الديوان » السودان » محمد الطاهر المجذوب » إذا عهدوا فليس لهم وفاء

عدد الابيات : 75

طباعة

إِذا  عَهَدوا فَلَيسَ لَهُم وَفاءُ

وَإِن مَنّوكَ وَصلاً فالعَناءُ

وَإِن  زَعَموا دُنُوّاً فَهوَ بُعدٌ

وَإِن  وَعَدوا فَموعِدُهُم هَباءُ

وَإِن أَرضَيتَهُم غَضِبوا مَلالاً

عَديمَ العَتبِ يَعقُبُهُ الجَفاءُ

وإن  لا طَفتَهُم تاهوا دَلالاً

وَإِن أَحسَنتَ عِرَتَهُم أَساؤُا

فَطِب نَفساً جُعِلتَ فِداكَ عَنهُم

وَلا  تَجزَع فَذاكَ هُوَ الشَقاءُ

وَأَعدُد  لِلهَوى وَعَناهُ صَبراً

وَلا  تَبكي فَما يُغنى البُكاءُ

وَحاذِر  تَستَمِع  فيهِم مَلاماً

فَهَجرُ الحِبِّ يَعقُبُهُ الوَلاءُ

هُموان أَحسَنوا أَو إِن أَساؤُا

أَنا  وَاللائِمونَ  لَهُم فِداءُ

فضول  صَبابةٍ ونحول جسمٍ

وَفَقدُ أَحِبَّةٍ عَنّي تَناؤُا

وَتَشتيتُ الهَوى غَوراً أَو نَجداً

لَعَمرُكَ ما على هَذا بَقاءُ

وَلا مُسوَدُّ قَلبِكَ مِن حَديدٍ

وَلا صَفوانَ صَلَّدَهُ السَماءُ

وَلَستُ بِأَغلَظِ العُشّاقِ طَبعاً

وَلا  عَيناكَ دَمعُهُما دِماءُ

وَمَن لَكَ بالزِيارَةِ مِن حَبيبٍ

وَدونَ  مَزارِ مَضجَعِهِ التَواءُ

غَنِيٌّ  عَن حِما الرُقباءِ إِذا قَد

حَمَتهُ البيضُ وَالأَسَلُ الظِماءُ

أُصَيبِحُ في لَما شَفَتَيهِ خَمرٌ

صُراحٌ  ما  يُلَوِّثُها الإِناءُ

أَلَذُّ مِنَ الشِهادِ الصِرفِ رَشفاً

كَأَنَّ  مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ

سَقيمُ اللَحظِ أَورَثَني سِقاماً

عَداكَ  ضَناهُ لَيسَ لَهُ دَواءُ

حَبيبٌ  حُبُّهُ داءٌ عُضالُ

وَفي  شَفَتَيهِ لِلسُقمِ الشِفاءُ

دَعاني لِلوداعِ فَذبتُ وَجداً

فَلا  كانَ الوِداعُ وَلا الجلاءُ

وَمالي لا أَرى التَوديعَ حَتفاً

فَهَل بَعدَ الوِداعِ لَنا لِقاءُ

إِذا رَحَلَ الحَبيبُ فَما حَياتي

بُعَيدَ رَحيلِهِ إِلّا عَناءُ

وَما هِيَ في البَلا وَإِنِ اِستَطالَت

وَمَوتي  بَعدَهُ إِلّا سَواءُ

جُعِلتُ فِداكَ ما العُشّاقُ إِلّا

جُسومٌ  ظَلَّ يوهِنُها البَلاءُ

وَهُم يَومَ الفِراقِ وَإشن تَعَزّوا

مَساكينٌ  قُلوبُهُمُ هَواءُ

تَزَوَّد لِلخُطوبِ السودِ صَبراً

جَليداً فيهِ للِنَفسِ العَزاءُ

كما صَبَرَ الأُلى مِن قَبلُ كانوا

فإِنَّ  الصَبرَ ظُلمَتُهُ ضِياءُ

وَخُذ مِن كُلِّ مَن وآخاكَ حِذراً

فَهُم  قَومٌ  إِخاؤُهُم بَغاءُ

وَلا تَركَن إِلَيهِم وَاِجتَنِبهُم

فَهذا الدَهرُ لَيسَ لَهُ إِخاءُ

وَلا تَأنَس بِعَهدٍ مِن أُناسٍ

عُهودُهُمُ اختِلاقٌ وَاِفتِراءُ

كَثيرُ الناسِ غَوغاءٌ تراهُم

إِذا  عَهِدوا فَلَيسَ لَهُم وَفاءُ

وَإِن  عَثَرَت بِكَ الأَيّامُ فانزِل

وَطَنِّب  حَيثُ سَلعٌ أَو قُباءُ

وَرامَةُ  وَالعَوالي مُستَجيراً

بِأَكرَمِ مَن تُظَلِّلُهُ السماءُ

نَبِيٌّ  هاشِميٌّ أَبطَحِيٌّ

سَجيَّتُهُ المكارِمُ وَالخِباءُ

عَميمُ  نَداً  ذَكِيٌّ أَريحِيٌّ

شَمائِلهُ  السَماحَةُ وَالوَفاءُ

طَويلُ الباعِ ذو كَرَمٍ وَصِدقٍ

نَداهُ  مُحيطُ بَحرِ لا إِضاءُ

خِيارٌ مِن خِيارٍ مِن خِيارٍ

نَمَتهُ  الأَكرَمونَ الأَصدِقاءُ

بِنَفسي مَن سَرى وَسَما إِلى أَن

حَوى قُرباً لَهُ كُشِفَ الغِطاءُ

رَسولٌ قابَ قوَسَينِ ارتَقى إِذ

رَأى  حُجبَ الجلالِ لَها اِنطِواءُ

وَناداهُ  المُهيمِنَ يا حَبيبي

تَأَنَّس ذا الوِصالُ وَذا اللِقاءُ

وَيا  مَن  قَد حَبَوناهُ دُنُوّاً

هَلمَّ  لِوَصلِنا وَلَكَ الهَناءُ

فَقُل  وَاِشفَع تَرى كَرَماً وَمَجداً

لَدَينا لَم يَكُن لَهُما اِنتِهاءُ

ولا  تَخشى لِما تَرجوهُ مَنعاً

وَسَل تُعطى فَشيمَتُنا العَطاءُ

خَزائِنُ رَحمَتي وَنَعيمُ مُلكي

وَدارُ كَرامَةٍ فيها المُناءُ

وَإِجزالُ  العَطاءِ بِما حَوَتهُ

بِحُكمِكَ فاقضِ فيها ما تَشاءُ

لَكَ الحَوضُ المَعينُ كَرامَةً يا

مُحَمَّدُ وَالشَفاعَةُ وَاللِواءُ

مَقامُكَ  نَقصُرُ الأَملاكُ عَنهُ

وَهَل لِلنَجمِ بِالشَمسِ اِستِواءُ

وَدونَ عُلاكَ كُلُّ ذَوي المَعالي

وَفَضلُكَ  لَم تَنَلهُ الأَنبِياءُ

وَكَم  لَكَ في العُلا مِن مُعجِزاتٍ

كَعَدِّ الرَملِ لَيسَ لَها انتِهاءُ

وَكَم لَكَ مِن دَلائِلَ واضِحاتٍ

وَآياتٍ بِها سَبَقَ القَضاءُ

إِذا نَسَبوا المَكارِمَ وَالمَعالي

إِلَيكَ لَها انتِسابٌ وَاِنتِماءُ

وَإِن عُدَّت سَجايا الفَضل يَوماً

فَأَنتَ لَها تَمامٌ وَاِتبِداءُ

تَزيدُ إِذا اِشمَأَزَّ الدَهرُ جوداً

وَضَنَّ  النَوءُ وَاِغبَرَّ السَماءُ

عَطاؤُكَ  لَم يَكُن يَعروهُ مِنٌّ

وَجودُكَ  لا  يُغَيِّرُهُ الرِياءُ

وَتَخصَبُ في السِنينِ الغُبرِ سوحا

فَسيحاً فيهِ لِلعافي غِناءُ

وَتُبدي إِن سُئِلتَ سُرورَ وَجهٍ

وَتَصفو كُلَّما كَدُرَ الصَفاءُ

إِذا الفَخرُ اِنتَهى شَرَفاً فَحاشا

خِضَمُّ  عُلاكَ تَنقُصُهُ الدِلاءُ

وَكَيفَ  وَأَنتَ أَصلُ الفَخرِ كَلّا

وَكَلّا  ما لِمَفخَرِكَ اِنتِهاءُ

وَمَن يُحصي مكارِمَكَ اللَواتي

على عَدِّ الرِمالِ لَها نَماءُ

مكارِمُ في كِتابِ اللَهِ تُتلى

لَها  في كُلِّ مَرتَبَةٍ سَناءُ

أَجِب  يا ابنَ العَواتِكِ صَوتَ عَبدٍ

بِبابِ  عُلاكَ  دَيدَنُهُ النِداءُ

رَهينُ إِساءَةٍ يَرجوكَ عَطفاً

أَسيرُ الذَنبِ فيهِ لَكَ الوَلاءُ

مِنَ  النِيّابَتَينِ دَعاكَ لَمّا

وَهى جَلداً وَحَقَّ لَهُ الدُعاءُ

وَمَن يُرجى سِواكَ لَهُ إِذا ما

تَوَلّى العُمرُ وَاِنقَطَعَ الرَجاءُ

مَدَحتُكَ مُذ وَجَدتُكَ لي رَبيعاً

هُدىً  سِوى دِراكِكَ لي نَجاءُ

رَجَوتُكَ لِلنَجا مِن سوءِ فِعلِ

وَأوزارٍ  يَضيقُ بِها الفَضاءُ

وَكُن لي مَلجَأً في كُلِّ حالٍ

إِذا ما حُلَّ عَن صَبري الوِكاءُ

وَهَب لي في مَنيعِ حِماكَ حِصناً

فَلَيسَ  إِلى سِواكَ لِيَ التِجاءُ

وَقُل عَبدُ الرَحيمِ وَمَن يَليهِ

غَداةَ  الرَوعِ  ذَنبُهُما هَباءُ

وَهُم  في الحَشرِ وَالمَجذوبُ كُلٌّ

لَهُم في ريفِ رَأفَتِنا جَزاءُ

فإِن  أَكرَمتَنا دُنيا وَأُخرى

وَعَنّا  فيهِما دُفِعَ البَلاءُ

وَنِلنا  مِنكَ ما نَرجو وَأَوفى

فَلَيسَ البَحرُ تَنقُصُهُ الدِلاءُ

عَلَيكَ صَلاةُ رَبِّكَ ما تَبارَت

رِياحُ نَداكَ وَاعتَقَبَ المَساءُ

وَما طَلَعَت وَغابَت في الدَياجي

نُجومُ الجَوِّ أَو عَصَفَت رُخاءُ

صَلاةً  تَبلُغُ المَأمولَ فيها

عَشيرَتُكَ  الهُداةُ الأَذكياءُ

وَآلُكَ  وَالأُلى نَصَروا وَآوَوا

صَحابَتُكَ الكِرامُ الأَتقِياءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الطاهر المجذوب

avatar

محمد الطاهر المجذوب

السودان

poet-Mohammed-Al-Taher-Al-Majzoub@

15

قصيدة

19

متابعين

محمد الطاهر المجذوب بن الطيب بن قمرالدين المجذوب. شاعر سوداني. ولد في (المتمة) سنة 1842م. وتعلم في الحجاز. وكان من رجال (الأمير) عثمان دقنه. في شعره سبك حسن ومعان أوحتها ثورة ...

المزيد عن محمد الطاهر المجذوب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة