الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » ذهبت ايام الشباب سراعا

عدد الابيات : 50

طباعة

ذهبت ايام الشباب سراعا

فوداعاً لهن ثم وداعا

كان لي كلما صبوت فاد

لجت كنجم يلقي عليّ شعاعا

لم اكن ادري قبلما خف ينأى

ان فيه على الرحيل زماعا

يوم اني القويّ اهبط وهدا

ناً فساحاً له واعلو تلاعا

سوف ابكي لو كان يجدى بكائي

املاً بعد ان تقرب ضاعا

ذهب العيش فيه عني حلواً

آه لو كان رده مستطاعا

كان ذاك العيش الذي لم يدم لي

حلماً مر طيفه خداعا

لست انسى جمال تلك الليالي

وان اخترن عن بقاعي بقاعا

ان للذكريات في قلب من فا

رق ما كان قد احب انطباعا

وكأن السنين قد كن ايا

ماً وتلك الايام قد كن ساعا

كان ذاك الشباب مثل ربيع

منبت من انواره انواعا

زهره باسم للحن القماري

فيلذ الانظار والاسماعا

حبذا اللهو اذ دعاني اليه

نزوان الصبا فكان مطاعا

قد حمدت الشباب اذ كان غضا

وذممت المشيب والاوجاعا

ليس هذا القتير في مفرقي ال

لا سحاباً ما ان يريد انقشاعا

انا من بعد ما وهنت من الش

شيب بناء جدرانه تتداعى

حيثما التفت اليه اشاهد

فيه شقاً يخيفني وانصداعا

محزني ان ارى لحبل حياتي

عن قريب من الزمان انقطاعا

ثم من بعد ان اقيم بقبري

لا ارى من شمس النهار شعاعا

انه حفرة من الارض في البط

ن وان كان الظهر منه يفاعا

بئس مثوى المعززين على ال

أرض ضريح يبلي الكلى والنخاعا

وارى بين الموت وهو امامي

وحياتي في كل يوم صراعا

امهلتني الصروف حيناً من الد

دَهر فلما أتين جئن سراعا

وكأني ارى حفيري بعيني

فاغراً فاه يبتغي لي ابتلاعا

وارى ايدياً تحاول دفني

ثم اني لا استطيع دفاعا

ليس من حبي للمنية اني

ان دنت مني اصبعاً ادن باعا

بل هو الشيب والكآبة وال

أمراض يمشين بي اليها سراعا

يحمل الشيخ في الحياة اماني

وقلباً الى الصبا نزاعا

ان قلب الشيخ الكبير كطفل

لم يشأ عن غلوائه اقلاعا

ليس ما للحياة من رونق في

نظر الشيخ الهمّ الاّ خداعا

انا بين الشيوخ لم انفرد في الذ

ذب عنها فان لي اشياعا

كلنا يسعى ان يعيش سعيدا

كلنا يهوى بالحياة انتفاعا

لا اخاف المنون فهو اذا ما

لاح لي القاه بوجهي شجاعا

انه سنة الطبيعة لا تش

هد فيما به تجيء ابتداعا

هل ينافي شجاعتي انني اح

رص ان لا تمضي حياتي ضياعا

ايها العيش انت لست على لو

ن فخير ساعا وشر ساعا

لا تكون الحياة في كل وقت

للألى يرغبون فيها متاعا

ولو ان المنون لم يك حقاً

لاخترعناه للحياة اختراعا

ليس للحملان الشقية في ال

أرض سلام حتى تكون سباعا

طالما في الفناء فكرت فار

تعت وما كان الظن ان ارتاعا

يجد المرء في البقاء على الار

ض لحاجات نفسه اشباعا

اقنعت نفسي بالبقاء ضميري

ولعقلي لم تستطع اقناعا

سدلت حسناء الطبيعة عن

بخل علي وجهها الجميل قناعا

انما هذه الحياة شرار

من زفير الاثير ثار فشاعا

ولها اسرار عن العقل تنبو

انا لا ادعى عليها اطلاعا

لم يضر رأيي في الحياة فتيلا

انه لا يرى له اشياعا

رب رأى للفرد كالسيف ماض

يخرق المأثورات والاجماعا

لا اود المقلدين سواهم

ولقد تنكر الطباع الطباعا

انا لو كنت املك اليوم حر

رية نفسي اذعت ما لن يذاعا

وتجاهرت بالحقيقة مثنى

وثلاثاً من بعده ورباعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة