نون الحاجـب :
 
قيلَ نون الحاجبِ ،
يتدلى مثلُ قـُرطٍ ،
من سماء الراهبِ ،
 
ربما كان شعاراً ، لصلاة الغائبِ .
 
نظرتي تقـرأُ في التاريخ ،
أخبارَ نعـيم كاذبِ .
 
رحلتي تكشفُ أضواءَ صداقاتٍ ،
نَمتْ في جانبي .
 
قد تفيّأتُ رموشاً ،
تحت عين الواجب .
 
وسكنتُ الظلَ نوناً ،
تحت نهدٍ كاعبِ .
 
علمتني ورشةُ الأيام ،
أنْ اقتنِصَ الرغبةَ دوماً ،
من عيون الراغبِ 0
 
وبأن ألتقط َالصِّدقَ ،
وإن كان ضئيلاً ،
من لسان ِالكاذبِ 0
 
وبأن لا أنظرَ الناسَ بلونٍ فاقعٍ ،
أو أجمع الكلّ بنفس القالبِ 0
 
وبأن لا أُرهِفَ السمعَ لنفسي دائماً ،
أو أجعل َالغثُّ من القول ِ،
كرأيٍ صائبِ 0
 
علمتني رحلة الأيام،
أن أعرفَ، من دُوني ،
لأسمو، نحو من جاوزني قدراً ،
بعزمٍ واثبِ 0
 
وبأن لا أصطفِي من ظـلّ يطريني ،
ويعطي رأيهُ في جانبي 0
 
لا أبالي ما يقولون ،
ولا أسعى لذكرٍ يتلاشىَ ،
أو دويٍّ صاخبِ 0
 
هدفي ،أن أنشرَ الضوءَ ،
وأن أدفعَ بالنفسِ ،
إلى منـزلة الروح ِ،
لأغفو، ناعمً البالِ ،
قـــريرَ الجانبِ 0
 
نون الذكرى :
 
نمنماتٍ . . .
يرتدي طاووس أحلامي ،
وترصيعات نونٍ ،
وابتهاجٌ سوسني .
 
واختيالٌ باسمٌ ، يورقُ في القلبِ ،
وهمسٌ، ينتشي فوق شفاهِ الوسنِ .
 
يُوشكُ النجمُ اقتراناً بهلالي ،
يا لَملْقاهُ ،
ويا شوقاَ . .  لطيب السكنِ .
 
ها أنا سُكَّرةٌ تهوي ،
بفنجانِ هوىً يشربُني .
 
ليتني أقدرُ أن ألوي جناحي ،
عائداً في رحلةَ الأيامِ ،
آهٍ . . .   ليـتني .
 
كوكباً ، كنتُ أنـا ،
قَصَّ تَـَمامي  ،
في انتصافِ الشهرِ ،
سـيفُ الزمنِ .
 
صرتُ أطفو،
واستقرَّت موجتي في ضفَّةٍ،
لا تقرأُ الأحزانَ،
هـزَّت لي ضبابي،
ألبستني شجني.
 
وجهُهَا حــلَّ بقلبي  قمراً،
ينبوع إلهامٍ ،
ولولاها ، لأ مسيتُ مَحَاقاً،
غارقاً ، في الحزَنِ .
 
فتكاملتُ ، مع الأيام ،
حتى صرتُ بدراً،
مشرقاً في عين من يقْرؤني.
 
فسلاماً أيها الوجـهُ الذي غابَ ،
سلاماً ،يا وُرُوداً . . .
طَبَعَـتْ حُمرتها في الوجـنِ .
 
نون المهجر :
 
أيها الحرفُ الذي يفتحُ أشواقي ،
وأحزاني . . . ويا ثغـراً
لإقـلاع الجَوى المختزنِ .
 
أيها القطرةُ ، ذوبي في فـؤادي ،
واسكني قلبي ،اْغمِسيني، في مِدادي،
واكتبي الحرف الذي يشغـلني .
 
ما يمْمتُ الخطوة الأولى ، إلى أرض الهوى ،
إلا لأني معـدنُ الحبِّ ، القويِّ المَرِنِ .
 
ما بدأتُ الأحرفَ الأولى ، وردّدتُ الصدى ،
إلا لأنَّ الحرفَ، قد يفهمُني .
 
ما دخلتُ الشِّعر من باب التأسِّي ، والضَّنى ،
إلا لأني ، حسرةٌ، ترسِمُ وجهَ اليمن ِ.
 
يا تباريح الهوى مُرِّي بأجفاني . . . سَلِيها ،
شفَّها ، الوجـدُ ، ؟
أم الأحـزان زادت وطـأةً … با لغَـَبنِ .
 
نَضَبَ الكأس أَمامي ، ونديمي ينطوي مقعـدهُ ،
يا أيـها الجدْبُ . . . ألا تمنحني ؟
 
بكَ صـبراً أيها الحرفُ الذي ،
يقطع أنفاس الهوى ،
يرجع نحوي قاصداً يقتـلني .
 
ما أنا إلا فـؤادٌ . . . ومـدادٌ ،
يتلظّى بالذي كان ،
ويومي إصبعاً ، نحو الذي لم يكن ِ .
 
وأداوي جُرحَ أيامٍ عجافٍ ، عشتُها ،
عاش بها صَحْبِي، جزافاً ،
قبلَ أن تبزُغ سِنُّ اللبنِ .
 
أقضمُ الحاضرَ من علاّتِهِ ،
أبحثُ عن عرقَ ضيائي ،
في ترابِ المنْجَم ِالمندفنِ .
 
راكضاً خلفَ جداري ،
باحثاً بين حطامي ، عن تقاطيعي ،
وعن بعـض جـذور الحَزنِ .
 
ها أنا أمرُقُ، من خلفِ ضباب المهجر الغائمِ ،
أصغي لرفيقي ،
وهو يبكي من بكاء السُفن .
 
صوتهُ المكظومُ في سمعي يدوِّي :
هانتِ الأحـزانُ . . .
ما دامت طريقاً لعبور اليمنِ .
 
ذلك الوجه الترابيُّ تلوَّى ،
شارداً في الأرضِ ، عصفوراً حزيناً ،
باحثاً عن فنَن ِ .
 
هُدهـدٌ، يرحلُ في سرب صقورٍ ،
يقطفُ الجرحَ ،
ويأوي في شقوق المحنِ .
 
ويخبيِّ سُـَّرةً عالقةً في بطن جـوعٍ ،
قعـُرها للمؤمن الممتحنِ .
 
لم يزل يملأ قعْـبَ الميتةِ الأولى ،
ويسقيها لباقي الدِّمنِ .
 
ويخـبِّي قلقاً من يومهِ الآتي ،
ويخشى سطوة المؤتمنِ .
 
هذه النعْـمة ُ أضغـاثٌ ، فُتـاتٌ ،
مـدّهَ نحـويَ، غـولٌ، طـامعٌ بالثمن ِ .
 
هذه الوقفـةُ تطوي ،
أذرُعَ الصّمتِ الـذي ،
يَسْـبِقُ ريـح  الفِـتَن .
 
قَـلَم الصِّـْدقُ ينادي ،
والدمُ المجهولُ يُومي بالأيادي ،
أيها القادم ُ. . . هل تسمعُـني ؟ ؟
 
خيمتي، ينكفئُ المصباحُ فيها ،
وصُفوفي دخلتْ في بعـضِها ،
ضمنَ صِراعِ السُّـننِ  .
 
لو تصدَّرْتُ ،لكنتُ الغـْزوَ في الأعماقِ ،
والنَّبعَ الذي يروي عِطاشَ الفِطَنِ .
 
لو تكاملتُ لأخرجتُ الرُّحى ،
تطحَنُ مركُومَ الصراعات المَدامِى ،
كُلّها ، بالَمْطحنِ .
 
في كياني، يستشيطُ الغـضبُ الهادرُ ،
موجاً طالعاً ،
يقلبُ جُنحَ الزمنِ .
 
نجمتي تُرسلُ إشعاعاً قوياً ،
وهي تدنو قابَ قوسينِ ،
لتعـلوُ من خليجِ العـدنِ .
 
عـلّهُ ينتفضُ الجـرحُ ،
ويعـلو الطائرُ المغبـون خفَّاقاً ،
لكي يـتبعـني .
 
قالت الشمسُ التي تسْحَبُ ذيـلاً
فوق أرضي :
كنتُ يومـاً ، طِفـلةً ،
في كفِّ من كان اسمهُ، ذو يـزن .
 
نون العـناكب
 
تختارُ منْ . . . تسطُو بمنْ   ؟
كلُّ الذين عرفتهم باعوكَ ،
واقتسموا الثمنْ.
 
كلُّ الذين رفعتهم خذلوكَ ،
أوتركوكَ ، تهذي ، أوتُجَنْ.
 
باعوا الضمائرَ، أهرقوا مآءَ الحياءِ ،
و أطفاؤا ضوءَ الوجـنْ .
 
كلُ الذينَ زَرَعْتَهمْ، طالوا عليكَ ،
عواسجاً تجتثُّ سهلَكَ والحزَنْ .
 
فتح الـِّريالُ ، متاهةَ الفئرانِ ،
أغرى كل فأر ٍبالسِّمنْ .
 
وعناكبُ الأحلافِ ، والأجلافِ ،
مـدَّتْ بالحبالِ ،
وطـوّقتْ رأس الـوطنْ .
 
من يـركبُ الصـوت الجسـور ،
ومن يفجِّـرُ، كلما تركَ التخطِّي،
والوَهَـنْ .
 
هـذا السـكوتُ ، سحـابةُ المـوتى ،
وقــبرٌ للـزمن .
 
هذا التصنُّت ، مشهدٌ للرعبِ ،
سـردابٌ، إلى بـاب المِحَنْ .
 
ما عـاد ينفعُـكَ امتصاصٌ للنفور ،
ودولةٌ لا تؤتمنْ .
 
وحناجرٌ مذبوحةُ ثكلى ،
تعارضُ . . . أو توبِّخُ في العـلنْ .
 
فانبُشْ رمادَ الحقدِ،
فجرِّ غضبة الأيام ،
حطِّم ، كلَّ أشكالِ الوثنْ .
 
حقُّ الجميع ، ولن يزولَ ،
ولن يمزقُه التكتُّلُ ، والتعصُّب ،
أو تضرّ به الفِتَـنْ .
 
فسواعد الخسفِ الكبيرِ قويَّةٌ ،
وقويةٌ... نارُ الوطنْ.
 
نون الفـرحـة
 
 
لكَ يا سبتمبرُ المجدِ، ولائي ،
ونشيدي ،وغِنائِي ،
وبإلهامكَ أخطو ، خطوة المتـزِّنِ 0
 
وعلى لحنكَ ، تمضي ، شُعلة الأبناءِ ،
مـــرفوعاً لواهــا ،
في سمــاءِ المُدنِ 0
 
فتباركتَ ، مدى الدهرِ، مجيداً ،
وجـديـداً ،
ولك العزَّةُ ، طولَ الزمنِ 0
 
أنت يا مــايو، صباحي ،
أنت ، مصباحي ، وضــوئي ،
وطريقي لعبـور المحنِ 0
 
بكَ ِ، أطفأتُ عنائي ،
وشقائـي، كلّما سـاورني من شجنِ
 
كنتَ من لحظة ِميلادكَ، صحواً ،
وامتــداداً ، زاحفاً ، فوق قرون الوسنِ 0
 
تتنامى ، بأمانيكَ ، جُموعُ الفرح ِالغامرِ ِ،
موجـاً صاعـداً ، يغسِلُ وجهَ الحزَنِ 0
 
وحدةٌ ، تطرقُ باب النجم ،
تصحو ،من ذرى صنعاء ،
تعلو … من خليج العدنِ 0
 
تـركـبُ البرقَ طريقاً ،
ترتقي في صهوة ِالنجم شهاباً ،
تتحدى، كبوات الوهــنِ 0
 
تقطعُ الشـَّـوطَ بعزمٍ ،
تضبط ُالتاريخ للأمةِ ،
تمضي في السباق العَلني 0
 
وهي تبني ، ثم تُلقي نظرةً ،
في كل مـا تبـِني ،
تُلبِّي ، هدفَ الحُرّ،ِ الشهيدِ، المؤمنِ 0
 
ترسمُ الآمالَ ، وعداً مشرقاً ،
فوق بروجِ العزَّةِ القعساء ،
شمساً فوق هام اليمنِ 0
 
تخبرُ الدنيا بأن ، الأرض ،
لا زالت بها أبطالها ،
ولتسألوا، من دكّ بالأمسِ ،
حصونَ الوثنِ.
 
إخوةٌ في الدين والمنشأ،والعرق،
أباةٌ،من قديم الزمن.
 
ننشد الحكمة والعدل،
الذي أسسه الأجداد في الماضي،
ولسنا من دعاة الفتن.
 
لن ينال الحاقد الفاسد من وحد تنا،
إنْ في عراكٍ،واحتكاكٍ،
بعميل من هنا ، أوبأجيرٍ وثني.
 
فهي فينا قدرٌ، ينبض في وجداننا،
قمرٌ يبزغ من أحلامنا،
سمةُ ٌمحفورةٌ في  الوجنِ.
 
سوف تمضي ،
ولها المستقبل الشامخ للأعلى ،
سـتمضي ،
موجةً ، كاسحةً ، لن تنثني .
 
سبتمبر 2000م

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم الشويطر

avatar

عبد الكريم الشويطر حساب موثق

اليمن

poet-Abdulkarym-al-showaiter@

114

قصيدة

10

متابعين

الاسم: د/ عبد الكريم عبد الله الشويطر تاريخ الميلاد: ٢٤ يوليو ١٩٥٠ الحالة الاجتماعية: متزوج، أب لأربعة أبناء وثلاث بنات التعليم: تلقى علومه الأساسية في مدينة إب، والمرحلة الثانوية في القاهرة وتعز. رُشح لدراسة العلوم ...

المزيد عن عبد الكريم الشويطر

أضف شرح او معلومة