أوشكَ هذا القرنُ أن ينتهي (بل انتهى: رمشةٌ من عين التاريخِ الحَوْلاء، وإذا به... يختفي) – كيف بدأتْ، متى تنتهي ضدَّ من هذه المعركة. من بقيوا، قرأوا الكتابةَ على الجدار. من هاجرَ، لم يجد الأرضَ الموعودة. تكلّمْ، ماذا ستقولُ. أو لا تتكلّم، واصغِ إلى الهدير. الى أيّ صوتٍ يأتيكَ من هناك. آنذاك، يمكنك أن ترمي بمفتاحك في هذا البحر طالما: لا القفلَ في الباب، لا البابَ في البيتِ، لا البيتَ هناك. زُرْ أرضنا المنسية أحياناً. زُر تاريخنا المهدَّم: الخاتمُ الذي تريدهُ، موجودٌ هناك. بئرُ ابراهيم المهجورةُ، حتماً هناك. حتى المرأة التي عذّبكَ البحثُ عنها، تنتظرك هناكَ الآن. إفتحْ يديك. ضَعْ قلبكَ في المزاد. واسمع القصة. اليومُ آتٍ. لا حصْرَ للعلامات. الشعبُ يطلب خبزاً. كلُّ رغيفٍ رايةٌ للحِداد. التاريخُ: في حالة الهارب من مُداهمةٍ وشيكة. السبّاحُ ماهرٌ، لكنّ التيّارَ أقوى. الحزنُ في مجراهُ العميق يطفحُ حيّاً على ضفاف الصلوات. بائعُ الفتاوى وخَرداوات اللاهوت يعبرُ، أرجوانيَّ الثياب من دم القرابين في نسيج أحلامك الباذخة، ويقرعُ طبلتهُ المليئة بالريح طوالَ الليل بين صدغيك، فنشوتهُ الكبرى: ألّا تنامَ، أو تستريح. العالمُ ظواهرُ ماديةٌ لها أسرارها الأسرارُ خبيئةٌ في الكلمات لكنها لا تروي سوى جزءاً من القصّة. الجمهورُ صدّقها. القاضي ارتابَ في تفاصيلها، العالِمُ ظنّها رقصة بين الذرات والأشجار والقرود، بين البذرة والنملة والمرّيخ وأذرعة المجرّات التي تُعانق الغبار. لا تتكلّمْ، ماذا ستقول أو تكلّمْ، واصغِ الى أيٍ كان. الشاعر الصينيُّ الميت منذ أكثر من ألف عام، يهمسُ في أذني: "من هذا البرج العالي يُدهشني أن أرى كم هوجاءُ هي العاصفة المدينة المسوَّرة تبدو خاليةً عندما تسقطُ الأوراق" لي دونغ ربما هي الريح يا سيدي لي دونغ جاءت لتسردَ علينا مرةً أخرى، قصّةَ الطوفان. قبيلتي تعرفها جيداً، جيلاً بعد جيلٍ بعد جيل تعرفُ من سيّدُها ومن راويها، تعرفُ أن أبطالها أطيافُ طواحين حاربها دون كيخوته بضراوةٍ ذاتَ يوم: اليومَ تكفي صرخةُ طفلٍ خلف جدران الحصارِ، لتنهار. قبيلتي: هذه الصفحة. هذا القلم. هذ الجدار. إنه النّسْغُ الصاعدُ يا سيدي في جذع الحياة والشجرة. لا. إنه بحرُ الصمت. وهذا القاربُ الصغيرُ لهُ قصّة. صديقي الذي ماتَ بالأمس في المنفى وهو يُصارعُ الألمَ الأخير عَرفَ القصّةَ من أوّلها الى آخرها في لحظة حنينٍ واحدة. دع التيّار يأخذْ ما يُريد. دعني أبقَ في مكاني. اعطني هذه اللحظة، ودّعني. أريدُ أن أسمعَ القصّة.
سركون بولص شاعر عراقي من مواليد سنة 1944م ، في بلدة الحبانية بالعراق، انتقل في سن الثالثة عشر الى كركوك،وبدء
كتابة الشعر وشكل مع مجموعه من الشعراء((جماعة كركوك))، نشرت له في ...