الديوان » العراق » عبد الحسين الأزري » تحولت بعدك الأرياف والمدن

عدد الابيات : 60

طباعة

تحولت بعدك الأرياف والمدن

مآتماً والمعزى فيهما الوطن

أقامها خبر الناعي وأقعدها

حتى تصاعد من آفاقها الشجن

تحيرت وهي كانت فيك واثقةً

فمن به بعد هذا اليوم تأتمن

يا أصلب الناس عوداً كل عاجمه

منه كما قد نبا عن بريه السفن

لئن  أبى الموت إلا أن تلين له

فالباس في جنبه سيان والجبن

وافاك  والليل قد غارت كواكبه

كأنما  قد عراها مثلك الوسن

ليت الدجى غال صبحاً قد نعيت به

وليته  لا انجلت عن أفقه الدجن

لما حملت على الأيدي عجبت وهل

هناك أيدٍ عليها تحمل الفتن

مشوا بنعشك والأملاك ترفعه

من أجل ذا حاملوه عنه ما وهنوا

عرتهم منك والأبصار خاشعةٌ

مهابةٌ  بجلال الموت تقترن

كانت بموتك نفسي غير موقنةٍ

كأن  غيرك بالحدباء مرتهن

أبا عزيزٍ وللأقدار حكمتها

يفنى الأمين ويبقى الخائن الأفن

لو كان للموت عقل لافتداك بمن

أعمالهم دفنتهم قبلما دفنوا

اللردى لنت أم آلامك انفجرت

وضاق صدرك عما فيه مكتمن

أم أن نفسك ملت طول وحشتها

ترى دياراً ولكن ما بها سكن

لم ينصف الموت أوطاناً حللت بها

كما يحل بجدب عارضٌ هتن

أعطيتها منك عهداً قد وفيت به

والحر يقرنه من عهده قرن

حتى  إذا لك في أحلامها ركنت

رجعن  بعدك لا حلم ولا ركن

يا راحلاً وله في كل جارحة

قبر مدى الدهر من أيدي البلى أمن

إن غسلوك فما في طهرك اختلفوا

لكنما  قد قضت في غسلك السنن

وفي ضميرك ودت أن تكفنك ال

علياء لو كان منه ينسج الكفن

لأنت ممن لغير العدل ما طلبوا

وأنت ممن لغير الحق ما ذعنوا

وطالما امتحنتك النائبات فما

باليت والسيف يوم الروع يمتحن

لذا تأخرت في هنجام منفرداً

وكان ينجيك منها مقولٌ مرن

فما تراجعت عن قول نطقت به

يوماً  ولا أوهنت من عزمك المحن

فليت  يفهم من ماتت ضمائرهم

ما المرء إلا الضمير الحي لا البدن

إنا  نرى السيف معتزاً بجوهره

لا بالحديد وإلا فهو ممتهن

رماك  بالسلب نوتي وغايته

أن تسكن الريح حتى تعبر السفن

وبعدما وصلت ميناءها ورست

إذا  بنا نحن في أمراسها رهن

قرنت قولك في صدقٍ وفي عمل

حتى  تساوى لديك السر والعلن

سريرة فيك كالمرآة صافيةٌ

فلا  رياء ولا غش ولا ضغن

أبيت أن تتحدى ما اعتقدت به

فلم  تقل لقبيحٍ إنه حسن

رحلت  والناس في فوضى تجم بهم

كما  تجم جموح ما بها رسن

صماء قد ركبت بالعدو هامتها

والحانقون  عليها ألسن لُكن

فوضى  إذا أزمنت في كل مجتمع

عادت نظاماً فلا حيف ولا غبن

ليست لها من مقاييس تقيس بها

ولا  لها من موازين بها تزن

ضرب من الرق عاد الطبع يألفه

كالقوس أصبح مألوفاً لها الحجن

لقد تحضرت الدنيا ونحن بها

بدو  تشوقهم الأطلال والدمن

قولي لنا هل سيشفيك الأساة غداً

يا قرحة دمها في الجوف محتقن

طال  الزمان عليها وهي صاهية

حتى تحير فيها الحاذق الفطن

يا  للوليد الذي شيبت مفرقه

كأنه وهو في شرخ الصبا يفن

مرثيةٌ لي وليت الغيب يبلغها

أحبةً لديار الخلد قد ظعنوا

قد غادروا الوطن الغالي وما علموا

بأنه  عاد  ورداً  ماؤه أسن

مضوا إلى ربهم بيضا صحائفهم

خلواً من الإثم لم يعلق بها درن

ما  كان  همهم إلا كرامتهم

وكل  شيءٍ سواها ما له ثمن

ما كان أحوجنا في النائبات لكم

فليتكم  قد بقيتم والجناة فنوا

قالوا  لنا الحرب قد ولت فقلت لهم

ليس الحياة بها سلم ولا هدن

في كل يوم دعايات تصاغ لنا

والعين تسخر مما تسمع الأذن

ما زلن ينحتن أصناماً فنعبدها

كالجاهلية  فيها يعبد الوثن

الحرب يقدح في الدنيا شرارتها

المال والجاه والسلطان والإحن

في  كل قطر من الأقطار ما برحت

حرب تروح وأخرى بعدها تطن

تنوعت عندها الأغراض فاختلفت

أشكالها  واستغلت غنمها الفطن

ورب حرب تراها لا تريق دماً

لكن يراق على أغراضها الوطن

ورب نارٍ تلظت فاستضاء بها

رهط وآخر أعمى عينه الدخن

هي المطامع في الدنيا مسيطرة

لا عاصم للورى منها ولا جنن

ماذا يسرك من دنيا شريعتها

أن  الحياة لزام عندها الحزن

للناس  هذي الثرى أم فنم رغداً

فأنت بين يديها اليوم محتضن

مخلد الذكر في الدنيا فإن بها

محاسن  الذكر لم تخلق لمن جبنوا

وليس  من مات محمود الفعال كمن

ماتوا وإن ذكرت أفعالهم لعنوا

لئن رثيتك فاعلم أنني رجلٌ

أرثي الذي هو حر بالثنا قمن

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الحسين الأزري

avatar

عبد الحسين الأزري

العراق

poet-Abdalhussein-al-Azri@

221

قصيدة

1

الاقتباسات

13

متابعين

عبد الحسين بن يوسف الأزري. شاعر صحفي عراقي، من أهل بغداد.ولد سنة 1880 م/ 1298هـ , أنشأ جريدة (المصباح) سنة 1911 - 1914 ونفي إلى الأناضول في الحرب العامة الأولى. ثم ...

المزيد عن عبد الحسين الأزري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة