الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » كلما اشتقت يا خليلي نجدا

عدد الابيات : 65

طباعة

كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا

عَنَّ صَرْفُ الزّمانِ فازدَدْتُ بُعْدا

كلَّ يومٍ أزيدُ بالقلبِ إقْبا

لاً عليه يَزيدُ بالوجْهِ صَدّا

فمتى نَلْتَقي ونحن على ذا

أَيَّ قُرْبٍ رُمْنا إلى البُعْدِ أَدّى

قد بلَونا الهوى وكان شديداً

ولَقِينا النّوى فكان أَشَدّا

ووصَلْنا الحنينَ لو جَرَّ نَفْعاً

وأَدَمْنا البكاءَ لو كان أَجْدى

وقطَعْنا البلاد سَهْلاً وحَزْنا

وَبرَيْنا الرِّكابَ حَلاً وشَدّا

وانتظَرْنا الزّمانَ يوماً فيَوْماً

واعتنَقْنا الخطوبَ وَفْداً فَوفْدا

كُلُّ شَيءٍ لَقِيتُه دونَ نَجْدٍ

حين يَمَّمْتُه ولم ألْقَ نَجدا

غُربةٌ لم تدَعْ من العزْمِ فَضْلاً

ونوىً لم تدَعْ معَ العيسِ جَهْدا

غَرْبةُ الجَدِّ أَينَما أَتوجَّهْ

من تمادِي أيّامِها أَلْقَ سَعدا

إنْ تَعدَّى بها الزّمانُ علينا

فعلَى كم هذا الزّمانُ تَعَدّى

لا تَلُمْهُ فاللّومُ ينجَحُ في الحُرْ

رِ وكان الزمانُ مُذْ كان وَغْدا

يَصِلُ المالَ بالهوانِ لراجي

هِ وكان الهوانُ للحُرِّ طَردا

وأخو الهِمّةِ الأبيّةِ فيه

من بنيهِ يَختارُ عِزّاً وجُهدا

أيّها الرّاكبُ المُغِذُّ مُجِدّاً

وأَراه لعهدِ نجدٍ مُجِدّا

قُلْ لنجدٍ عنّا سقَى اللّهُ نجداً

قولَ مَن ضَمَّ منه في القلبِ وَجدا

أَنت والسّاكنوك فيما عَهِدْنا

هِجْتُما لي جوىً أعادَ وأَبدا

فإذا ذُمَّتِ العهودُ فإنِّا

ما ذمَمْنا منهم ولا منكَ عَهدا

فرعَى اللّهُ ذلك العهدَ عَهدا

وأَرى اللّهُ ذلك الحَيَّ سَعدا

وكسا اللّهُ ذلك العهَدَ رَوْضاً

وكسا اللّهُ ذلك الرَّوضَ وَرْدا

رُبَّ مُستَجهلِ العواذلِ فيه

بتُّ منه بمقلةٍ ليس تَهدا

قَمرٌ بِتُّ ساهراً فيه حتّى

كدْتُ أُفْني له الكواكبَ عَدّا

لو بخَدِّي منه يكون غليلي

لأبتْ مُقلتايَ أن تَتندّى

لم يكن قبلَ يُنجِزُ الوَعْدَ حتّى

أَنجَز الدهرُ منه للبَيْنِ وَعدا

جاء يومَ الوداعِ يُنشِدُ فيه

ما ترَى العيسَ في الأزِمّةِ تُحْدى

وبدا للنّوَى به مثْلُ ما بي

كم هوىً كان لازِماً فتعَدّى

وتقاضَيتُه وداعاً ولَثْماً

ليكونا لنا سلاماً وبَردا

فتأبَّى واعتادَه خجَلٌ أَل

هبَ منّي ومنه قلباً وخَدّا

ثُمَّ ولّى كالغصْنِ في مَرَحٍ يَفْ

تِلُ منّي ومنه جِيداً وقَدّا

بعد ما أَنفذَ الحشا بجفونٍ

سحَر القلبَ طَرْفُها حين ردّا

فكأنَّ الأستاذَ قابلَ عينَيْ

هِ بسِحرِ البيانِ منه فَأعْدى

الأديبُ الذي حوىَ الفضلَ طُرّاً

والرْئيسُ الّذي علا الخَلْقَ مَجدا

