كانَ ما كانَ… وللقَيْصرِ ما كانَ من المُلْكِ… وللشَّاعرِ أن يستيقظَ الآنَ! وأن يمتلكَ الآنَ فضاءً غير مرئيٍّ… ولن يمتلكَهْ! ومن الحلمِ نما فِعْلٌ، ومن فَعلٍ قوى أم حركَهْ؟ وعلى الشّاعرِ أن يختبرَ العَصْرُ حضورَهْ! * المباراةُ مع الذّاتِ اختيارٌ أم ضرورهْ؟ والمباراةُ مع الغَيْرِ انتهتْ، وابتدأتْ بالغشِّ ضدَّهْ! وهو الرّائي الذي ينتظرُ الثورةَ وَحْدَهْ… وهو الحاضرُ في الغَيْبةِ، وهو الحالِمُ… يهتدي بالرّوحِ في بريّةٍ، تبسطُ مَهْدَهْ! ولمن سوف يكونُ العالَمُ؟ وعلى القيصرِ أن يطعمَ جُنْدَهْ… وعلى السيّدِ أن يصنع عَبْدَهْ… ومن الفقرِ نشيدٌ دائِمُ! *** ما الذي يفعلهُ الشّاعر بالشّعرِ أخيراً؟ والبراغيثُ التي يحصدُهَا هي ما يبذرهُ من مَرَدَهْ! ومن التربةِ نَسْلٌ هائِمُ قُمِّصَ الأسلافُ فيهِ، وتآوى حَفَدَهْ! وَرْشةٌ من خَرقٍ يُشْحَنُ فيها… رزْمةٌ من أَصْبِغَهْ… وإذا ما كانتِ الأرضُ هي الأرضَ… فما يفسدُهَا؟ ربّما يفسدُهَا مضَّطهدٌ أو حاكِمُ! وإذا ما انغلقتْ أفضيةٌ أو أدمغهْ فلمن سوف يكونُ العالَمُ الآنَ؟ ومن سوف يسمِّيهِ؟ وماذا سوف يحميهِ؟ وماذا فرَّغَهْ؟ ولماذا استوطنَ الشّعرُ اللغَهْ؟ *** كانَ ما كانَ… وكانتْ ثورةٌ أم كانتِ الدّولةُ؟ والدّولةُ كانتْ مَحْضَ وَرْطَهْ! وعلى الثّورةِ أن تفتتحَ السلطةَ بالقوّةِ… للقوّةِ أن تختتمَ الثورةَ بالثروةِ… للثروةِ أن تغتصبَ الثورةَ بالحكمةِ، والدولةَ بالحيلةِ… والحكمةُ، كالحيلةِ، سلطهْ! *** ليس للشّاعر والشّعر سوى اليقظةِ، إذْ ضاقَ بهِ اسمٌ، وإذا ضاقَ بهِ جسمٌ، وبيتْ… وَهْوَ رِقْمٌ! ربّما تَعلنهُ شاهدةٌ… والحيُّ مَيْتْ! * ليس للشاعرِ والشعر سوى الواقعِ! والواقعُ بابٌ أم حجابْ؟ وإلى الحقِّ انتمت رؤيا… ومن رؤيا رموزٌ وخطابْ… فَلْتقلْ، يا أيّها الشّاعر: ماذا سترى؟ ماذا رأيتْ؟ إنّها عكّازةُ القَيْصرِ لم تسقطْ… ولكنْ! ربّما لا يسقطُ الآنَ سوى القيصرِ… فاشهدْ! وتأمَّلْ كلَّ ما كانَ… تأمَّلْ أيَّ كائِنْ! وتدرّبْ لمباراةٍ جديدهْ! وعلى الشاعرِ أن يفنى… فهل تحيا القصيدهْ؟ *** المباراةُ انتهت ظالمةً أو وَخِمَهْ بعضُها أم كلُّها ضاقَ، إذا ما احتشدتْ بالنّكراتْ… ثمّ ضلَّتْ، وأضلَّتْ كائناتٍ وجهاتْ… وأحلّتْ نخباً أو نُظُماً متَّهمهْ لا عبوها كثروا، إِذْ صعدوا، واختُبِرُوا، فارتعدوا، وانحدروا… والآنَ شاعوا، وأشَاعوا ظلماتْ… وأباحوا ما أباحوا، واستراحوا بين سِعْرِ الصَّرْفِ والنَّزْفِ… وكانوا فئةً باغيةً، عائمةً، مُنْقَسِمَهْ… *** السياساتُ احتمالاتٌ وأَدْوارٌ وأَطْوارٌ… وللتاريخِ معناهُ… وللتاريخِ أعْمالٌ ووَرْشَاتٌ وأَقْدارٌ… وكمْ ينتجُ أنقاضاً: صنوفاً من سلالاتٍ… دويلاتٍ… حكاياتٍ… حضاراتِ… حروباً وفتوحاً وشعوباً وصراعات… فمن ينتجهُ الآنَ؟ وما ينتجهُ؟ والأرضُ لم تُهْزَمْ، وليست هَرِمَه وعلى القيصر أن يحفرَ لَحْدَهْ! *** … وَلْتقلْ، يا أيّها الشّاعرُ: ماذا سترى؟ ماذا رأيتْ؟ ما الذي يبقى من القيصرِ، بَعْدَهْ؟ ومتى سوفَ يقيمِ الشعرُ مَجْدَهْ؟ وإلى الحلم أم الفعلِ انتميتْ؟ * ليس للشاعرِ إلاّ الكَلِمَهْ! وعلى الشاعرِ أن يُبْعَثَ وَحْدَهْ!
مصطفى عباس خضر, شاعر وباحث سوري ،ولد عام 1944 في بولص – سورية, ولد في إحدى قرى حماة ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة حمص حيث أنهى تعليمه الابتدائي والإعدادي ...