الديوان » العراق » رشيد ياسين » الربيع العائد

عدد الابيات : 27

طباعة

أعاد نيسان للآكام و الشجر

ما بدّدته شهور البرد و المطر

و أبدت الأرض ما كانت تخبئه

مخافة الريح و الأنواء من صُوَر

كأنها غادة تنضو غلائلها

في موضع عن عيون الناس مستتر

فليس يقلقها إبراز فتنتها

و لا تلوذ بستر خشية النظر

ما أروع الجبل العملاق تغمره

وداعة و هو في جلبابه النضر

فليس للرعد قصف في مناكبه

وليس للثلج في فوديه من أًثر

تسلق الزهر فيه كل رابية

و بثّ ألوانه في كل منحدر

و حام سرب فراشات ملوّنة

ثملن من أرَج في الجوّّ منتشر

وأقبلت نسمات الصبح حاملة ً

رَف الحقول و بُقيا من ندى السَحَر

تسري فتبعث فينا من طراوتها

ما تبعث الراح في الأبدان من خدَر

و في السهول يمد التين أذرعه

كأنّما يعد الزُرّاعَ بالثمر

و للمياه على الحصباء ثرثرة

ألذُّ في السمع من تغريدة الوتر

تجيء هازجة ًطوراً ، وهامسة ً

طوراً كما يهمس العشاق في حذر

هو الربيع مشى في الأرض ينعشها

كالروح تبعث في أوصال محتضر

أعاد لين صباها بعدما يبست

واستسلمت لخمول الشيب و الكبر

و زانها بضروب ٍمن قلائده

و رشّ ألوانه حتى على الحجر

و لم يدع بقعة إلا و مرّ بها

مخلفاً نفحة  من ذيله العطر

فيا لها جنة ًما كان أروعها

بين الفرادديس ، لولا غفلة ُ البشر

نهارها جولة للطرف ذاهلة

وليلها موعد للحبّ و السمر

لكنّ أًصحابها لا يحفلون بها

كأنهم جُرّدوا من نعمة البصر!

من حولهم عالمٌ جازت مفاتنه

حدّ الخيال ، وهم قتلى من الضجر!

نهر الحياة قريب من مراشفهم

و هم ظِماءٌ بلا ورد ولا صدر

تصدّهم عنه أعراف مقدسة

تغلّ أرواحهم من سا لف العُصُر

فمتعة الروح تنبو عن مداركهم

و الحبّ جرمٌ لديهم غير مغتفر

ولا يلامس في وجدانهم وتراً

همس النسم و سحر الليل و القمر

كأنّ سوراً خفيّاً قد أحاط بهم

و لفهم  بظلام غير منحسر

فهم يدورون كالثيران موثقة ً

إلى النواعير حتى آخرالعمر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن رشيد ياسين

avatar

رشيد ياسين حساب موثق

العراق

poet-rashid-yassien@

35

قصيدة

228

متابعين

رشید یاسین عبّاس الرّبيعي،صحفي وشاعر وناقد أدبي وأستاذ جامعي عراقي. ولد في بغداد سنة 1929،وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. ثم تابع تعلميه في علوم المسرح في بلغاريا فنال البكالوريوس، وحاصل على ...

المزيد عن رشيد ياسين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة