائِمٌ

وَتَرقُصُ أَغصانٌ وَتَفتَرُّ غُدرانُ

وَقَد فَرَشَت أَقطارُها لَكَ سُندُساً

لَهُ مِن فُنونِ الزَهرِ وَالنَورِ أَلوانُ

يُوافيكَ فيها أَينَما كُنتَ رَوضَةٌ

وَيَلقاكَ أَنّى كُنتَ رَوحٌ وَرَيحانُ

وَإِن تَكُ في سُلطانِها مِن مَحاسِنٍ

سَتَزدادُ حُسناً إِن قَدِمتَ وَيَزدانُ

فَحَسبُكَ قَد وافاكِ يا مِصرُ يوسُفٌ

وَحَسبُكَ قَد وافاكَ يا نيلُ طوفانُ

وَيُشرِقُ وَجهُ الأَرضِ حينَ تَحُلُّها

كَأَنَّكَ تَوحيدٌ حَوَتهُ وَإيمانُ

لِأَنَّكَ قَد بُرِّئتَ مِن كُلِّ مَأثَمٍ

وَأَنَّكَ في الدينِ الحَنيفِيِّ غَيرانُ

فَقُدتُ إِلَيهِ الخَيلَ بِالخَيرِ كُلِّهِ

وَطارَت بِأُسدِ الغابِ مِنهُنَّ عِقبانُ

بِعَزمٍ تَخافُ الأَرضُ شِدَّةَ وَقعِهِ

وَيَرتاعُ ثَهلانٌ لَهُ وَهوَ ثَهلانُ

وَتُملَأُ أَحشاءَ البِلادِ مَخافَةً

وَتَرتَجُّ بَغدادٌ لَهُ وَخُراسانُ

فَأَمَّنتَ تِلكَ الأَرضَ مِن كُلِّ رَوعَةٍ

وَقَد عَمَّها ظُلمٌ كَثيرٌ وَطُغيانِ

وَكانَ بِها مِن أَهلِ شُعبَةَ شُعبَةٌ

مِنَ الجَورِ وَالعُدوانِ بَغيٌ وَعُدوانِ

فَسَكَّنتَها حَتّى مَتى هَبَّتِ الصَبا

بِنَعمانَ لَم يَهتَزَّ بِالأَيكِ نَعمانُ

فَلَم يَكُ فيها مُقلَةٌ تَعرِفُ الكَرى

فَلَو زارَها طَيفٌ مَضى وَهوَ غَضبانُ

تَقَبَّلَ فيكَ اللَهُ بِالحَرَمَينِ ما

دَعا لَكَ حُجّاجٌ هُناكَ وَقُطّانُ

أَيُذكَرُ عَمرٌو إِن سَطَوتَ وَعَنتَرٌ

وَهَيهاتَ مِن كِسرى هُناكَ وَخاقانُ

وَهُم يَصِفونَ الرُمحَ أَسمَرَ ظامِياً

فَها هُوَ مُحمَرٌّ لَدَيكَ وَرَيّانُ

لَقَد كُنتُ أَرجو أَن أَزورَكَ في الدُجى

وَإِنّي عَلى ما فاتَني مِنكَ نَدمانُ

أُعَلِّلُ نَفسي بِالمَواعيدِ وَالمُنى

وَقَد مَرَّ أَزمانٌ لِذاكَ وَأَزمانُ

أَرى أَنَّ عِزّي مِن سِواكَ مَذَلَّةٌ

وَأَنَّ حَياتي مِن سِواكَ لَحِرمانُ

وَقالَت لِيَ الآمالُ بِاليُمنِ وَالمُنى

وَما بَعُدَت أَرضُ الكَثيبِ وَغُمدانُ

وَكُنتُ أَرى البَرقَ اليَمانِيَ موهِناً

فَأَهتَزُّ مِن شَوقي كَأَنِّيَ نَشوانُ

وَأَستَنشِقُ الريحَ الجَنوبي وَأَنثَني

وَلي أَنَّةٌ مِنها كَما أَنَّ وَلهانُ

وَما فَتَنَت قَلبي البِلادُ وَإِنَّما

نَدى المَلِكِ المَسعودِ لِلناسِ فَتّانُ

فَتىً مِثلَما يَختارُهُ المُلكُ ماجِدٌ

وَمَرعىً كَما يَختارُهُ الفالُ سَعدانُ

وَلَيسَ غَريباً مَن إِلَيكَ اِغتِرابُهُ

لَهُ مِنهُ أَهلٌ حَيثُ كانَ وَأَوطانُ

وَقَد قَرَّبَ اللَهُ المَسافَةَ بَينَنا

فَها أَنا يَحويني وَإِيّاهُ إيوانُ

أَشُكُّ وَقَد عايَنتُهُ في قُدومِهِ

وَأَمسَحُ عَن عَينَيَّ هَل أَنا وَسنانُ

فَهَل قانِعٌ مِنّي البَشيرُ بِمُهجَتي

عَلى ما بِها مِن دائِها وَهيَ أَشجانُ

سَأَشكُرُ هَذا الدَهرَ يَومَ لِقائِهِ

وَإِن كانَ دَهراً لَم يَزَل وَهوَ خَوّانُ

وَحَلبَةِ نَصرٍ لا أَرى فيهِ لاحِقاً

وَقَد سَبَقَتهُم في الفَضائِلِ فُرسانُ

لَقَد عَدِمَ الغَبراءُ فيها وَداحِسٌ

وَلَم يَعدِمِ الأَعداءُ عَبسٌ وَذُبيانُ

لَعَمرُكَ مافي القَومِ بَعدِيَ قائِلٌ

فَهَذا مَجالٌ لِلجِيادِ وَمَيدانُ

فَدَع كُلَّ ماءٍ حينَ يُذكَرُ زَمزَمٌ

وَدَع كُلَّ وادٍ حينَ يُذكَرُ نَعمانُ

وَماكُلُّ أَرضٍ مِثلُ أَرضٍ هِيَ الحِمى

وَما كُلُّ نَبتٍ مِثلُ نَبتٍ هُوَ البانُ

وَمِثلي وَلِيٌّ هَزَّ عِطفَيكَ مَدحُهُ

وَإِن شِئتَ سَلمانٌ وَإِن شِئتَ حَسّانُ

أَلا هَكَذا فَليُحسِنِ القَولَ قائِلٌ

وَمِثلُ صَلاحِ الدينِ قَد قَلَّ سُلطانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بهاء الدين زهير

avatar

بهاء الدين زهير حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Baha-Aldin-Zuhair@

448

قصيدة

6

الاقتباسات

744

متابعين

زهير بن محمد بن علي المهلبي العتكي، بهاء الدين. شاعر، كان من الكتّاب، يقول الشعر ويرققه فتعجب به العامة وتستملحه الخاصة. ولد بمكة، ونشأ بقوص. واتصل بخدمة الملك الصالح أيوب ...

المزيد عن بهاء الدين زهير

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة