غداً يعود سيّدي. شراعه كغيمةٍ بيضاءَ عند الشفقِ. أعرفه متى يلوح، كيف لا؟ خيوطهُ أنا، أنا غزلتُها – أصابعي، حبكتها، غسلتها بأدمعي فكيف لا أعرفه متى يلوح في البعيد آتياً كغيمةٍ في الأفقِ؟ غداً يعود سيّدي، يعود، يا هلا! من المجاهل الوراءَ قبرصَ الحبيبةِ، الوراء قرطاجنّةٍ يعود لي: جبينه العريق وجهُ جبلٍ، وزرقة الخضمّ، عمقهُ السحيقُ، في عيونه – يعود لي محمّلاً بالذهب، بفضّةٍ تُصاغُ للهياكلِ الرخام ههنا مجامراً، للبطل الإله مقبضاً لسيفه؛ محمّلاً يعود سيّدي بالعاج صولجان ملكٍ، سريرَه، بالجوهر الغريب خاتماً له، فرائداً لتاجه؛ محمّلاً يعود سيدي بالشوق لي والأملِ. أنا أجينار على مدّ يدي تبوحُ ألف جنّةٍ وألف خاطرٍ معطّرٍ. أنا الجمالُ: يا جداولَ النبيذ جُدّلِتْ على اللجين، يا شواطئ العقيق، يا فمي! نهداي لجّتان: في الجزائر العجابِ والخليج نجوةٌ، فيا زوارق احتمي! هنا القفير عسّلتْ، والكرْمُ عنّبتْ ثمارُه... حذارِ! هذا حَرَمٌ لسيدي الحبيب يا هلا، من المجاهل الوراء قبرصَ، الوراء قرطاجنّةٍ يعود لي مكلّلاً بالظفر. بالله يا رياح لا تمهّلي: الليل طال في السهول والنجوم احترقت على الربى، خوفي على الأسوار أن تهونَ والحياضِ تُستباحَ بغتةً. بالله لا تمهّلي، ردّي الحبيب لي، ردّيه كالإله من غيابه: أحضنه، أغمره بقُبَلي بطيب طيب قُبَلي، وفي نعيم جسدي أسكنه للأبد. بيروت في 2491957