الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » للطيف بحر بكاي ينفرق

عدد الابيات : 81

طباعة

للطَّيفِ بَحرُ بُكايَ يَنْفَرِقُ

وإذا تقحّمَ عُذَّلي غَرِقوا

إعجازُ وَجْدٍ قد شَرعْتُ به

دينَ الغرام لكُلِّ مَن عَشِقوا

مطَرتْ سَحابةُ عَبْرتي دِيَماً

من طُولِ ما رَعدوا وما بَرقُوا

قالَ الوشاةُ لقد سلوتهُمُ

كَذِبَ الوشاةُ وليتَهم صَدقوا

بالقلبِ يَسْلو إن سلا دَنِفٌ

والقلبُ رَهْنٌ عندهم غَلِق

أَبني كنانةَ من قبائلِكمْ

بالحَزْنِ حيث تَلاقَتِ البُرَق

نَبّالةٌ يومَيْ وغىً وهوىً

أَهدافُها وسهامُها الحَدَق

وإلى المَقاتلِ لَحْظُ أَعيُنِهمْ

من نَبْلِهمْ أَهدَى إذا رشَقوا

رمَقوا فما تَركوا غداتَئذٍ

فوق البسيطةِ مَن بهِ رمَق

أَرأَيتَ كيف غدا يُديرُ لنا

عينَيْهِ ذاك الشّادِنُ الخَرِق

ليس العجيبُ إذا هُما رمَتا

والقلبُ لامةُ صَبْرِه مِزَق

أنْ لم يكُنْ عندَ النِّضالِ بدا

من نابلَيْنِ لحاسِرٍ فَرَق

عَجِبَ الخلائقُ من فؤادِ فتىً

أَرسَى بحيثُ الأسهُمُ المِرَق

يَلتَذُّ ما أَصماهُ قاتِلُه

وبه إذا لم يَرْمِه القَلَق

أشجِعْ بقَلْبي حين تَرشُقُه

لو أنّ صُدْغَك فوقَه حَلَق

يا صاحِ أَسعِدْني فكم أَنا قد

أَسعَدُْت أَصحابي الأُلَى عَشِقوا

سَلْ حَيَّهمْ عنّي وعن نفَري

كم صُبِّحوا منّا وكم طُرِقوا

عُقُباً فإمّا زائرٌ طَرِبٌ

وَجْداً وإمّا ثائرٌ حَنِق

فبأدْهَمِ الإظْلامِ أَطرُقُهمْ

وبأَشَهبِ الإصباح أَنطلِق

من دونِ ديباجِ الخدودِ لهم

كُسِيَ القِبابَ سُجوفَها السَّرق

فإذا ذهبْتَ مُسارِقاً نظَراً

أَعياكَ من سَرَقٍ بها السَّرق

أُمسي إذا ملأوا العيونَ كَرىً

والجَفْنُ منّي مِلْؤه أَرَق

وأَزورهمْ طَيْفاً وأَحسَبُني

لو زُرتُهمْ شَخْصاً لَما فَرِقوا

للهِ أهيفُ خَصْرُه أَبداً

بنواظرِ العُشّاقِ مُنْتَطِق

شمسٌ إذا غربَتْ غداةَ نوىً

فبُكايَ في آثارِها شَفَق

قد قلتُ للقلبِ امتلِك جلَداً

أَو فاستَعِرْ فالرَّكْبُ مُنْطَلِق

فأجابَ لا تَتْعَبْ بتَوْصيَتي

قبلَ التّفرُّقِ نحن نَفْتَرِق

لك أَدمعٌ لو سار رَكْبُهمُ

قُطِعَتْ بهِنّ عليهمُ الطُّرق

أطفأْتَ نارَ الخَدِّ منك بها

وتَركْتَ صَدْرَك مِلْؤه الحُرَق

كتَم الهوَى قَلْبي فأحْرَقَه

والزَّنْدُ حينَ يَبوحُ يَحْتَرِق

وبكَيتُ من شَوْقٍ ومن عجَبٍ

ظَمْآنُ وهْو بمائهِ شَرِق

أمّا الوُشاةُ فكم لنا طلَبوا

عَيْباً وأعيا الصِّدْقُ فاخَتلَقوا

من قبلِ أن خلَقوا لنا قِصصاً

يا لَيتَهمْ في النّاسِ ما خُلِقوا

أعطَيتُ أَيّامي القِيادُ على

قَسْرٍ وكيف يُجاذَبُ الوَهَق

ورَضِيتُ عن بَحْرٍ أُجاوِرُه

إن كانَ لا رِيٌّ ولا شَرَق

وقصائدٍ غُرٍّ مُحبَّرةٍ

هيَ من فؤادي لو دَرَوْا شِقَق

آتي بها سُوقَ الكَسادِ وقد

حُشِدَتْ بها الأملاكُ والسُّوَق

فَيُرخِّصونَ ويَرْخُصون وقد

قُطِعَتْ بهِنَّ إليهمُ شُقَق

كَذِبَ الأُلَى قالوا المديحُ لنا

رِيحٌ فلِمْ يُعطَى بهِ الوَرِق

فالرّيحُ أيضاً إنْ أُتيحَ لها

هَزُّ الغصونِ تَناثَر الوَرَق

أنا والبَدائعُ لن أَزالَ لها

أُمسي بجَفْنٍ ليس يَنطبِق

وبناتُ فِكْرٍ لي تَدورُ معي

وأَدورُ عُمْري وهْيَ تَأْتلِق

كبناتِ نَعْشٍ والسُّها طَلباً

للاِشْتهارِ بهنّ مُلْتَصِق

لكنْ تَرانا في سماءِ عُلاً

من حَولِ قُطْبِ المجدِ نَختَرِق

قُطْبٌ عليه عادَ مُؤْتَنِفاً

فلَكُ الممالكِ وهْو مُتّسِق

ما رأْيُه والمُلْكُ إن طرقَتْ

غَمّاءُ إلاّ الشّمسُ والأفُق

وخِطابُه والخَطْبُ إن يَعْلُ ال

أَقوامُ إلاّ اللّيلُ والفَلَق

هي دَولةٌ سَعِدَتْ بأوحدِها

فشَبيهُه في الدَّهْرِ ما رَمقوا

في كلِّ شَيءٍ أَهلُه اختلفوا

لكنْ على تَفْضيلِه اتّفقوا

ما انفَكّ مِسْكُ ثَنائنا أَبداً

وله ببُرْدِ علائه عَبَق

ما إن يَزال حَجيجُ كعبته

فِرَقاً على آثارِها فِرَق

مِن وجههِ لهمُ ومِن يده

شَمسٌ تُضيء وعَارِضٌ يَدِق

مُصْفٍ لسلطانِ الأنامِ هوىً

ففؤادُه بسِواهُ لا يَثِق

خلَصَتْ سَريرتُه وسائرهمْ

قد نافَقُوا غِشّاً فما نَفقوا

قُلْ للمُهنَّا ما يليقُ به

هُنِّئْتَ أَنَّك بالعُلا لَبِق

تَقليدُ مثْلِك شُغْلَ مملكةٍ

مثْلُ القِلادةِ زانَها العُنُق

شاني علائك قَلْبُه أَلِمٌ

طُولَ الزّمانِ وطَرْفُه أَرِق

حَنِقٌ دخيلُ الغَيْظِ ينفُخُه

حتّى بِزَرِّ الثّوبِ يَختَنِق

نَفْسي فِداؤك مِن أَخي ثقةٍ

للودِّ يَمحَضُ كُلَّ ما مَذَقوا

صدْقٌ صداقتُه لصاحِبه

فلدَيْهِ لا كذِبٌ ولا مَلَق

غَوّاصُ بَحْرِ يَمينِه قَلَمٌ

يَمتارُ منه اللُّؤْلُؤُ النَّسق

ويُضيءُ قرطاساً ومِن عجَبٍ

جَوْنٌ يُضيء بصِبْغِه يَقَق

للهِ أَبلجُ نُورُ غُرّته

مهما تَجلّى للعِدا صَعِقوا

يَسعَى الغمام وليس يُدرِكُه

مُتكلِّفاً بجَبينِه عَرَق

والبحرُ حينَ تَقيسُه كرَماً

في قَطْرةٍ من بَحْرِه غَرِق

عُودُ العُلا والمَجدُ مِطْرَفُه

مِثْلُ المشيبِ جَديدُه خَلَق

والدّهرُ مِضمارُ الكرامِ وهُمْ

أَشباهُ خَيْلٍ فيه تَستَبِق

ما إن لَحِقْتَهُمْ وقد سَبقوا

حتّى سبقْتَهُمُ فما لَحِقوا

من آلِ سالمٍ الألَى سَلِمَتْ

أَعراضُهمْ وتَمجَّد الخُلُق

تَنْميكَ أَمْلاكٌ يَمانِيَةٌ

بِيضٌ كَدُرِّ العِقْدِ قد نُسِقوا

أحسابُهمْ تَحكي سُيوفَهمُ

في الرَّوْعِ فهْي صَقيلةٌ عُتُق

غرَبوا فلمّا جئْتَ بعدَهمُ

وحكَيْتَهمْ فكأنّهمْ شَرَقوا

أَصفيَّ دينِ اللهِ دَعوةَ مَن

أَضحَى بذَيْلِ عُلاكَ يَعتَلِق

هل في الفضيلةِ أن أَعيشَ كذا

شِلْواً بكفِّ الدّهرِ أُعترَق

أيّامَ أنت مُحَكِّمٌ قلَماً

في دَولةٍ ولديكَ مُرتَزَق

وتَضُمُّنا عرَبيّةٌ كرُمَتْ

أَعراقُها فَفُروعُها سُمُق

إنْ تَعْتَنِقْ كُلَفي مُحافظةً

لا زال رَحْباً منك مُعتَنَق

فَلطالما والدّهرُ ذو دُوَلٍ

لِوَميضِ بَرْقِكَ بِتُّ أرتَفِق

نَصْرُ ابْنِ نَصْرٍ قد قَنِعْتُ به

قَرُبتْ ليَ الأنصارُ أم سَحُقوا

وعُلا عَليٍّ فوقَ كُلِّ عُلاً

سكَتوا غداةَ الفَخْرِ أَم نَطَقوا

لا زال قُطْباً في الثّباتِ له

يَأْتي ويَمْضي الصُّبْحُ والغَسَق

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة