حين قرّرت الشمسُ أن بقاءها يتطلب أن تأكل طفلاً كل صباح لم تعرف القرية ماذا تصنع بهذه اللعنة الشيخُ ذو الوجه الشبيه بالجلد المدبوغ والارتياح الدائم قال أين اللعنة؟ فلتأكلْ طفلاً كل صباح القريةُ سكتت في العام الأول سكتت في العام الثاني والثالث والعاشر مات الشيخُ بضربةِ شمس في اليوم التالي في الحيِّ الأكثر فقراً في القرية طفلٌ، لما جاءَ عليه الدورُ، بكى ضربته أمّه ضربه أبوه ضربه الرجل البدين، حتى الرجل الهزيل، ضربه أيضاً والطفل يستغيث: لا أريد أن أموت سنموت جميعاً إن لم تأكلكَ الشمس أكلته الشمس. النساء الفائضات الوزن بجلابيبهن البرّاقة وأساورهن القليلة الثمن رقصن في الساحات فرحاً وأطلقنَ الزغاريد في اليوم التالي صرخت طفلةٌ في حيٍّ مجاور لا أريدُ أن أموت اليد التي ارتفعت لتضربَها بوغتت بيدٍ أخرى تمنعها تكاثر المدافعون عن البنت. رأوا ارتعاشَ رموش المعتدين وارتخاء أصابعهم حول عنقِ البنت انتزعوها من جلسة العقاب. نظرت أعينُهم إلى أعينِهم بصمتٍ كامل صمتٍ كأنه أصابعُ تُمَرِّرُ رسالةً تحت باب مغلق ثم تدافعوا إلى كهفٍ كانوا خبّأوا فيه سرَّهم ومعاً أخذوا يرشقون الشمس بالرماح.
شاعر وكاتب فلسطيني، من مواليد مدينة رام الله عام 1944. تخرج البرغوثي في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة عام 1967، ولم يتمكن من العودة إلى مدينته إلا بعد ذلك ...