أشاقك من سعدي بتلك المنازل

معاهد أنس صافيات المناهل

فتاة تحلت بالمحاسن كلها

وقد برئت من كل سوء وباطل

لها مقلة نجلا يسليك دلها

بنغعمتها تسبي بها كل فاضل

ووجه كضوء البدر في الحسن والبها

وفرع كديجور من الليل حافل

وثغر يضيء البرق عند ابتسامه

نضيد الثنايا من أقاح الخمائل

إذا ذقته قلت المدامة شابها

من الصيب المشمول صافي المناهل

وخد أسيل بالملاحة كامل

وقد كغصن البان عند التمايل

فدع ذكرها إذ قد نأت عنك دارها

وإذ قد دهتنا معضلات البلابل

تبلبل منها البال واحتنك الفضا

علينا بها بالمزعجات الزلازل

وشتت شمل الدين وانبت حبله

بتحكيم أعراب طغاة أسافل

فمن بين عجمي ظلوم وغاشم

ومن شامري من رعاة الأرازل

ومن دوسري مبغض متحامل

وآخر مرى غوى مماحل

فلهفي على عصر تقضت ربوعه

بفدح الخطوب المثقلات النوازل

بتشتيت شمل كان بالصحب شامل

ومجتمع يسلوا به كل ثاكل

أحبابنا أنى لنا العيش بعدكم

وكيف وقد أشجنتما كل جاذل

فمذ غبتما عنا أهاج لنا الأسى

كوامن أشجان كغلي المراجل

ترانا إلى الأطلال قد تعلمانها

نسير إليها بالضحى والأصائل

فلست ترى إلا كئيباً محزنا

وآخر يذرى دمعه بالأنامل

سقى الله أرضاً حيث فيها أنختما

برحلكما بالساريات الهواطل

ولقاكما بالنصر والفوز والهنا

على كل من ناوى الإمام بباطل

حليف المعالي والفضائل والندى

إمام همام حازم غيرخامل

فهل غيره بالله تحتقن الدما

وتستأمن الأسبال من كل صائل

ويؤخذ للمظلوم من كل ظالم

ويؤمر بالمعروف من غير حائل

أدام لنا الباري به العز والهنا

وأنكى به جمع العدى والمزائل

وأرسى به السمحا وأعلى به منارها

وهد بنيان باغٍ وجاهل

وصل إلهي كل ما حن راعد

وما انهلت السحب الغوادي بوابل

على المصطفى والآل ما قال منشد

أشاقك من سعدي بتلك المنازل