الديوان » العصر الايوبي » العماد الأصبهاني » عفا الله عنكم ما لكم أيها الرهط

عدد الابيات : 79

طباعة

عفا اللهُ عنكم ما لكم أَيُّها الرَّهطُ

قسطتمْ ومن قلب المحبِّ لكم قسْطُ

شرطتمْ له حفظَ الودادِ وخُنْتُمُ

حنانيكمُ ما هكذا الوُدُّ والشَّرْطُ

جعلتم فؤادَ المستهامِ بكم لكمْ

مَحَطاً فعنه ثقْلَ هَمِّكُمُ حُطُّوا

إذا كنتمُ في القلبِ والدارُ قد نأَتْ

فسيّانِ مِنْ أَحبابهِ القربُ والشَّحْطُ

ثوى هَمُّهُ لما ثَوَى الوجدُ عنده

مقيماً وشطَّ الصّبرُ في جيرةٍ شَطُّوا

وأَرَّقَهُ طيفٌ طَوَى نحه الدُّجَى

وقد كادَ جيبُ الليلِ بالصُّبحِ يَنْعَطُّ

تشاغلتمُ عنه وشوقاً بودِّهِ

كأنّ رضاكم عن محبكمُ سُخْطُ

جزعتُ غداةَ الجزْعِ لمّا رحلتمُ

وأَسْقطني من بينكمْ ذلكَ السِّقطُ

ملكتمْ فأنكرتمْ قديمَ مودَّتي

كأنْ لم يكن في البينِ معرفةٌ قَطُّ

فَدَتْ مهجتي مَنْ لا يُذَمُّ لمهجتي

إذا حاكَمتْهُ وهو في الحُكْمِ مُشْتطُّ

يُريكَ ابتساماً عن شتيتِ مُقَبَّلٍ

كَأنَّ نظيمَ الدرِّ أَلّفَهُ السِّمْطُ

وما كنتُ أَدري قبل سطوةِ طرفهِ

بأَنَّ ضعيفاً فاتراً مثْلَهُ يَسْطو

وهبْ أَنَّ بالقُرْطينِ منه مُعَلّقٌ

لذنبِ الهوى قلبي فَلمْ عُلِّقَ القُرْطُ

وأَهيفَ للإشفاقِ من ضعفِ خصرهِ

محلُّ نطاقٍ للقلوبِ بهِ رَبْطُ

على قُربهِ في الحالتين مُحَسّدٌ

من الثّغرِ والشّعْرِ الأَراكةُ والمشطُ

بوجنتهِ نورُ المُدامةِ مُشْرِقٌ

ومقلته نَشْوَى وفي فيه إسْفَنْطُ

تزينُ عِذاريه كتابةُ حُسنهِ

ومن خاله في وجنتيه لها نَقْطُ

فؤادكَ خالٍ يا خليلي فلا تَلُمْ

فؤاداً سباه الخالُ والخدُّ والخَطُّ

يلازمُ قلبي في الهوى القبضُ مثلما

يلازمُ كفَّ النّاصرِ الملكِ البَسْطُ

مليكٌ حوى الملكَ العقيمَ بضبطه

كريمٌ وما للمالِ في يدهِ ضَبْطُ

ومولى سريرُ الملكِ حفَّ بشخصهِ

كما حفَّ بالإنسانِ من ناظرٍ وسْطُ

مليكٌ لنجمِ النُّجحِ من أُفْقِ عزِّهِ

سناً ولطيرِ السّعْدِ في وكرِهِ قَحْطُ

إذا لُثمَتْ أيدي الملوكِ فعندَهُ

مدى الدَّهرِ إجلالاً له تَلْثمُ البُسطُ

لنومِ الرَّعايا وادعين سهادُهُ

إذا وادِعوا الأملاك في نومهم غَطُّوا

أَكفُّ ملوكِ العصر لا وَكْفَ عندها

وكفُّ المليكِ النّاصرِ البحرُ لا الوقطُ

عطايا نقودٌ لا نَسايا فكلُّها

تُعَجِّلُ لا وعدٌ هناك ولا قَسْطُ

أغرُّ لكفِّ الكفرِ كفٌّ ببأسهِ

كما لفقارِ الفَقرِ من جوده وَهْطُ

أياديهِ غرٌّ وهيَ غيرُ مُغِبَة

وإحسانهُ غَمْرٌ وليس له غَمْطُ

يحب ضجيجَ الشّاكرين إذا دَعَوا

ويهوى سؤال المعتفين إذا أطوا

ويَعْبَقُ عَرْفُ العُرفِ والقِسط عندهُ

ونَدُّ النّدَى لا البانُ والرَّندُ والقسطُ

إلى طوله المعروفِ طولُ يدِ الرَّجا

وفي بحرِ جدواه لآمالنا غَطُّ

صنائعُهُ رُبْطُ الكرامِ وإنّها

لوفد أَياديهِ المصانعُ والرُّبْطُ

يَمُرُّ ويحلو حالةَ السُّخطِ والرِّضا

فنعمتُه دأبٌ ونقمتهُ فَرْطُ

من القومِ تلقاهم عن النكرِ إن دُعوا

بطاءً وإن يُدْعَوا إلى العُرفِ لا يُبْطُوا

هم رَضَعوا دَرَّ الحجَى في مهودهمْ

أَماجدُ وانضمتْ على السؤددِ القُمْطُ

يصبون فيما يقصدون فكم رَمَوا

بسهم الثّراءِ المملقين فلم يُخطوا

متى يَقدِروا ويَعفوا وإن يعدوا يَفوا

وإن يبذُلوا يَغْنوا وإن يسألُوا يُعطوا

يصيبُ الذي يصبو إلى قصدِ بابهم

في غيرِ هذا القصدِ يُخْطِي الذي يخْطُو

وما أَسعدَ المَلْكَ الذي نحوَ بابهِ

مطايا بأَبناءِ الرَّجاءِ غدتْ تَمْطوا

وما روضةٌ غناءُ حُسْناً كأنّما

لوارفها من نَسْج نُوّارِها مِرْطُ

إذا قادني للنرجسِ النّضرِ ناضرٌ

تلاهُ عذارٌ للبنفسج مُخْتَطُّ

وللوردِ خدُّ للحياءِ مُوَرَّدٌ

وللبانِ قَدٌ جيدُهُ أَبداً يَعْطو

تلوحُ به الأشجارُ صَفّاً كأنّها

سطورُ كتابٍ والغديرُ لها كَشْطُ

تُغَنِّي على أَعوادِها الوُرْقُ مِثْلَما

يرتِّلُ للتوراةِ أَلحانَها سِبْطُ

كأنَّ سقيط الطلِّ عبرةُ مغرمٍ

وبارقَةُ من نارِ لوعته سِقْطُ

ترى لمُحيّا الشمسِ من هامرِ الحيا

لثامِ حياءٍ دونه ليس ينحَطُّ

بأزكى وأَذكى منكَ حُسْناً وإنّما

بحسناكَ لا بالرَّوضِ للعائذِ الغَبْطُ

لكَ الصدرُ والباعُ الرَّحيبان في العلى

وذاكَ المحيا الطلقُ والأنملُ السُّبْطُ

لراجيكمُ ماءُ البشاشة والنّدَى

جميعاً وحظُّ الحاسد النارُ والنّفطُ

عَنالكَ طوعاً نيلُ مصرٍ ودجلةُ ال

عراقِ ودانَ العُرْبُ والعُجْمُ والقِبْطُ

وللنيل شطٌّ ينتهي سيبهُ به

ونَيْلُكَ للراجينَ نِيلٌ ولا شَطُّ

وعفوكَ وَرْدٌ والجناةُ جُناتُهُ

وبيضُكَ شوكٌ في العداةِ لها خَرْطُ

عدوُّكَ مثلُ الشّمعِ في نارِ حقدهِ

له عنقٌ إصلاحُ فاسدِه القَطُّ

فداؤكَ ممتدُّ المِطالِ مُحجّبٌ

وحاجبُهُ للكُبرِ والعُجْبِ مُمْتَطُّ

فداؤكَ قومٌ في النّديِّ وفي النّدَى

وجوههم سُهْمٌ وأَسهمهم مُرْطُ

لتبكِ دماً عينُ العدو فقد جرى

على الأرضِ من أَوداجهِ دَمُهُ العَبْطُ

منعتَ حمى الإسلامِ للنصرِ معطياً

غداةَ عوتْ من دونهِ الأذؤبُ المُعْطُ

وصُلْتَ وكم فرَّجْتَ عنّا مُلمّةً

بسهم الرَّزايا في الكرامِ لها لَهْطُ

بعودِكَ عادَ الحقُّ واتّضحَ الهدى

وهبَّ نسيمُ النّصرِ وانفرجَ الضّغْطُ

وأَنتَ أَجَرْتَ الشّامَ من شُؤْمِ جاره

ولم يكفِ رهطُ الكفرِ حتى بغى رهطُ

أَجرتَ وقد جاروا ودنتَ وقد عدوا

وصلت وقد خاروا ولنت وقد لطُوا

فلا يعبأ المولى بمن مِلءُ جأشهِ

هوىً وبقومٍ حَشْوُ جيشِهمُ زُطُّ

كثيرٌ تَعدِيهمْ قليلٌ غَناؤهُمْ

وهمْ ولا أَصابوا رشدَهم هملٌ رَهْطُ

عَدلْتَ فلا ظلمٌن وطُلْتَ فلا مدىً

وقُلتَ فلا مَينٌ وجُدتَ فلا قَحطُ

فميِّزْ مكانَ المخلصين فإنّما ال

أَعادي أُناسٌ في رؤُوسهمُ خَلْطُ

وقرِّب وليّاً صحَّ فيكَ ضميرُهُ

ولا يأمنِ التمساحَ مَنْ دأبُهُ السَّرطُ

نَبا بي مقامُ الجاهلينَ فَعِفْتُهُ

وقد نَضْنَضَتْ للنهش حَيّاتُهُ الرُّقطُ

همُ مَنَعوا رِفْدَيْ قبولٍ ونائلٍ

وذا وَشَلٌ بَرضٌ وذا أُكُلٌ خَمطُ

وكم مُطْمعٍ في خيره بشرُ وجهه

ومشتملٍ منه على شَرِّهِ الإبْطُ

لأَبدى بلا عذر حظوظَ فضائلي

نفارُ العَذارى من عذارٍ به وَخْطُ

وجئتكَ ألقى العزَّ عندك مُلْقياً

قلائدَ للأَسماعِ من دُرِّها لَقْطُ

أَعرْني جميلاً واصطنعنيَ واصفُ لي

جميلَكَ حتى يشمتَ الحاسدُ المِلْطُ

أَعنّي فعينُ الفضل عانٍ مُقيَّدٌ

بعُقلةِ حرمانٍ نداكَ لها نَشطُ

وأَوْعزْ بتشريفي ورسمي فإنّهُ

لحمدي جزاءٌ قد تقدَّمَهُ الشّرْطُ

إلامَ زماني لا يزالُ مُسَلّطاً

على نابهٍ من أَهلهِ نابُهُ المّلْطُ

سَعَتْ نحوكم منّي مطايا مطالبٍ

لأَنْسعُها في النّجح عندكم مَغْطُ

فَدُمْ ظافراً أَبا المظفر بالعِدَى

حليفَ قبولٍ لا يكون لها حَبْطُ

بقيتَ ولا زالتْ عداكَ مُفيدةٌ

سعوداً ولا تُحْسنْ صعوداً ولا هَبْطُ

ولو كنتَ جاراً للمعريِّ لم يقل

لمن جيرةٌ سيموا النوالَ فلم يُنْطوال

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن العماد الأصبهاني

avatar

العماد الأصبهاني حساب موثق

العصر الايوبي

poet-Al-Imad-Al-Asbahani@

176

قصيدة

50

متابعين

محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن ألُه، أبو عبد الله، عماد الدين الكاتب الأصبهاني. مؤرخ، عالم بالأدب، من أكابر الكتاب. ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب ...

المزيد عن العماد الأصبهاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة