الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » كتاب عبد إلى مولاه يعتذر

عدد الابيات : 38

طباعة

كتابُ عبدٍ إلى مَولاهُ يَعتَذِرُ

ذي خَجلةٍ قَلْبُه مِمّا جنَى حَذِرُ

فإنْ غدا وله في قَلْبِه أثَرٌ

لم يَبْقَ للعَبْدِ لا عَيْنٌ ولا أثَر

وإنْ غدا قابِلاً أعذارَهُ كرماً

فلا يَزالُ على الأكفاء يَفْتَخِر

هل غافِرٌ أنت تَقْصيراً عثَرْتُ به

يا مَنْ بلُقياهُ ذَنْبُ الدّهرِ يُغتَفَر

ومَن بقُربيَ منه غُربتي وَطَنٌ

ومَن مُقاميَ عنه نائياً سَفَر

حَرمْتُ نَفْسيَ أعْلَى مَفْخَرٍ فغَدا

من الغبينةِ قلبي وهْو يَنْفَطِر

لكنْ تُعِلّلُ منّي النَفْسَ مَعرفتي

بأنّ عهدَ ولائي الدّهرَ مُدَّكَر

وأنّني من ذُرا المَولَى صفاءَ هَوىً

أُدْنَى وإن غبْتُ من قومٍ وإنْ حَضَروا

يا مَن غدا شاغِلي عن فَضْلِ خدمتِه

بفَضْلِ نعمتِه والصّدْقُ يَشْتَهِر

أكثرتَ رِفْدِي فأكثَرتُ التّفكُّرَ في

إحرازِه وأخو التّحصيلِ يَفتكِر

وقيل إن لم تُبادِرْ قَلَّ حاصِلُه

وفُرصةُ الشَّيءِ تُرجَى حينَ تُبتَدَر

فمِن حَيائي ومن شَوقي إليك أرَى

نارَيْنِ كلتاهما في القَلْبِ تَستَعِر

فلا تَظُنَّنَّ أنّي عنك مُصطَبِرٌ

وإن رحَلْتَ فمالي عنك مُصطَبَر

إن أصبحَتْ قُبلةُ التّوديعِ فائِتَتي

فَسَلْوتي أنّها للعَودِ تُدَّخَر

كأنّني بي وقد أعجلْتُ مُنصَرَفي

إلى ذُراكَ ولُطْفُ اللهِ مُنتظَر

وصدَّق اللهُ فأْلي في تَوجُّهِكُمْ

وصدْقُ فأليَ للأصحاب مُخَتَبر

وعُدْتَ أحسنَ عَوْدٍ عادَه أحَدٌ

من وِجهةٍ عَرضَتْ فاستبشَر البَشَر

وأقبلتْ رايةُ السّلطانِ طالعةً

والنَّصرُ في ظِلِّها يَختالُ والظّفَر

وزُرتُه قَلميَّ المشْي من طَرَبٍ

لمّا أتاني بهِ عن سَيْفِه الخَبَر

وصغْتُ تَهنئةً بالفتحِ تَحسُدُها

من حُسْنِها في السماء الأنجمُ الزُّهُر

ونِلْتُ منه نَوالاً لا يُشاكِلُه

إلاّ قِطارُ الغَوادي وهْي تَنْهَمِر

ولن يَفوتَ غِنىً أنت الضّمينُ له

وإنْ تَصدَّتْ ليالٍ دُونه أُخَر

يا مُغْنِياً لي بآلاءٍ يُواصِلُها

إنّي إليك وإن أغنَيْتَ مُفتَقِر

لي منك مَضْمونُ إدرارٍ إلى صِلَةٍ

كُلٌّ له حين يُسْمَى عندهُمْ خَطَر

فلو جَرى قَلَمُ المَولَى بتَوصيةٍ

في بعضِ كتْبٍ إلى النُّوّابِ يُستَطَر

كانتْ كعادةِ طَوْلٍ منه عَوَّدها

وعادةُ الطَّولِ طُولَ الدَّهر تُدَّكر

وَرْدُ الملوكِ كثيرُ الشّوكِ إن غفَلُوا

عن مُجتَنيهِ فأدْنى نَيْلِه عَسِر

وهْو الهنيءُ قِطافاً إن غدا كرماً

لهم إلى المُجتَني من بُعْده النّظَر

يا واهبَ الألْفِ جُوداً وهو يَحقِرُها

والرفُدُ أعظَمُ قَدراً حين يُحتقَر

بَقيِتَ للمُلكِ ألفاً في ظلالِ عُلاً

ودولة لك لا تنتابُها الغِيَر

ألفاً إذا الدّهرُ أحصاها استقَلَّ كما

تَغْدو لنا واهباً ألفاً وتعتَذِر

وبعدَ ألْفٍ أُلوفاً يَرتدِفْنَ كما

من جُودِ كفِّك تَتلو البِدرةَ البِدَر

مُمتَّعاً ببَنيكَ الغُرِّ أوجهُهم

مثْلَ الكواكب يبدو وَسْطَها القَمَر

في ظلِّ مَن هو ظِلُّ اللهِ من شرفٍ

في أرضِه فهْو ظِلٌّ ليس ينحَسِر

مَلْكِ الملوكِ العظيمِ المُلك حين غدا

منك الوزيرُ له في الدّهْرِ والوَزَر

تَبقَى ويَبقَونَ في نَعماءَ عاكفةٍ

وعيشةٍ ما لكم من وِرْدِها صَدَر

ومُشْبِهاً عيشَكم في الدّهرِ مُلكُكمُ

فلسَ يَعرضُ في صَفْويْهما كَدَر

بكم حَوى الفخْرَ دَهْرٌ ضمَّ شملَكمُ

ما قيمةُ السِّلْكِ إن لم تُغْلِهِ الدُّرَر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة