الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » سل الأفق من أبدى النجوم به زهراء

عدد الابيات : 258

طباعة

سل الأفق من أبدى النجوم به زهراء

وأجرى بفيض الدمع في دوحه نهرا

ومدّ يراع القطب من فوق دلوه

وجدد في لوح الدجى أحرف الشعرا

ومن ناط بالبدر الثريا مشنفا

ورسم الثريا أنها تكنف البدرا

وأورد دهم الليل بحر نهاره

وأرصدها شهبا محجبة غرا

وأطلع وجه الشمس من خلف حجبها

وصور بالغيم الرقيق لها سترا

وأضرم جمر البرق من ماء مزنه

وكيف وطبع الماء أن يطفىء الجمرا

وأمهر بكر الأرض در الحيا ومن

يريد افتضاض البكر فليجزل المهرا

وأرضع ثدي المزن مولد زهره

ترى الرأس منه شاب والعارض اخضرا

وشقق جيب الروض عن نحر نهده

فأوسع بذا جيبا وأتلع بذا نحرا

وألبس هام الدوح تاج أزاهر

وسربل عطف الأيك أثوابه الخضرا

وصاغ لساق الغصن خلخال جدول

وقلد جيد البانة التبر والدرا

وعقرب صدغ الآس في خد روضه

أرت صرح أفق أطلع الأنجم الزهرا

وفضفض ثغر الزهر فافتر ضاحكا

وذهب خد الورد فاحمر واصفر وبرقع

وجه النهر بالنور فانجلى

وغازل لحظ النرجس الغض فازورا

وخضب راحات القرنفل فاغتدت

معاصمه خضرا وأنمله حمرا

وطرز بالفيروز أكمام وردة

أرت أصحن الياقوت مملوءة تبرا

وأوقف جيش الزهر في موكب الربا

ومن عقد الخابور ألويه صفرا

وسل من الأنهار في روضها ظبا

وهز من الأغصان في دوحها سمرا

وضمر خيل الريح في حلبة السما

وحوزها خصل السباق لدى المجرى

خليلي ما للبين عذب ناظري

فلا عبرة ترقى ولا مقلة تكرى

وما للهوى العذرى أضنى حشاشتي

فلا علة تشفى ولا صحة تسرى

وما لدواعي البين أتلفنني أسى

فلا سلوة تزجى ولا حيلة تدرى

وما بال فيض الدمع أغرق وجنتي

على أنه في باطني أشعل الجمرا

وما بال قلبي كلما شفه الضنى

تذكر من يهوى وأني له الذكرى

وما بال دمعي إذ شكا السهد لحظه

يوقع في خدّي على رسمه بحرا

فهل فيكما خل يعير فؤادهُ

فقد ضل لما قمت أنشده الصبرا

أما وغيوم من دموع تأوّلت

فبينا ترى منها عقيقا ترى درا

ووصل تقضى بين سلع وحاجحر

بمحضر عيش ما ألذ وما أملا

لقد شاقني في الأفق مبسم بارق

بكيت على حكم الضبابة فافترا

وجر على الأكمام مذهب ذيله

وجرّد في الآفاق أسيافه البترا

وأذكى بفحم الغيم شعلة لمعة

وأرسل في خد الربا دمعه قطرا

كما هاجني تغريد قمري بأنه

تغنى فهز البان أعطافه سكرا

وخضّب كفيه ووشى جناحه

وكحل عينيه كما كلل الصدرا

ولثم بالإبريز واشتمل الضيا

رداء وبالديجور قد قلد النحرا

وأنشد مذموم النوى فوق عوده

وحرر في العشاق مختكة الأغرا

وغنّى حجازا فاقتسمناه بيننا

فينبعه دمعي ومقلته الحورا

وقلبي خليص والأضالع منحني

ومهجته الرهنا وناظري أكرا

أقمري إن لم تدر في الحب راحة

سوى أدمع تدري فجفني بها أدرى

وإن قلت أن الحب صحته ضنى

فجسمي بها اولى وقلبي به أحرى

أجب سل قل آسمع عز هز سرا رقم

أقل صن خذ آمنع وف ثم أحر تمرا

وفوف أجد خذ اعط زرهن تنح صل

وغيب أبق أم كف زرغب سد مرا

وموه تصب واسقم تصح ومن تعش

وغض ترى واحزن تسمر وجع تشرى

وبي غادة كالشمس هزة قوامها

ولم أر شمسا تهصر الغصن النظر

مهاة سبى أسد الثرى سحر لحظها

وما غيرها روت به نفث السحرى

فتاة رداح ناهد عاتق طلا

لعوب عروب عانس غادة عذرا

فتنت بها ما بين عشر لواحد

فكيف بها من بعد ما حاورت عشرا

تحذر بالإغراء أحشاء مهجتي

ويا ليتها غذ حذرت لم تكن تغرى

وقد جزمت بالكسر حشاشتي

وهل صح بيت لازم الجزم والكسرا

كما رفعت أعطافها الشعر واغتدت

تجرّره يا من رأى رافعا جرا

بدت فارتد الظبي والبان والنقا

وشمس الضحى والليل والنجم والفجرا

فهل شمت أسنى من تبسمها سنا

وهل خلت أحلى من محاسنها بدرا

تغاممت كي أشفى ببارد ريقها

وكيف وبرد الريق أورثني حرا

تصيّر سكب الدمع في صحن وجنتي

على أنّ في فيها المكرر والقطر

وتجزم الا تجبر الكسر بعدما

صدعت حصاة القلب في حبها كسرا

رمتني بسهم الهجر من بعد وصلها

وما خلت أن الوصل يعقبن هجرا

وكانت تحيانا على القرب والنوى

تطيب على مر الزمان الذي مرا

وقد مر ما قضيت من صبوة حلت

بعيشك هل يحلو لنفسك ما مرا

وسابق وجدي البرق والدمع والحيا

فيا وجد ما أسرى ويا دمع ما أجرى

وألف طير الحب وكر حشاشتي

ولا عجب للطير أن يالف الوكرا

وما أجمل السلوان بي غير أنني

ضمنت لها أن لا أزل بها أغرى

وقلت لقاس لام في لين عطفها

تلين إذا ماست وتلتمس العذرا

سقى الدمع أكناف المحصب من منى

وأقلل به دمعا ولو كاثر البحرا

وجاد الكرى والخيف والشعب واللوا

وباب الصفى والبيت والركن والحجرا

وبلغ مسعاها تحية مغرم

يظل بها محبا ويمسي بها مغرى

وروى بوبل سفح مروتها التي

زوت عن شذى ريا الأحية لي ذكرا

وصافح عني البان والرند واللقا

وأثل النقا والشيخ والطلح والسدرا

معالم جر الحسن فيها رداءة

فأهدى لها نشرا وأبدت له بشرى

وقاد بها عرف الصبا نجب غيمة

فارشفها شهدا وانشقها عطرا

وشمر فيها الروض أكمام زهره

ودبجها خدا وطيبها ثغرا

فيا ليت شعري هل أرى البان والحمى

فاقطع ذا لثما وأعطف ذا هصرا

وهل لي إلى سفح المفرح أوبة

فيفرح قلب لازم الحزن والضرا

وهل أكحل الأجفان من ترب يثرب

وهل أنشق الأناف من طيبها نشرا

وأبذل روحي للمبشر باللقا

وأهون بروحي أن تكون له بشرى

وأبسط ثغري ثم خدّي لنعله

وقل له أن أبسط الخد والثغرا

وتشهد عيني قبر أفضل مرسل

وطوبى لعين شاهدت ذلك القبرا

ولم لا وفيه حل من حل مرتقى

وأنارت به الأكوان في ليلة الإسرا

وأبدأ بالتسليم مختتما له

بمحب صلاة تعجز الحد والحصرا

وأدعو يا خير البرية كلها

وأشرفهم وضعا وأرفعهم قدرا

وأوسعهم جاها وأبهرهم سنا

وأعظمهم مجدا وأكبرهم فخرا

وأبعدهم غيظا وأقربهم رضا

وأصوبهم نهيا وأوصلهم أمرا

وأنجزهم وعدا وأسمعهم ندى

وأرثقهم عهدا وأنقذهم أسرى

وأورعهم زهدا وأبينهم هدى

والزهم حمدا وأكثرهم شكرا

وأجملهم فعلا وأجمعهم تقى

وأصدقهم قولا وأوضحهم بشرا

وأثبتهم جاشا وأمضاهم ظبا

وأقواهم جسما وأنفذهم سمرا

وأخشعهم قلبا وأنفهم دعا

وأطهرهم نفسا وأسلمهم صدرا

وأصبحهم وجها وأسبحهم يدا

وأفصحهم نطقا وأصوبهم فكرا

وأبرعهم علما وأكملهم حجى

وأحسنهم وصفا وأطيبهم ذكرا

وأولهم خلقا وأظهرهم صفا

