الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » أهواكم وخيالكم يهواني

عدد الابيات : 97

طباعة

أهواكُمُ وخيالُكمْ يَهْواني

فلقد شَجاهُ فراقُكم وشَجاني

أُضحي أخا سفَرٍ فما ألقاكُمُ

وأبيتُ ذاَ سهَرٍ فما يَلْقاني

ما زلْتُ أحكي في النُّحولِ مِثالَه

حتّى تَناهَى السُّقْمُ بي فَحكاني

فتركْتُ طَيفَكُمُ وقد أفناهُ هِجْ

راني كما هِجرانُكمْ أفناني

ما كان يَدْري ما الحَنينُ مَطيُّنا

حتّى مرَرنَ بأبرَقِ الحَنّان

لمّا أمَلْتُ زمامَ نِضْويَ نَحوَهُ

لأُجيلَ طَرفيَ في رُسومِ مَغان

جَعلَتْ تُناحِلُني الرُّسومُ لَوائحاً

والدّهرُ أبلاها كما أبلاني

ما كان آهِلَها عَشِيّةَ زُرتُها

إلا مَكانُ مَطِيّتي ومكاني

فلو استَمعْتَ إليّ في عَرَصاتِهّا

لعجِبْتَ كيف تَخاطَب الطّلَلان

وسألْتُها أينَ الَّذينَ عَهِدْتُهمْ

ليُجيبَ أو ليُبِينَ بعْضَ بَيان

فثَنى الصَّدى قَوْلي إليَّ بحَرِّها

وبمِثْلِ ما ناجَيْتُه ناجاني

صَدقَ الصّدى أنا والدّيارُ جَهالةً

بالحيِّ مُذْ شَطَّ النَّوى سِيّان

إنّ الذينَ عُهودُهمْ كعُيونِهمْ

عندَ اللّقاء ضعيفةُ الأركان

جَعلوا وما عدَلوا غداةَ تَحكَّموا

دَمْعي الطّليقَ لهمْ وقَلبي العاني

قلبٌ أدار عليهِ طَرْفُكَ كأْسَه

كم جارَ من ساقٍ على نَدْمان

وأنا الفِداءُ لشادنٍ لاحَظْتُه

فسبَى الفؤادَ بناظرٍ فَتّان

قد قلتُ حينَ نظَرتُ فَرْطَ تَعجُّبٍ

وعليه لمّا أن بدا قُرطان

لِمْ نَكَّسوا القُرطينِ لمّا عاقَبوا

في جيدِه والسّاحرُ العَيْنان

بجِوارِ جائرتَيْنِ قد عَلِقا معاً

فهُما بما جنَتاهُ مُرتَهِنان

ما كان أوّلَ سَطوةٍ من ظالمٍ

أخذَ البَريءُ بها فلَجَّ الجاني

والدّهرُ قد يَجْلو عَجائبَ صَرْفِه

حتّى أكونَ مُكذّبِاً لعِياني

ياجَيُّ جئْتُكِ زائراّ وأنا امرؤٌ

ناء عنِ الأوطارِ والأوطان

فقَرَيْتني هَمّاً جُعِلْتُ له قِرًى

إنّ الغريبَ لأُكْلَةُ الأحزان

ضَيفاً إذا اختارَ النُّزولَ بساحتي

كانتْ ملاءُ جِفانِه أجفاني

وإذا سَرَى لم تَهْدِه مَشبوبَةٌ

باللّيلِ إلاّ ما يُجِنُّ جِناني

عافَ السَّديفَ وقد ألمَّ بسُدْفةٍ

فأرادني وأذابَني وغَذاني

وكذا الأكارمُ لو قَرَوْا بلُحومِهمْ

لم يَحْسِبوا مَنناً على الضّيِفان

هل في معاهدِ أصفهانَ وحُسنها

مُتعلَّلٌ لنزيعِ خُوزِسْتان

فَتَق الرّبيعُ بها الكَمائمَ كلَّها

فتَبسّمتْ للنّاسِ عن ألوان

إلاّ فؤادي فالهمومُ تَضُمُّه

عن أن يُطالِعَ منه بِيضَ أمان

أمّا الرّياضُ فقد بدَتْ كمجَالسٍ

مَنْضودةٍ والوُرْقُ فُصْحُ قِيان

والرِّيحُ مثْلُ الرّاحِ بُوكرَ شُرْبُها

والغُصْنُ فيه تَميُّلُ النَّشْوان

وإذا الحَمامُ غدا وراحَ مُكَرِّراً

في الأيك ما يَختارُ من ألحان

فتَرى بنا ما بالغُصونِ إذا شَدَتْ

من شِدّةِ البُرَحاء والأشْجان

تتَشبَّهُ الأغصانُ بالأعطافِ إنْ

غَنّيْنَ والأعطافُ بالأغصان

ما للنّسيمِ ونَى وليس هُبوبُه

في سُحْرةٍ عن أن يَشوقَ بِوان

أعطَى القَنا أيدي الرِّياضِ تَهُزُّها

وكسا الدُّروعَ مَناكبَ الغُدْران

وكأنّه يومَ الهِياجِ مُحَرِّشٌ

يَسعَى لكي يَتصادم الزَّحْفان

وكأنّما بَعثَ البِحارُ إلى الرُبَا

بِيَدِ السَّحابِ وَدائعَ المَرْجان

وحكَى أقاحيها سقيطَ دراهمٍ

وحكَى دنانيراً جنَى الحَوْذان

وشقائقُ النُّعمان تَحكي بَيْنَها

بكمالِ بَهْجتِها خُدودَ حِسان

هيَ للخدودِ النّاعماتِ نَسيبةٌ

شَبَهاً فلِمْ نُسِبَتْ إلى النُّعْمان

وكأنّ كُلَّ شَقيقةٍ مكْحولةٍ

شَرِقَتْ مَحاجِرُها بأحمرَ قان

عَينٌ لإنسانٍ وقد مُلئتْ دَماً

منه فما يَبدو سوى الإنْسان

يَبكى بها شاني الأميرِ مُحمَّدٍ

كَسَداً فتَترُكُه قَريحَ الشّان

والفَضلُ إن يكُ رَوضةً فشَقيقُها

تَحديقُ عَيْنِ الحاسدِ اللَّهفان

لأبي عليٍّ في العلاء ثَنِيّةٌ

لا يَستطيعُ طُلوعَها القَمَران

طلَع الأميرُ مُحمَّدُ بْنُ مُحّمدٍ

شَمْساً لأُفْقِ العَدْلِ والإحْسان

شَرَفٌ لدينِ اللهِ سَمّاهُ الهُدى

وحُلَى الأسامي للرِّجالِ مَعان

لمّا نَمتْه منَ الملوكِ عِصابَةٌ

للدّينِ كانوا أشْرفَ الأعوان

أبناءُ أوّلِ مَعشرٍ لسيوفهم

في الدّهرِ ذَلَّ الكُفْرُ للإيمان

لاثُوا العمائمَ سُؤْدَداً وتَعوَّدوا

بالبِيضِ ضَرْبَ مَعاقدِ التِّيجان

وبِهمْ نَبيُّ اللهِ باهَى عِزّةً

مَن كان مِن عَدْنانَ أو قَحْطان

في يومِ ذي قارٍ غداةَ سُيوفُهمْ

نيرانُ أهْلِ عبادةِ النِّيران

كانتْ كذلك جاهليّةُ مُلكِهمْ

والدَّهرُ إن نظرَ الفتى يَوْمان

وحمَوْا حِمَى الإسلامِ لمّا أنْ بدَتْ

للخُرَّميّةِ ضَربةٌ بجِران

وسعَى أبو دُلَفٍ إلى عَلْياءَ لم

يَدْلِفْ إليها بامْرئٍ قَدَمان

في عُصبةٍ مُضَرِيَّةٍ لكنّهمْ

قد أصحَبوا الأيمانَ كلَّ يَمان

وكتيبةٍ تَطِسُ الحصَى مَلْمومةٍ

تُعْشى إياةَ الشّمسِ بالومَضان

في حيثُ ليس يَهيجُ أطْرابَ الرَّدى

إلا حَنينُ عطائفِ الشِّربان

والخيلُ كالعِقْبانِ تَقْتحمُ الوغَى

فالقْومُ تحتَ قَوادمِ العقْبان

والطّعْنُ يَحْفِر في الكُلَى قُلُباً لها

سُمُرُ القَناَ بَدَلٌ منَ الأشطان

وعلى مُتونِ الخيلِ أحْلاسٌ لها

من كُلُّ مِطْعامِ النَّدى مِطْعان

كُلُّ ابنِ مُنْجِبةٍ بصَدْرِ جَوادِه

في الرَّوْعِ يَغْشَى حَدَّ كُلِ سِنان

