بان الخليط وقد خلفت واحزنا
يا حادى الظعن قطعت الفؤاد ضنى
زمزم فشجوك قد أذابني شجنا
طوبى لقوم أناخوا اليوم أرض منى
فازوا بأمن ويمن والهوى ملكوا
حلوا موارد عنها يحمد الصدر
ترحلوا وأقامت عندي الفكر
وأى قلب على التفريق يصطبر
زاروا وطافوا وحجوا اليبت واعتمروا
هذا وربى فخر ما له دركُ
قد يسرت لهم من نحونا السبل
شدوا سحَيرا مطايا العزم وارتحلوا
يا حبذا عزمة بها لنا وصلوا
وأنت بالذنب عنا اليوم معتقل
فجر ذيلك زهواً والهوى ملك
أيام عمرك قد قطعتها مرحا
في نخوة للهوى تستعذب البرحا
أما اعتبرت وشادى الموت قد صدحاً
أصبحت ترفل في ثوب الصبا مرحا
والقوم في عرفات العرف قد نسكوا
نالوا الذي أملوا منه بقربهم
حازوا المكارم في روضات عزهمُ
فلو رأيت سنا أنوار زيهم
والنور يبهرُ حسنا من وجوههم
كالبدر في غسق يزهو به الفلك
بسح أدمعهم خدودهم جرحوا
عن بابنا ما غدوا يوما ولا برحوا
بذاك عندى غدا نالوا الذي اقترحوا
شمّر وبادر فإن الباب ينفتح
وكن لنا سالكا سبل الذي سلكوا
لم يبق منى نوى الأحباب إلا ذما
جرت دموعي على صحن الخدود دما
انهض إلينا وقدم نحونا قدما
عساك تنجو غدا يوم الحساب بما
قدمت من حسن يرضى به الملك
محمد بن أحمد بن الصباغ الجذامي، أبي عبد الله. شاعر صوفي أندلسي، عاش في الحقبة الأخيرة من دولة الموحدين في المغرب، على زمن الخليفة المرتضى، ولا تذكر المصادر الكثير عنه. ...