وآخرهم بعثا وأفضلهم خبرا

ألست النبي المصطفى النور أحمدا

أبا القاسم الهادي الشفيع الرضا البرا

ألست الهدي النور الفتى الكامل التقي

محمد أسول المنى المرتجى الذخرا

ألست الذي بالخاتم استفتح النهى

فكنت ختاما فاتحا مصطفى برا

ألست رسول الله والخيرة الذي

بعثت لتدعو للهدى السود والحمرا

ألست خليل الله والحاشر الذي

على قدميه الناس قد قدموا الحشرا

ألست حبيب الله والصفوة الذي

أنارت بك الدنيا وأزهرت الأخرى

ألست الذي في الكتب نعتك قد بدا

بمدح تلته في صحائفها الغرا

ألست الذي أنبأ سطيح بنعته

وشق وسعد وابن جدل وذو نجرا

ألست الذي لما توالد أشرقت

له الأرض حتى عاينت أمه بصرى

ألست الذي لما تبدى تساقطت

لرؤيته الأصنام وانصدعت ذكرا

ألست الذي غاضت لفائض نوره

بحيرة ساوى بعدما قد جرت دهرا

ألست الذي قاد النجاشي إلى الهدى

وأخمد نارا كان يعبدها كسرى

ألست الذي نادى حليمة سعدها

لإرضاعك المهدى لها اليمن والبشرى

ألست الذي قد شق جبريل قلبه

وأودع ما لصبحت منه به أحرى

الست الذي أسرى بك الله للعلا

فبوركت من سار وبورك من أسرى

ألست الذي جد البراق به السرى

إلى المسجد الأقصى إلى المحفل الأسرى

ألست الذي قد جاوز الحجب ارتقا

إلى أن رأى من ربه الآية الكبرى

ألست الذي أعطيت حسما ولم تكن

لتعطي نبيا قبل أعظم بها قدرا

ألست الذي أضحت لك الأرض مسجدا

طهورا وأمسى الصحب من لمسه غرا

ألست الذي حلت له بمكة الغرا

ولولاه ما حلت بعقد الهدى نجرا

ألست الذي بالرعب أرهبت من طغى

مسيرة شهر والتزمت به النصرا

ألست الذي إن هجر الحر والتظى

تقيه ظلال الغيم مهما مشى الحرا

ألست الذي نجى الغزالة منهما

وقد ردها بعد الغروب إلى المجرى

ألست الذي لاذ البعير بجاهه

فعاد قرير العين لم يختش النحرا

ألست الذي أنبأ به الذئب إذ سعى

لإدراك ظبي فاز بالأمن إذ فرا

ألست الذي قد صدق الضب قوله

وزاد حنين الجذع إذ سيما الصبرا

ألست الذي في كفه سبح الحصى

وأورق فيها الغصن وانبجست بحرا

ألست الذي في الرمل لم يبد مشية

وأثر ذاك المشي إذ وطى الصخرا

ألست الذي قد نزه الله ظله

بأن لا يرى ملقى على الأرض إذ مرا

ألست الذي بالصاغ أشبع جيشه الكثير

فلم يخشوا لمخمصة ضرا

ألست الذي قد غادر الملح سلسلا

بقفلة ريق لا أجاجا ولا مرا

ألست الذي انقادت له الشجر التي

دعاها وضرع الشاة من لمسه درا

ألست الذي أعطى قتادة في دجى ال

مطيرة عرجونا أضاء له عشرا

ألست الذي الأحجار صلت وسلمت

عليه وقد أبدى الجلال لها السرا

ألست الذي أبرى بنفثته العمى

وأشفى بها الجرحى وردّ بها الكسرا

ألست الذي اسدى بدعوته الحيا

وأحيا بها الموتى وأغنى بها الفقرا

ألست الذي قد رد عين قتادة

ووقيتها حرا وارسلها نظرا

ألست الذي استدعى لنصرته الصبا

فهبت بفتح جاء بعتقب النصرا

ألست الذي عادت براحته العصا

حساما ومنها أطعم البر والتمرا

ألست الذي جاءت قريش لغدره

بكيد فلم يخش المكيدة والغدرا

ألست الذي أنبأتهم إذ تآكلت

صحيفتهم فازداد جاحدهم شرا

الست الذي أعطيت في الجسم قوة

صرعت بأدناها ركانتهم قهرا

ألست الذي أردى أبيا وقد طغى

بطعنة رمح لم تكن تخطئ النحرا

ألست الذي في الغار نجاه ربه

وصير نسج العنكبوت له سترا

ألست الذي لما أتاه سراقة

لمكر فساخ الطرف إذ أزمغ المكرا

ألست الذي أخبرت عن قول عتبة

وقد قام ينهي القوم إذ صبحوا بدرا

ألست الذي أنبأ فضالة غذ أتى

لأمر يرجيه فأوضحته الأمرا

ألست الذي من كيد فرعونه نجا

وقد قام يرمي فوقَ هامته الصخرا

ألست الذي حياه في بدر بالرضا

ومن أجله قد شق في مكة القمرا

ألست الذي قد قال في خيبر غدا

أنيل اللوا من يعرف الكر لا الفرا

ألست الذي في الطائف اعتز نصره

وفي أحد قد وحد الدين إذ كرا

ألست الذي دانت يهود قريظة

لعسكره إذ جرد البيض والسمرا

ألست الذي في الخندق اتضح أمره

وعز به نصرا وأبدى به أمرا

ألست الذي أوهى مريسع سيفه

ويوم حنين ألبس الجاحد الذعرا

ألست الذي في فتح مكة شخصه

تردى رداء الحمد واتشح الشكرا

ألست الذي في البر قد مد أبحرا

بجرد تلاع تحسن المد والزجرا

ألست الذي قاد الصحابة للوغى

فحلوا عرى الأعداء إذ عقدوا الأزرا

ألست الذي جاءت ملائكة الرضا

لنصرته إذ عبس الكفر واغبرا

ألست الذي بالصدق خص عتيقه

أبا بكر الصديق شيخ التقى البرا

ألست الذي قد أيد الله دينه

بصاحبه الفاروق لما أفلى السرا

ألست الذي استحي وقد جانحوه

أبو عمرو عثمان الفتى الصاحب الصهرا

ألست الذي تحت الكسا ضم إذ دعا

علا ونجليه وفاطمة الزهرا

ألست الذي قد شد مولاه أزره

بحمزة والعباس أشدد به أزرا

ألست الذي أرسلت للصحب أنعما

كما أرسلت للأرض ريح الصبا القطرا

ألست الذي نجى الله في الموضع الذي

أبى الله أن يعلى على قدره قدرا

ألست الذي أحيا به الله آدما

وتاب عليه إذ بك التمس الغفرا

ألست الذي حيا به شيت فاعتلى

وبرا إدريسا مكانا به اثرى

ألست الذي نجى به نوح إذ علت

سفينته الطوفان تلتمس المجرى

ألست الذي نجّى به هود إذ أتت

على عاد ريح أهلكت جمعهم قصرا

ألست الذي نجي به صالح وقد

اباد الذي أفتى بناقته عقرا

ألست الذي نجى الإله خليله

به من لظى النمرود إذ أضرمت شهرا

ألست الذي نجى به لوط عندما

بغى قومه الأضلال واستحسنوا النكرا

ألست الذي إسماعيل لولاه ما افتدى

بذبح عظيم واستسن به النحرا

ألست الذي نادى به اسحاق به

فنال الرضا والفوز والأمن والصبرا

ألست الذي نجا به الله يوسفا

وأعقب يعقوب القميص الذي سرا

ألست الذي زكى شعيبا بعدله

وكرم لقمان وأنجى به الخضرا

ألست الذي قد خص هارون بالرضا

ونجى به موسى وشق له البحرا

ألست الذي لولاه للخضر لم يقل

لصاحبه لن تستطيع معي صبرا

ألست الذي قد أوقف إذ جرت

ليوشع حتى أعطى الفتح والنصرا

ألست الذي قد لان طوعا لسرّه

الحديد لداود فاعظم به سرا

ألست الذي نجى به الله عبده

سليمان من جنّ تمرّد واغترا

ألست الذي نجّى به الله يونسا

وذا الكفل والأسباط واليسع الحبرا

ألست الذي قد نال يحيى به علا

به زكريا لاذ فاحتمل النشرا

ألست الذي عيسى به أبرا العمى

وأحيا به الموتى وأغنى به الفقرا

ألست الذي في الأنبياء شاع فضله

وقد أمهم طرا كما صح في الإسرا