والجوادُ الّذي كفَى الفضلَ رِفْداً

والغمامُ الذي سقى الأرضَ عِدّا

كُلُّ مَن مَدَّ في الفصاحةِ باعاً

حَدَّ منها له ذوو الفَهْمِ حَدّا

وأَبو إسماعيلَ إن قال فَصْلاً

ببني إسماعيلَ طُرّاً يُفَدّى

أَجمَعتْ في البسيطةِ العُرْبُ والعُجْ

مُ على أَنّه تَوحَّد فَردا

لم تكُنْ يَعرُبٌ لِيُعْرِبَ عنها

معه النّاسُ أو يَعُدُّوا مَعَدّا

هو أَهدَى فِكْراً وأَشرَفُ ألفا

ظاً وأعلَى رأياً وأثقَبُ زَنْدا

ذو كلامٍ تقولُ يُختارُ لفظاً

عنده لو تَراه يَشتارُ شُهدا

الأجلُّ الأجلُّ يختارُ منه

حين يختاره الأسدّ الأسدّا

إن يشأْ عند ذاك يَنثُرُ دُرّاً

أو يشَأْ بعد ذاك يَنظِمُ عِقْدا

بِدَعٌ لم تَدعْ لوُسْعِ بليغٍ

صَرْفَ حَرْفٍ له بآخرَ نَقدا

مُعجِزاتٌ للنّاطِقين فلولا

ما لَهُ من ديانةٍ لتَحَدّى

يَبْتَني رُتبةً على كلِّ حالٍ

لِوَلّيٍ لها ويَكْبِتُ أَعدا

ويُمِدُّ الوزيرَ منها بنَصْرٍ

فيكونُ الرُّكنَ الأعزَّ الأشَدّا

فبِها زادَهُ على النّاسِ قُرْباً

وبها خَصَّهُ من النّاسِ وُدّا

وبإصْفائهِ إذا القومُ خانوا

وبتَدبيرِه إذا الأمرُ جَدّا

وبآرائه إذا ما استُضيئتْ

وبأقلامِه إذا ما استمَدّا

مَأثُراتٌ ما إن يُرَى حين تَتْلو

لك فيها نِدّاً ولا منك بُدّا

أيّها الماجِدُ الّذي فاقَ مَجْداً

والفتى الواهبُ الّذي طابَ وِرْدا

لي بسامي عُلاك إدْلالُ مثْلِي

إذ تلَقّيتُ في اعتمادِك رُشدا

لا بأنّي عَمِلتُ فيك قصيداً

بل بأَنّي أَعملْتُ نحوَك قَصدا

أنا مِمّن عشا إلى ضَوء آدا

بِك في العالمِين حتّى تَهَدّى

واقتدَى بالّذي رُوِي لك من شِعْ

رِك حتّى صار المُجِيدَ المُفَدّى

وسما طَرْفُه إليك من الشّو

قِ ولكنْ كانتْ لياليهِ نُكدا

فتعاطَى لك السُّرَى بعدَ لأْيٍ

وتجافَى لك الكرَى واستعَدّا

حمَل الحمدَ نحوَ بابِك فوق ال

عيسِ حتّى هدَى إليك وأَهْدى

يَفتِكُ الدّهرُ بي لأدنَى مَعاشٍ

رَخُصتْ مُهجتي على الدّهرِ جِدّا

فاغتَنِمْها من فُرصةٍ وانتهِزْها

تَستدِمْ لي ما ساعدَ العُمْرُ حَمدا

وتدارَكْ نَفْسي بها من يَدِ الأيْ

يامِ من قَبْلِ أن تَفوتَكَ فَقْدا

واصطَنِعْني بها فلم أر كالحُرْ

رِ تَراه لدى الصَّنيعةِ عَبدا

وارْعَ ما بيننا منَ الأدبِ المُدْ

ني وإنّ كنتَ أنت أعلى وأَهْدى

وابْقَ حتّى تكونَ مع كُّلِّ مولىً

لك عَوْناً على الزّمانِ وَردّا

وتَمتّعْ بلذّةِ العيشِ رَغْدا

وتعَجّلْ في عَهْدِ دُنياكَ خُلْدا

وإذا ما أعارَك اللّهُ منه

ثوبَ عُمْرٍ أمِنْتَ أن يُستَرَدّا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

123

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة