الديوان » العصر المملوكي » الستالي » لولا المشيب لما استجبت لعاذل

عدد الابيات : 55

طباعة

لولا المشيبُ لما استَجبْت لعاذل

ما كنت للنصحاءِ قبل بِقابلِ

وضلَلْتُ في سبل الملاهي والهَوى

اجري بخيلٍ للصبّا ورواحلِ

أَغدو سروراً للنّديم المجتَبى

وأَروحُ أُنساً للحبيب الواصلِ

ما مازجَ الراحُ الأَعزة لم يكن

فيها الحصورُ ولم أَكن بالواغلِ

حتى إذا عريتْ أَفانينُ الصِّبا

وجبَ الوقار وآن جدُّ الهَازِلِ

قطع التقى سببَ الغرام ومزقت

شمل الهَوى أَيدي المشيب الشاملِ

يا حبذا لونُ المشيب فَإنه

صُبح تجلّى عنه ليلُ الباطلِ

ولقد أَحسَ بها بقايا صبوةٍ

لولا مِجنُّ تقىً أصبنَ مقاتلي

هنَّ الحسانَ ولا تركن يعنّ لي

متصدياً للعقل سربُ عقائِلِ

يختَلنَ بين وشائح ومجاسدٍ

ومطَارفِ ومشاعرٍ وغلائِلِ

ويمسن حشو مخانق وقلائِد

وأساور ودمالج وخلاخِلِ

ويدرن كاساتِ الّلحاظ كأنّما

هاروت ينفث في سلافة بابِل

يارَبَّةَ القُرط البعيد مناطُهُ

والحجلِ يشرُق والوشاح الجائِلِ

لاعن قلىّ عنّي إليك فإننّي

في عائقاتٍ عن هواك شواغلِ

كِبَرٌ وإعدامٌ وفقد أَحبّة

وجهاد نفسٍ واتّقاء أَراذلِ

كم ناقصٍ لمّا أحسّ بنقصه

جعل التماس الفضل ذمَّ الفاضِلِ

من نالَ طَوْلَ الفَضل طال وقد تُرى

عمّا قليل سقطَةُ المتطاولِ

إن لم تجد لك غفْلةً من كاشحٍ

فاطلبْ لنفسك راحةَ المتَغافلِ

فإذا احتَملت أذى الحسود أصبته

في نفسه من علّة بغوائِلِ

لا تطلبَنْ غلَبَ الشبّاب فإنّه

عزّ الّلئيم وشهرةٌ للخاملِ

أَهل الغباوة في حلاوة عيشةٍ

ولقلّما تحْلو الحَياة لعاقلِ

ذهب التناصح والوفاء وإنّما

يرضى من الخَلطاء كل مجاملِ

فاستبقِ ودّ أخيك ملتمساً لهُ

عذراً ومن لك بالّلبيب الكاملِ

من لم يُفد عَمَلاً رضىً وتجارباً

لم يغنَ من طول الحياة بطائلِ

كلُّ يرى طرق الرّشاد وإنّما

يغري بنا حبُّ السرور العاجلِ

غُبن الّذين رأوا كَثيراً دائِماً

لم يشتروه بالقليل الزّائِلِ

ظنّ الّذين قضوا بغير حقيقة

أَني نكئتُ وذاك ظنَّ الجاهلِ

هَلَك العُماة بظنّهم أن الهدي

معهم بسوء تأوّلٍ ودلائِلِ

ما أنكروا من جوهرٍ قذفت به

أمواجُ بحر الحكمة المتجاملِ

فنظمتُ من در القريض قلائداً

فصَّلتها بمكارمٍ وفضائلِ

لعُلى بني عمر بن نبهانَ الأُولى

غَلبُوا بسجل الفضلِ كلَّ مساجلِ

لا لومَ في حبّ العتيك ولا أنا

عن مدح ذهلٍ ما حييتُ بذاهلِ

حُسْنى أبي حسنٍ لدي محقّةٌ

قولَ الجميل لهُ وصدقَ القائلِ

ما زرتهُ إلاّ وجدت بشارةً

لحوائجي من يسرهِ بمخائلِ

ومتى أردت رغيبةً من ماله

تكن العناية منه خير وسائلِ

حتَّى أَبَرَّ إلي لي بكَرامةٍ

وأجلِّ معروفٍ وأَجزلِ نائِلِ

هذا أبو الحسن الّذي حسنُت لهُ

أفعالهُ بعوائدٍ وشمَائلِ

المقتدي النَّقبا وراءَ المعتدَى

والسّايل الجدوى أمام السّائلِ

حلم العتيك وجودُها انتهيا إلى

خير البنين تراثُ خيرِ أَوائِل

أبقى عليه أبو المعمّر رتبةً

فأعَزَّها بالفضل غيرَ مواكلِ

وتحَمّلَ الأَثقالَ عن إخوانهِ

في المكْرمات وكانَ أقوى حامِلِ

وله المشاهدُ في مقارعة العدَى

ولهُ البسالةُ في المقام الهائلِ

كم وقفةٍ في الروّع يوم كَريهةٍ

ما كان ذهل في اللقاء بناكلِ

وترى لهُ عزمَ الجريء جَنانُهُ

فيها واقدامَ الكمَيّ الباسلِ

وذكاء رأي في قوام بَصيرة

لمعَ البنان على كُعوب الذّابلِ

ياذُهلُ يا إِبنَ المعمّر يا أَبا

حسنٍ غنى الرّاجي وكنزَ الآملِ

وابنَ الملوك من العتيكَ محلّه

في الأزد بين سَنامها والكَاهلِ

مازلتَ في المعروف أَحسن قائل

وكذاك تفعل فيه أَحسن فاعلِ

أنت الجواد وفي يمينك بسطةٌ

ونَدىً إذا انقبضت يمينُ الباخلِ

وإذا ألمَّ الجدبُ واحتبسّ الحيَا

وكفت علينا راحتاك بوابلِ

لازالت النّعماءُ عندك جمّة

غُدواتها موصولةُ بأصائلِ

وترى بنيك ذوي نهى ونجابة

في ريع مالك بالسّلامة آهلِ

حتى يكون بكل عام عيدُكْم

حسناً وأحسنُ منه عيد القابلِ

وإليكها بالدّر ذاتَ قلائدٍ

قد وشّحت من عسجدٍ بسلاسلِ

لبست بها العلياء تاجاً واغتدى

ياذهلُ جيدُ الملك ليس بعاطلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الستالي

avatar

الستالي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Staley@

133

قصيدة

23

متابعين

أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي الستالي. شاعر عُماني ولد في بلده ( ستال ) وإليها ينسب من وادي بني خروص تلك البلدة التي أخرجت من رجال الدين وأهل العلم ...

المزيد عن الستالي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة