الديوان » العراق » سعدي يوسف » إحساس مضطرب

أمسِ ،
قلتُ : انتهتْ سنواتُ العذابْ
أنا ظَهري إلى حائطٍ
والقبورُ أمامي بغَربيِّ لندنَ
والفجرُ ، دوماً ، ضَبابْ .
............
أمسِ ، قلتُ...
ولكنّ تلكَ الصنوبرةَ المستقيمةَ في البُعدِ ، لم تَتَّركْ لي ،
ولو لحظةً ، شاطئاً للتأمُّلِ. تلكَ الصنوبرةُ استقدمتْ ،منذُ
يومينِ كِيزانَها وثعالبَها والسّناجيبَ والطيرَ،
واستقدمتْ غيمةً تستقرُّ على جبهتي ، ثم نَسراً بأجنحةٍ
من هُلامِ ، ومَدّتْ على مَدخلِ البيتِ أغصانَها
وهي مضفورةٌ كالشِّباكِ الخرابْ.
انتظرتُ...
الصباحُ انقضى. واستراحتْ على الشُّرُفاتِ الظهيرةُ.
قَلَّتْ على الشارعِ الحافلاتُ.ولم يبقَ إلا المساءُ .
اقتنعتُ بأني سجينٌ ، وأنيَ لا أكرهُ السجنَ
( فالمرءُ يألَفُ ) قالَ لنا المتنبِّيءُ. في بغتةٍ ألمحُ الشيبَ
يَنبتُ في راحتَيَّ. الكلامُ العجيبُ ، إذاً، قد تَحقّقَ.
ها أنذا ألمحُ الشيبَ، فعلاً، على راحَتَيَّ،بلونِ الترابْ.
انتظرتُ...
الصنوبرةُ استجمعتْ ، كالرياضيِّ، أنفاسَها. والصنوبرةُ
اندفعتْ بثعالبِها والسناجيبِ والغيمِ والطيرِ والنَّسرِ ....
وال...وال...
وراحتْ تدقُّ على البابِ مجنونةً ، تتقاذَفُ كيزانُها؛
والفروعُ على جبهتي إبَرٌ واضطرابْ.
أنا ظَهري إلى حائطٍ...
والقبورُ أمامي بغربيِّ لندنَ
والفجرُ ، دوماً ، ضبابْ .

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سعدي يوسف

avatar

سعدي يوسف حساب موثق

العراق

poet-Saadi-Youssef@

120

قصيدة

565

متابعين

سعدي يوسف شهاب،ولد عام 1934 بالبصرة.وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954.عمل سعدي مدرساً ومستشاراً إعلامياً, ومستشارا ثقافياً, ثم رئيساً لتحرير مجلة (المدى) الدمشقية, ثم تفرغ للشعر. غادر العراق في ...

المزيد عن سعدي يوسف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة