ممتلئا بالرهبة والرغبة كنت , وكان البحر قميصا أزرق ,
لا رونق للأشياء , وفي الصحراء ركضت ركضت ,
وكان الأفق بعيد
كان سريري الأرض ,
وورق النعناع يغطّيني ..
كنت أرى الأشجار جيادا ..
تتحرك , تدعوني
قلت مباركة يا سيّدة الريح السريّة ,
ماذا في البريّة ؟
إنّ الشاطىء والشارع مشتعلان ,
وإنّ القلب وحيد
قلت رسائل سارا لا تأتي في أيّ بريد
سارا صفصاف أقرأه في النهر ,
وسارا في الأسر ,
وسارا زيت سيضيء ..
لا أروي حدثا عاديا
عن شجر يذبل ,
أو وطن يرحل ,
إنّ ظلالا تمتدّ
وأمواجا ترتدّ
ووجها ليس يحدّ
يصير إلى باب ,
والباب مضاء بشهاب ,
يفضي لعشاب ,
يتفرّع منها شجر أخضر , وينابيع ,
وأطفال من فرخ ..وأجيء
سيّدتي ,
كيف انبلج هلالك من ..
فلك العتمة والصلب دليل
قدمي يتّحد بظلّك , إنّ دمي منديل
قدمي يتّحد بظلّك ,
إنّ جراحك تزفر أسيافا ونخيل
قدمي يتّحد بظلّك , سيّدتي أشهد :
هذا الموت الغامض قنديل
هذا الدفق الصحراويّ كتاب مواويل
***
لا أروي حدثا عاديا
كاشفت البحر فبان على الرمل رسوما ,
لملامح ناطقة ,
أو خارطة , لا فرق ..
عرفت الشوق ,
وهذا العرس اليوميّ ,
وأشهد :
أنّ نهارك آت ,
أنّ غدي إكليل
لا أروي حدثا عاديا
عن نرجسة الأوجاع
عن فاكهة لا اسم لها
أو وجه ضاع
ولذا أنتظر الفجر على باب يدي ..
لا تبتعدي ..
أو فابتعدي ,
حتى يتألق قربك في كلّ الأضلاع ,
ومن دون وداع ..
انتزعي قمصانك ,
آثار طعانك عن جسدي
كوني كرة لاهبة ,
وابتعدي
ابتعدي
ابتعدي
ابتعدي في الماء الطينيّ مراكب مشرعة وجدائل
وابتعدي فيّ منازل ..
وسلاسل
شفقا , أفقا , وجدول
وابتعدي رايات ومزامير ,
قماشا ونواعير ..
ابتعدي نهرا لا يقرأ ,
وجنادب لا تهدأ ,
أغنية
قافلة
عشبا في نافذة نائية ,
وابتعدي ضلعا ضلعا ..
في شجر يشتعل فتكتمل الآية
ونكون الريح ,
نكون الراية ..