أيّها الأزرق المبتعد
إتئد
حيث تعوي هنا الأرض ,
حيث يشقّ المساء له جدولا
وتنام القرى منزلا منزلا
حيث أولم روحي
أهيء مائدتي كلّ يوم
لم أجدك هنا
أيّها الأزرق المبتعد
لم أجد
لهواي سريرا
يفلت الموج منّي أخيرا
لم أجد آنية
لدمي
لم أجد قافية
في فمي
لم أجد في الصحف
ما يوازي ضلوعي ,
فأبعث أغنيتي الغافية
أيّها الأزرق المبتعد
إعتمدني رسولا إلى الهاوية
أيّها الأزرق المبتعد
كيف لي أن أعد
ببلابل أو فاكهة
كيف لي عبر هذا السدى
أن أمدّ اليدا
وتطال الكرز
من فروع الرمال , وأعناقها الذاوية
فأعدني إلى شجر في جهات يديها ,
أعد
أيّها الأزرق المبتعد
وابتعد
كي أرى كم أراك
أيّها السيد المنفرد
بأساك
خذ غناء يدي كاملا
خذ قميصي السواد
وانتشر ساحلا ساحلا
وأبدأ اليوم منّي ,
وأرّخ لهذا الطواف
خذ قوارب روحي إلى الصحراء وخذ
ما تبقّى من الخلجات
أي برّ إذن يستعدّ لتغريبتي ,
في البلاد
يا بريد الحداد
خذ شكاةي الحجارة والأمهات
خذ بكاء الصبايا وخذ
من ضلوع الشظايا ورود الزفاف
خذ مواعيدنا
وأودع الموج ما كان يوما وفات
نظّف اليابسة
من بقايا قبائلنا الدارسة
وانسنا
وانس هذي الضفاف
وآنس يوما أقمنا هنا
وتجّول فينا الشجر
كيف هشّ التراب ,
ومال إلى الشدو وصمت الحجر
وآنس ما خطّ أحبابنا من صور
إنس هذا الطريق
وانس وجه الغريق
وانس حتى الأبد
أيّها الأزرق المتجمّع واللاأحد
المدجّج بالرمل والريح , قل ما يريح
قل لنا باختصار
بعدكم سنة من غبار
بعدكم طعنة في الجبين
يزهر الياسمين !
بعدكم طلقة واشتباك
يستعيد النزيل هواك
وأجب
أيّها الأزرق الملتهب
بعدكم عثرة ,
بعدكم هجرة ,
بعدكم ... تصل القبرّة
ويقوم القتيل
وأراك
يا فقيه المنافي دليل !