ما كان يُرضِعُه لَبانَ حِصانه

لو كان لم يَرضَعْ لِبانَ حَصان

بك يا جمالَ المُلْكِ أضْحَى يَزْدهي

رَأْيُ الوزيرِ ورايةُ السُّلْطان

بأغرَّ يغدو حِلْيةً لزمانِه

وجُدودُه كانوا حُلَى الأزمان

ومُقابَلُ الأطرافِ مُشْتَهِرُ العُلا

والبَيتُ للزُّوَارِ ذو أركان

أمّا العُمومةُ فهْيَ قد فَرعَت به

عَلياءَ يَقْصُرُ دونَها النَّسران

وإذا التفَتَّ إلى الخُؤولة لم تَخَلْ

أحداً يُقارِبُ مَجدَه ويُدانى

عُلْيا بني إسحاقَ فيه إذا انْتَمى

قد سانَدتْ عُلْيا بني شَيْبان

وإذا سألتَ عنِ المكارمِ والعُلا

فلأولٍ من قاسِمَيْهِ وثان

وهما اللّذانِ من سالفَيْ عصرَيهما

رفَعا منارَ المجدِ والدّيوان

فالمجدُ أعشارٌ إذا قَسّمْتَه

والقاسمانِ له هما السَّهْمان

هل كان في الوزراء إلاّ قاسمٌ

ولقد يُزادُ الحَقُّ فَضْلَ بيان

مَن كان خُصَّ بلَثْمِ خَمْسٍ منهمُ

مع ضَربِ خَمسٍ عندَ كُلِّ أذان

أو كالنظامِ وهل جَوادٌ مثْلُه

في الدَّهرِ عمَّ الأرضَ فضْلَ بنان

يُعطي العطايا الباقياتِ وقد مضَى

وعَطاهُ كُلَّ مِن سِواهُ فان

فهما كبيراكَ اللّذانِ كأنّما

كانا بمجدِكَ للورَى يَعِدان

ويكون مثُلك أنت واسطةً إذا

ما كان مثْلَ أولئكَ الطَّرَفان

أمَناطَ آمال تَعُدُّك عُدّةً

للحُرِّ عند طَوارقِ الحَدَثان

وكأنّ نُورَ جَبينِه لعُيونِنا

كَرماً مَخيلةُ عارضٍ هَتّان

نُطْقٌ تظَلُّ الغُرُّ من كَلماتِه

وكأنّها الأقراطُ في الآذان

كَلِفٌ بدُرِّ القولِ مِن مُدَّاحه

يَشْريهِ بالغالي منَ الأثمان

فَضْلاً وإفْضالاً وما جمَع الفَتى

للفَخْرِ مثْلَ العُرْفِ والعِرْفان

وكأنّ أطرافَ اليراعِ تَهزُّها

للخَطْبِ أطرافُ القنا المُتَداني

تتأرَّجُ البَيداءُ من أخبارِهِ

وتضوعُ ساعة مُلْتقَى الرُّكْبان

مِن كُلِّ مَشْبوبِ العزيمة نَحْوَه

مُوفٍ على شَدَنيّةٍ مِذْعان

وَجْناءَ حَرْفٍ ما يزالُ يَمُدُّها

أو يُبدِلَ التّحْريكَ بالإسكان

مُتواضِعٌ للزّائِرينَ ومَجْدُه

مِن رِفعةٍ مُوفٍ على كِيوان

نفَسْي فِداؤك يا مُحمّدٌ من فتىً

راجيه لا يُرمَى بهِ الرَّجَوان

وإذا دَعَوْتُ إلى المُهمِّ أجابنَي

فكَفاهُ لا وانٍ ولا مُتَوان

أولَيتُه وُدّاً وأولاني يَداً

والمجدُ أجمَعُ بَعْضُ ما أَولاني

وأزَرتُه مِدَحي وحاشَ لهِمَّتي

مِنْ أن أُحِلَّ الفضلَ دارَ هَوان

ولئنْ غدَتْ أيّامُ إلْمامي بهِ

مِمّا قَلَلْنَ كقَبسَةِ العَجْلان

فأنا الّذي أُثني على عَلْيائهِ

كثناء حَسّانٍ على غَسّان

إن لم تكُنْ قَدَمي تؤُمُّ فِناءهُ

فلقد جرَى قَلَمي ونابَ لِساني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة