إلى رشاد أبو شاور منعزلا ووحيدا أحلم بالأمطار , وشعر حبيبي المبلول على الكتفين , سنابل جائعة .. في فوضى الأشياء , وهدأة خطوتنا فوق الأسفلت وحيدين , ونق المطر الموسيقيّ على .. شبّاك الشارع ذات خريف .. أحلم بالموّال البلديّ , بأمّي بامرأة لا تعرفني إمرأة أبعد من هذا الليل , وأقرب من هدب العين .. إذا انتحبت ينفطر القلب , امرأة مملكة للعطش الموّار وللرغبات المشتعلة مملكة للأسئلة – الدوّامة , والأسئلة – الفاكهة , امرأة لا نزلا للغرباء امرأة لا مرآة سوداء *** منعزلا ووحيدا أحلم .. وطن يستيقظ من عمق الصدر , جراح تأخذ في نزهتها فلماذا من شقّ في الباب تجيئين إليّ ؟ لماذا يستيقظ وطن , تأخذ في النزهة والتجوال جراح , ولماذا يخطر في البال .. فراس القيسيّ طريدا يذرع أرصفة وموتنىء منعزلا ووحيدا يبحث عن مأوى , أو حب يدفئه ..؟ ولماذا من شقّ في الباب تجيئين , وتحتفلين معي , في هذا العرس , تميلين بخصرك هذا الناحل , هذا الجسد الضوئي , المرويّ جراحا... وكآبات لا حصر لها .. ثم تشيحين ولا تعترفين ؟ فأدخل في الصور السوداء حليفا للنهر , تتّوجني الأشجار أنيسا للبيداء , أنادم أصوات الآتين , وتلك رياح تأتيني .. عبر نوافذ غارقة تحت الماء , نقوش داكنة من رأس الناقورة , حتى أبعد غصن في المهجر , تهجع .. فوق سرير القلب , خريطة هذا القمر الراجف تحتلّ دقائقي الهاربة من الموت وتفترش الصدر.. خريطة هذا القمر الراجف .. جارحة كالدمعة , ناعمة كالسيف , وما بين الدمعة والسيف تناثرت , تكاثرت , فأيّ رؤى تشتعل زنابق حمراء , وأيّ مواسم أستقبل مثقلة بالخضرة , أيّ يد تمتدّ الآن , وتمنحني رعشتها أحضن هذا الغبش المتدّفق من عينيك , الغبش الفجريّ الألق اللونيّ رذاذ ندى القلب .. أشيل القلب قرنفلة للموت .. أنادي باسمك .. أصرخ في ردهات البيت , أراك فتقتربين , أراك فتبتعدين , فمن صادر لون الحلم , وطعم العزلة ؟ جرس لا يقرع في الصحراء سرير لا يحمل اثنين , وأفق أضيق من هذي الزاوية المعتمة هنا في القلب مبعثرة أكواب الشاي , الكتب .. القمصان الغامقة الزرقة , زوج حذاء أسود , وزجاجة ماء فارغة , والمنفضة امتلأت بالأعقاب , وكابية غرف الأغراب , لماذا من شقّ في الباب , تبخّر حلمي ؟ يطلع من خلل غيوم الوحشة , وجه صديق .. ينزع للدمع على صدر اليرموك , ويلقي بحنان ريفيّ أوجاع الأرض على صدر الغائبة – الحاضرة , ويحلم ينهار أبيض , يحلم , يحلم لكنّ الحجر القاتل لا يأتي , هذي المرّة من مقلاع داودي , ( بيت أخضر ذو سقف قرميديّ , فوق الطاولة ينزّ دما ولظى ) هذا وجه صديقي , أكثر من شارة حزن يحمل , أكثر من دمعة فرح ينقل , هذا وجهك يتوهّج بارؤيا والحزن يتناسل أطفالا موعودين بأنهار من لبن وآرائك , يتناسل أزهارا وثمارا , وأراك فتقتربين أراك فتبتعدين , سهام لا تأبه بي تنطلق من الذاكرة إلى الذاكرة , فينشقّ البحر .. يضيء كنهد , يتلّون كالشفق الورديّ , يصير غزالا يركض فيّ .. أصافح في سفر الأمواج : الأعشاب , الأسماك الجائعة , الأصداف الفارغة , السفن المبحرة , الطحلب , والحيوات الأخرى سارا أيتها الموجة والعزلة , والوطن المستيقظ والجرح .. خذي نزهتك الآن ..