ألست الذي في هود ثنى ذكره

فنال به النعما وحاز به الفخرا

ألست الذي في مريم اتضح اسمه

وهزت به جذعا وأوفت به نذرا

ألست الذي في النور عز محله

ومنه أنال الفخر والنجم والبدرا

ألست الذي الفرقان حبر وصفه

وإن شئت تتلوها تجده به حبرا

ألست الذي الأحزاب جاءت لحربه

وفيها صلاة الله خص بها جهرا

الست الذي في الصف والحشر فضله

تكرر إذ لاقى وفيه علا قدرا

ألست الذي في نوح قد بان فخره

فشق له أبحر وأوفد له الأسرى

ألست الذي في الجن أظهر أمره

وعنه رووا ذكرا به صدقوا الذكرى

ألست الذي الأنعام أنبت بصدقه

وإن قرئت أبدت فضائله الغرا

ألست الذي جاء الكتاب بفضله

وإن شئت فاتلوا الفتح والنجم والحجرا

ألست الذي نادت به بنت حاتم

فأوسعها الجدوى وفك لها الأسرى

ألست الذي سمته في الشاة زينب

فأنبأه لحم الذراع به جهرا

ألست الذي أنبأت عائشة الرضا

بمشط لبيد إذ به صنع السحرا

ألست الذي بالأمر جئت خديجة

فقالت لك أبشر يا ابن عم وسم صبرا

ألست الذي صدقت رؤيا صفية

وقد عاينت في حجرها قمرا بدرا

ألست الذي أزاوجه أمهاتنا

وأبناؤه أبناؤنا السادة الغرا

ألست الذي من قال للطفل من أنا

فقال رسول الله أزكى الورى فخرا

ألست الذي قد قال للصحب معلنا

أنا أكرم المخلوق طرا ولا فخرا

ألست الذي قد قال للصحب معلنا

أنا أكرم المخلوق طرا ولا فخرا

ألست الذي قد قال ما بين منبري

وبيتي رياض بالجنان غدا يدري

ألست الذي أنبا حذيفة بالذي

يكون ومن بعد الخلاف يلي الأمرا

ألست الذي أنبا حذيفة بالذي

يكون ومن بعد الخلاف يلي الأمرى

ألست الذي أبدى لعمار ما احتفى

وأن ابن هند يرتضي للقضا عمرا

ألست الذي أمسى به كعب آمنا

وقد خاف عقبى ما به أنطق الشعرا

الست الذي يمناه يسرى وفوده

فيالك من يمنى وجدنا بها ليسرى

ألست الذي قد جانست يده الثنا

فأنعمه تغري وأوصافه تقرا

ألست الذي قد زاد نيل بنانه

فأوفى بمقياس به كسر الجبرا

ألست الذي انجاب الظلام بنوره

فلله ما اسنى ولله ما أسرى

ألست الذي أبقى لنا حكم معجز

أقمنا به للمدعي شاهدا برا

ألست الذي لولاه ما اتضح الهدى

ولا جرد الإيمان ما مزق الكفرا

ألست الذي لولاه ما زكت الورى

ولا عرفوا المسنون والفرض والنذرا

ألست الذي لولاه لم يعز مسلم

ولم يعلم الإمساك والفطر والنحرا

ألست الذي لولاه ما حن نازح

لمكة كي يقضي بها الحج والعمرا

ألست الذي لولاه ما قام محرم

على عرفات الخير يلتمس الأجرا

الست الذي لولاه ما خاض زائر

لطيبة بحر البيد واستسهل الوعرا

ألست الذي لولاه ما أبدع الضحى

ولا كدر الظلما ولا كون الشعرا

ألست الذي لولاه لم يخلق الورى

ولا العرش والكرسي والبر والبحرا

ألست الذي ما مسني ضر حادث

ولذت به إلا وأعقبني السرا

ألست الذي أدعوه يا خير من رقى

ويا خير من وفى وأكرم من برا

نعم أنت غوثي إن دجى الخطب واعتدى

وصال ووالى بالمكاره وأغبّرا

نعم أنت سؤلي في الحياة وإن أمت

ومن نول اليسرين لا يخشى العسرا

نعم أنت طه المصطفى خير من رقى

على هامة العليا ومن وطىء الغبرا

نعم أنت يس الذي بامتداحه

أتتنا فأنبت عن مكانته الغرا

نعم أنت أنت الغوث يا خير من دعا

إلى الله في الدنيا وشفع في الأخرى

نعم أنت أنت الغوث يا خير شافع

به نرتجي الحسنى ونطرح الوزرا

حنانيك قد وافيت بابك قارعا

لتخفيف آثام ثقلت بها ظهرا

حنانيك يا برا أتاح بنانه

لوراد جر أفضله أبحرا عشرا

حنانيك يا ذا التاج والحوض واللوا

ورثت مقام الحمد والحلة الخضرا

حناينيك يا كنز العصاة ومن حوى

أيادي نداها استغرق الحمد والشكرا

حنانيك إنّي قد قصدتك مذنبا

حقيرا فقيرا أرتجي العفو والغفرا

فلا تخز من أضحى محبا ومادحا

له حسن ظن فيك قد شرح العذرا

ولا تقص من أمسى خديما وناصحا

له شرح وصف فيك قد شرح الصدرا

فإنك بحر الجود يا فلك العلا

ولا غرو أن أهدي لك الدم والشعرا

بيوتا بها قد طال سكني مدائحي

لتبدلني بها عن كل بيت قصرا

وبدع مديح لا يقال لأهلها

عزيز علينا أن نرى ربعكم فقرا

نمد يد التقصير عن مدحك الذي

تهاون لما مده أعجز القصرا

فكن جابرا كسرى وجد لي تكرما

فمثلك من أعطى ومن جبر الكسرا

وكن لأمير المؤمنين الذي حمى

لنا الدين بالهندي والصعدة السمرا

وكن عونه في المعضلات وصن به ال

خلافة وامنحه المهابة والنصرا

وكن غوثة يوم المعاد ونجه

من النار وارفع في الجنان له قدرا

وكن لولي العهد واجزل ثوابه

وأيمن به الأرا ويسر له الأمرا

وكن كهفه يوم التغابن وأته

من الأجر كفلا يدفع الإثم والإسرا

وكن شافعا في ابن الخلوف بجاهك

العظيم الذي أعددته لغد ذخرا

فأنت شفيع المذنبين إذ دعوا

لعرض حساب هوله يقصم الظهرا

وأنت أمان الخائفين وغوثهم

إذا عاد وجه الخطب أسود مغبرا

وأنت مجير الهالكين إذا اغتدت

نواصيهم شعثا وأجوههم غبرا

وأنت الذي قاسمتنا إذ دعوتنا

فمنّا الثنا نظما ومنك العطا نثرا

وأنت الذي لا يحصر العد مدحه

ومن ذا يعد الرمل أو يحصر القطرا

وأنت الذي أرجو به العود عاجلا

إلى مكة الفيحا وطيبتها الزهرا

وأنت الذي ما رام طاعتك امرؤ

تملكه العصيان إلا اغتدى حرا

وأنت الذي بشرت زوار طيبة

إذا شكروا النعما وقد حمدوا المسرى

وأنت الذي أرجو بجودك رحمة

تسربل آبائي بها حللا خضرا

وأنت الذي أرجو بجاهك أنعما

تعم جميع المسلمين بها البشرى

وأنت الذي إن أنكر الدهر صحبتي

يعود إذا يمّمته صاحبا صهرا

أقول أبو ذكر فلما أجزتني

على المدح يا مختار قلت أبا ذكرا

وحققت آمالي بترحيبك الذي

به العين قرت في المنام الذي قرا

فيا رب لا تردد دعا من بجاهه

يشفع يا ذا المنة الصمد الوترا

ويا رب سامح واكشف الضر واستجب

فأنت غياث المستغيث إذا اضطرا

ويا رب يا منان يا محيي الورى

أمتنا على الإسلام وأعظم لنا الأجرا

ويا رب يا رحمن كن لي ولا تكن

علي إذا عوضتني من منزلي قبرا

ويا رب يا الله يا سامع الدعا

أجب دعوة الداع ولا تكشف السترا

سألتك بالهادي المشفع نجنا

من النار واجزل في الجنان لنا الأجرا

وصل وسلم ثم بارك عليه ما

تقدّست بالإسم الذي يظهر السرا

ووال على الآل الكرام وصحبه

صلاة وتسليما تعدهّما ذخرا

متى ما أجاب الحق من جاء منشدا

سل الأفق من أبدى النجوم به زهرا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة