الديوان » اليمن » عبد الكريم الشويطر » ثلاث قصائد للربادي


 من جدار الموت . . أصحو .
من شفير الواقع المسنون . . أعدو ،
من زحام الحاضر المجنون . . أبدو ،
من صراع الثلج . . والنيران ،
أستلُّ خيوطي ،
وأربي هدفي ،
أصهر الآمي وأخطو .
 
شارداً مرتحلاً بين قلوب البسطاء .
قالها الأستاذ فينا ذات يوم ،
( إنه الإنسان ) . .
قالها مبتسماً . . . لاتحزنوا ،
واغمسوا أعصابكم في الماء ، فالدنيا بخير ،
راقبوا الأيام .
 
واحموا ذلك المغزى .
أعينوا الفجر كي يصنع للقادم وجهاً ،
كالذي تطلبه الأيام .
وادعوا القدم النازفَ ،
أن ينتعل العُشْبُ ،
ويمحُو عادة الشكوى ،
جحيم الرفض . . يعلو . . ثم يعلو . .
قمراً في دورة الأيام .
 
هكذا قال الربادي ،
ذلك الأفق الذي مازال في أسماعنا ،
حياً ينادي ،
ذلك الفجر الذي أشرق في الأذهان ،
واخترنا لمثواه القلوب .
 

 بالكلام ابتدَا . . . ،
بالحروف الزواحف ، يطوي ضفائرها ،
ينهَزُ الوتَرَ الحيِّ في دمها .
(سابغاتٌ من القول تخرج مطحونةً بيراعي ،
تهرولُ مسرعةً من لساني ) . .
ولكنه . .
ينتهي بالكلام إلى حيث لايفقهون .
 
قال مرتجلاً ،وهو يومي بإصبعهِ ، :
ما زممْتُ لوائي به ،
ما عقدتُ به النَّجم ،
ماطاشَ من جُعبتي ،
هو من أجلكم . . . يارفاق الأنين .
 
من سيمنَعُ شاردتي من حريقي ؟
من يصدُّ الحروف إذا غَضِبتْ ؟
من سيخمدُ ثائرتي ؟
والجسور التي كنت أركبُها تتهتَّك ،
لم يبق إلا مقابضها . . لُغتي .
 
يا هموم ازحفي ،
لا شماتةَ . . يا هدفي .
الطريق بغيٌّ ،
أنا من تفسَّخ علماً . . وإثماً !!
أعبُّ الهوى . .
أتفَّرسُ في غدِكُم ،
أتوجَّسُ من خوف ذلك الذي سوف يأتي ،
وأنتم على جمرهِ نائمون .
 
يتوقَّدُ ، يرسل جمراً من الكلمات،
ولكنهُ ينتهي بالكلام ..إلى حيث لا يفقهون.
 
المشاعل تلتقطُ الحَبَّ ،
والنهرُ يجري بغير حذاء ،
تطارده سنواتٌ ،
تمرُّ بأسنانها فوق أجسامنا ،
وفراشٌ من القارِ ،
يمتدُّ في بطن أقدامنا كالغراءْ .
 
بعدُ . . . لم تخرج الأرض أثقالها ،
يا عمالقة الطين !!
 
ماذا سيأتي ؟
إلى أين تمضي بنا كلمات الطنين .
 
يا قصائدنا . .
لا تسِرنَ إلى غيرنا . !
يا مدائحنا احتشمي ،
لن تعود القداسةُ .
 
لن تعود القداسةُ مهما بقَتْ كلُّ أسبابها ،
لن تعود السنين .
 
شامخات القصور ،
أفتحي غرف القمح يأوي الجياع .
 
أفتحي غُرفَ القمحِ ،
للقادمين .
 
3
 الجماهير قالت عبارتها في وداعِكْ .
قالت عبارتها في إنتخابكْ .
يغمرنا الفخرُ ،
إنا شهدناك في أرضنا بطلاً . .يا ربادي ،
 
الشموخ عرفناه من قسماتك ،
الصمود عرفناه من وقفاتك ،
يا منبر الأمس ، يا مِشْعَل الغدِ ،
يا نجمةً سكنت في ضمائرنا ،
يا ربادي .
 
الطبيب الإنسان د/ احمد حمود عثمان
 
(1) لك يا موتُ سلامي ، وتحياتي ،
وقد صرتَ صديقاً أبديَّاً ،
ينتقِي مِنَّا، أعزَّ الأصدقاء 
 
بيدٍ مبتورةٍ ،تلتَقِطُ الغُصنَ ،
الذي يدنُو من الأرضِ ،
وتقتاتُ، قلوبَ الشُّرفاء 
 
علّكَ الآنَ، مصابٌ، بِعَمَى الألوان ،
شيخاً خَرِفاً ، لا يقرأُ الأسماء ،
لا تغدُرُ إلا بالرجال الأوفياء 
 
هل تآزرتَ، مع العصْر ِ،الذي يملؤنا ،
خوفاً، وإحباطاً ،
لتغتالوا جميع الأنقِياء 
 
أم هيَ النفسُ، التي صارت ، بسعرِ الطين،
والموتُ، الذي، أصبحَ خيراً ،
من حياة ِالبُؤساء 
 
بَشعٌ ، أنتَ …
ولا أبشعُ من وجهكَ ، إلا هذهِ الدنيا ،
التي نحيَا بها ، كالأُجَراءْ 
 
 
 
 
يحي حسين السلال(مرثية)
 
تقولُ دموعُ الشِّعرِ ، ما ليس يُكتَبُ
وإنْ زادَ حُزنُ المرءِ ، فالدمعُ ينضبُ
 
إذا ما عصاك الدمعُ في ذروةِ الأسَى
فما القلبُ إلا جمرةٌ تتقلبُ
 
فقيد بني السلاَّلِ ، فاجعة ٌهَوَتْ
علينا ، كوقعِ الهَولِ أو هي أرهبُ
 
وعيشكَ ، ما ينجو من الموتِ صاحبٌ
ولا فرَّ من يُمناهُ ، أمٌّ ، ولا أبُ
 
عجبتُ لمن يُمسي ،ويصبحُ ضاحكاً
وسهم المنايا نحوهُ يتصوَّبُ
 
ومن يجعلِ الدنيا صراعاً ، ومغنماً
ويفسدُ عيشَ الناسِ : أين سيذهبُ ؟
 
وما العيشُ إلا مِثْل ، عُودٍ وكفَّةٍ
وما زاد في كفٍّ ، هوى فيهِ، جانِبُ
 
ولكنَّ ، فُقدانَ الخليلِ ، خليلَهُ
بلآءٌ ، يَعُمّ الكلَّ ، ما عنهُ مَهربُ
 
فكيف وقد كان الفقيدُ ، لنا أباً
كريماً ، عطوفاً ، صدرهُ كان أرحبُ
 
تَربَّى على كفَّيهِ جيلٌ مهذبٌ
كريمُ خصالٍ ، للفضيلة يُنسبُ
 
لقد كان يحيَ ، والحياةُ ، بإسمهِ
وكم كان يسلُو بالحياةِ ويَطرَبُ
 
وغالَبهَا حتى استقامَ اعوجاجها
ولولا المنايا ، كان للدَّاءِ يَغلِبُ
 
طَوَتهُ المنايا ، بعد ما كابد العنا
وفي الصَّبرِ عفوٌ، واسعٌ، وتَقرُّبُ
 
حملنا بأيدينا فتىً كان فارساً
يروم ُالمعالي ، أبيضَ الكفِّ ،أشهبُ
 
ثَوَى، شامخٌ في الحيِّ وهو الذي إذا
مشى في دروب الحيِّ ، قاموا يُرحِّبُوا
 
عمادٌ ، رفيعٌ ، سامقٌ ، ذو مهابةٍ
جسورٌ لغير الحقِّ ، لا يتعصبُ
 
غيورٌ على الأخلاق ، والدِّينِ ، والحِمَى
قويمٌ ، شديدُ البأسِ ، لا شئَ يَرْهبُ
 
وللأهل والقُربى، عطوفٌ ، وطيِّعُ
وللجار ذي القُربَى ، ودودٌ مهذبُ
 
إذا قال أوفَى ، أو إذا خاصَم ، أكتفى
وإن قال قولاً ، فهو من ليس يكذبُ
 
أمين ٌعلى سِرِّ الصديقِ يصونهُ
وبالروح يفديهِ ،.. إذا كان يَطلُبُ
 
ولو أنصفتْ هذي البلادُ رجالها
لكانَ على رأسِ الجميعِ مُنصَّبُ
 
مضى المجدُ ، والسلطانُ يجري وراءهُ
ولكنه ، ذو عزةٍ ليس تُسلبُ
 
بنىَ كبرياء النفس ، فوق حُطامها
وصاغ من الدنيا ، هواه ُالمُحبَّبُ
 
فطُوبَى لمن كان العَصِيُّ على الحياةِ
وطُوبَى لمن يحيا كما هوَ يرغبُ
 
ويا ليت هذا الموتُ ، كالنوم والكرى،
يناديكَ ليلاً ثم تصحو وتلعبُ
 
ويا ليت كلُّ الراحلينَ جميعهم
كواكبُ تبدو في الصباح ، وتغربُ
 
ويا ليت أحباباً لنا قد تفرقوا
نُتُوفُ سحابٍ ، وهْيَ تأتي وتذهبُ
 
ويا ليتنا ندري حلولَ رحيلهم
لَمَا كان مِنَّا ، نحوهم ضاع واجبُ
 
سأكتُمُ حُزنِي يا نبيلاً ، وعادلاً
فلا زالَ بَاقٍ فيكما ذلكَ الأبُ
 
فبِرُّوا بأرحامِ الفقيدِ وأهلِهِ
لتبنوا لكم بين القلوبِ مراتبُ
 
نَعيتُ الى أُم البنينِ ، مُصابها
فأدمىَ فُؤادي دمعُها ، يتصبَّبُ
 
وأيقظتِ الذكرى ، مُصاباً عرفتُهُ
وما كنتُ منها ، حين ذلكَ ، أَصلبُ
 
صديقان ، عاشا بيننا ، وتفرَّقا
وعادا إلى اللُّقيا ، ونحنُ نُراقبُ
 
لأكنافِ رحمانٍ، رحيمٍ ، وغافرٍ
إلينا جميعاً ، أنتَ يا ربُّ أقربُ
 
ويا ربُّ حين الحَشْرِ ، إلا جمعتنا
بمن غادرونا .. قبلنا .. أو تعاقبوا
 
وبُشرَى لمن ساروا على هَدْيِ أحمدٍ
خِفافاً ، ولليومِ العظيم ِتأهَّبُوا 
2/5/2001م

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم الشويطر

avatar

عبد الكريم الشويطر حساب موثق

اليمن

poet-Abdulkarym-al-showaiter@

114

قصيدة

10

متابعين

الاسم: د/ عبد الكريم عبد الله الشويطر تاريخ الميلاد: ٢٤ يوليو ١٩٥٠ الحالة الاجتماعية: متزوج، أب لأربعة أبناء وثلاث بنات التعليم: تلقى علومه الأساسية في مدينة إب، والمرحلة الثانوية في القاهرة وتعز. رُشح لدراسة العلوم ...

المزيد عن عبد الكريم الشويطر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة