الديوان » السودان » محمد الطاهر المجذوب » حاد عن اللب أحشا الصب أعراها

حادٍ عَنِ اللَبِّ أَحشا الصَبِّ أَعراها
شادٍ  زِنادَ  هَوى المُشتاقِ أَوراها
مُذ  نَحوَنيكَ الرُبا الأَظعانَ أَسراها
قُل  لِلمَطِيِّ اللَواتي طالَ مَسراها
مِن  بَعدِ تَقبيلِ يُمناها وَيُسراها
قضد غادَرَتني مُذعَنها الدِيارُ عَفَت
وَخَلَّفَتني حَليفَ الحُزنِ مُنذُ جَفَت
ماذا  عَليها إِذا لَو دَمعَها ذَرَفَت
ما  ضَرَّها يَومَ جَدَّ البَينُ لَو وَقَفَت
تَقُصُّ  في الحيِّ شَكوانا وَشَكواها
لَو اقتَفَت مَذهَبي في الحُبِّ لَم تُفِقِ
لَكِنَّها  كَمُدامي  قَطُّ لَم تَذُقِ
أَنّى كَصَبري لَها صَبرٌ عَلى القَلقِ
لَو حُمِّلَت بَعضَ ما حُمِّلتُ مِن حَرَقِ
ما  استَعذَبَت ماءَها الصافي وَمَرعاها
ما إِن كَسَت بِكُؤوسٍ لِلهوى يَدَها
وَلا  أَلَمَّ  بِها  وَجدٌ  فَأَوجَدَها
وَلا  الحَنينُ عَنِ الأَوطانِ أَبعَدَها
لَكِنَّها  عَلِمَت وَجدي فَأَوجَدَها
شَوقاً  إلى الشامِ أَبكاني وَأبكاها
سَبا فُؤادَ أَسيرِ الوَجدِ حينَ صَبا
هَوى  حَبيبٍ  حَيِّ  زادَهُ نَصَبا
حَتّى  غَدا لَهِجاً مُنذ احتَسى وَصَبا
ما هَبَّ مِن جَبَلَي نَجدٍ نَسيمُ صَبا
لِلغَوارِ إِلا وَأَشجاني وَأَشجاها
ما ارتَحتُ إِذا ما الهَوى في أَضلُعي رُسِما
وَلا  تَجَفَّنتُ مُ قَلبي بِهِ وُسِما
ما  شِمتُ  إِلّا وَقَلبي ظَلَّ مثنقِسِما
وَلا  سَرى  البارِقُ المَكِيُّ مُبتَسِما
إِلّا  وَأَسهَرَني وَهناً وَأَسراها
ظَلَّت تَحِنُّ حَنينَ الصَبِّ ذي الجُرَعِ
مِنَ  الهَوى ذو مِنَ الأَشجانِ في خِلَعِ
حَتّى  إِذا الوَجدُ عُضواً قَطُّ لَم يَدَعِ
تَبادَرَت  مِن  رُبا  نِيّابَتَي بُرَع
كَأَنَّ  صَوتَ  رَسولِ اللَهِ ناداها
تَحِنُّ  وَجداً لِمَغنى طَيبَةٍ وَبِها
تَوَدُّ  تَرتاحُ  لَو تَحظى بِمَطلَبِها
لِم  لا وَأَحمَدُ خَيرُ المُرسَلينَ بِها
وَكُلٌّ ماجَدَّ فيها الشَوقُ جَدَّ بِها
دَمعٌ  يَصوبُ وَشَوقٌ شَقَّ أَحشاها
تَؤُمُّ خَيرَ عِبادِ اللَهِ مَن وَطِئَت
نَعلاهُ عَرشَ العُلا وَالناسُ قَد قَرَأَت
آياتِ  مَدحٍ  لَهُ في الخافِقَينِ نَأَت
حَتّى  إِذا ما رَأَت نورَ النَبِيِّ رَأَت
لِلشَمسِ وَالبَدرِ أَمثالا وَأَشباهاً
ذابَت حَشاها مِنَ الأَشواقِ وَاقتَرَحَت
لُقيا  نَبِيٍّ يَدُ الأَزمانِ ما سَمَحَت
بِمِثلِهِ  ثُمَّ لَمّا وَصلَهُ مُنِحَت
حَطَّت بِسوحِ رَسولِ اللَهِ وَاطَّرَحَت
أَثقالَها  وَلَدَيهِ  طابَ مَثواها
بَطحاءُ طَيبَةَ فيها الرَعدُ لا وُجِما
حَصباءُ ذاكَ العَقيقِ الغَيثَ لا عَدِما
سَقى الحَيا رامَةَ الغَرّاءَ لا صُرِما
حَيّا الغَمامُ الرِحابَ الخضرَ مُنسَجِما
فالقَبرَ  فَالرَوضَةَ الخَضراءَ حَيّاها
تيكَ المَغاني الَّتي ما خابَ طارِقُها
مَعاهِدٌ  بالمَعالي  فازَ رامِقُها
دارُ الحَبيبِ اللتَيا لاحَ بارِقُها
حَيثُ النُبُوَّةِ مَضروبٌ سُرادِقُها
وَذِروَةُ  الدينِ فَوقَ النَجمِ عَلياها
يا  ناقُ  سيري وَأُمّي سَيِّدَ البَشَر
وَأَوِّبي وَادلُجي في السَيرِ وَازدَجري
هُناكَ أَحمَدُ أَعلى البَدوِ وَالحَضَرِ
هُنالِكَ المُصطَفى المُختارُ مِن مُضَرِ
خَيرُ البَرِيَّةِ أَقصاها وَأَدناها
مُحمَّدٌ خَيرُ خَلقِ اللَهِ رَحمَتُهُ
وَبابُ  راجي  عَطاياهُ  وَنِعمَتُهُ
بِهِ اِنجَلَت لَيلُ جَهلِ الشِركِ ظُلمَتُهُ
أَتى  بِهِ  اللَهُ  مَبعوثاً وَأُمَّتُهُ
على  شَفا جُرُفٍ هارِ فَأَنجاها
كَم  أَبعَدَ الناسَ هَدياً مِن غَباوَتِهِم
كَم أَنقَذَ العُميَ وَعظاً مِن غَوايَتِهِم
كَم أَيقَظَ العُميَ زَجراً مِن جَهالَتِهِم
وَأَبدَلَ  الخَلقَ رُشداً مِن ضَلالَتِهِم
وَفَلَّ  بِالسَيفِ  لَمّا عَزَّ عُزّاها
كَم مِن مَفاخِرَ تُبنى في ذُرى الشَرَفِ
لِلمُصطَفى ذي الوَفا المُختارِ في السَلَفِ
كَم قَد تَنَوَّهَ قَدراً عَن مَدا الخَلَفِ
كَم  حَكَّمَ السَيفَ وَالبيضَ القَواضِبَ
مَعاشِرِ  اللاتِ وَالعُزّى فَأَفناها
أَشجارُ قَفرِ الفَلا لَبَّتهُ ناهِضَةً
وَالطَيرُ تَأتيهِ صافّاتٍ وَقابِضَةً
غَدَت  لَهُ صافِناتُ البُؤسِ رابِضَةً
وَساقَ  جُردَ جِيادِ الخَيلِ خائِضَةً
مجرى الكُماةِ بِمَجراها وَمُرساها
أُهدي السَلامَ لدى الوَحي الأَمينِ بِهِ
المُصطَفى المُنتَقى الهادي النَبِيِّ بِهِ
ذاكَ الحَبيبُ الرَؤوفُ المستَعانُ بِهِ
ذاكَ البَشيرُ النَذيرُ المُستَغالُبِهِ
سِرُّ  النبوة  في الدنيا ومعناها
أزكى ذوي الملإ الأعلى وأحمدِهِ
أعلى  أولي الملإ الأدنى محمده
واهاً  لمنصبهِ الأسنى ومقعده
شمس الوجود الذي أنوار مولده
ملأن  ما بين كنعانٍ وبصراها
عم  الورى ذاك جمعاً في رسالتِهِ
ما  مثله  قط  فردٌ في جلالته
غيض البحيرة جهراً من كرامته
وانشق  إيوان كسرى من مهابته
ونار  فارس  ذاك الطفل أطفاها
سارت يد النصر معه أين ساربها
والوحش  شوق للقياه يميد بها
فكم له مكرماتٌ لا نحيط بها
وكم  له  من كراماتٍ يخص بها
ومعجزاتٍ كثيراتٍ عرفناها
ذو  راحةٍ  لم ترد صفراً مؤمله
ذو  نائلٍ  لم يخب راجٍ أنامله
ما  إن ترى من شبيهٍ في الأنام له
ألثدي  در  له  والغيم ظلله
وانشق في الأفق بدرٌ شق ظلماها
يعلو على الأنبيا طرّاً بمقعدِهِ
تعنوا رقابهم جمعاً لسودده
عم  الورى  نوره في يوم مولده
والجذع حن وأجرى الماء من يده
عشر المئين ونصف العشر أرواها
آياته  الغر فضلاً لا تقاس بشي
وشاوه  لا بقاصٍ في الورى ودنى
حماه  مولاه  من أن يعتريه أذى
والعنكبوت بنت بيتاً عليه لكي
ترد  فرقة  كفرٍ ضل مسعاها
مولاه  كمله  حسناً وجمله
بالعز  أنهله بالمجد علله
راقت  رياض  المعالي والدنو له
والفحل  ذل  وأوما بالسجود له
والظبية اشتكت البلوى فأشكاها
بشرى لنفسٍ لذياك الحما نفرت
بشرى مطايا الهنا نحو الأمين سرت
بشرى نفوس الهوى في حبه أسرت
بشرى  طراف القوافي أنها ظفرت
بسيد العرب العرباء بشراها
هو الحبيب الذي تهدى القلوب به
هو البشير الذي تجلى الكروب به
فقنا  فخرنا الألى شادوا الفخار به
فالحمد لله نحن الفائزون به
في  ملةٍ نعم عقبى الدار عقباها
هذا  حبيبٌ علا طابت سريرته
هذا  نبي  الهدى  بذلٌ سجيته
هذا  هو المصطفى الهطلاء ديمته
هذا  محمدٌ المحمود سيرته
هذا  أبر  بني الدنيا وأوفاها
هذا هو المرتقى أعلى ذرى الشرف
هذا هو المنتقى في سالف الصحف
هذا بيوم القضا مولى أولى الغرف
هذا  الذي حين جانا بالرسالة في
بطحاء  مكة عم النور بطحاها
ترتاح ذكراها وحش السهل والوعر
لم لا وهو المصطفى المختار من مضر
سمت به أرضه في البدو والحضر
لم يبق من شجرٍ فيها ولا حجر
إلا  تحيه نطقاً حين يلقاها
أضحى  سنام العلا للمجد منتعلا
فاق  النبيين  في أخلاقه وعلا
شكى  له الظبى ياللَه ما فعلا
وكلمته جما ذات الوجود على
علمٍ  كأن لها جسماً وأفواها
يا  حبذا مصطفىً آياته وضحت
سمحٌ جميع المعالي بابه طمحت
هادٍ  نفوس البرايا نحوه جنحت
والطير والوحش والأملاك ما برحت
تهدي السلام له كي ترضي اللَه
ماذات  بان النقا قلب الشجي شجت
ما نفس وجدٍ بذكر المصطفى لهجت
ما العيش شوقاً لذياك الحماد لجت
مني السلام على النور الذي ابتهجت
به  السموات  لما جاز أعلاها
مني السلام على بدرٍ سماه نأت
من  عينه ذا العلا رب الجلال رأت
جلت عن العيب عزت نفسه برئت
واستبشر العرش والكرسي وامتلأت
حجب الجلالة نوارً حين وافاها
يا  من  له  القدم العلياء مرحمةً
من ذي العلا واليد البيضاء منعمةً
يا  من غدت فضله الأنبا مترجمةً
يا  من له الكوثر الفياض مكرمةً
يا خاتم الرسل يا ياسين يا طه
يا  فاتحاً خاتماً فاقت شمائله
يا  ماجداً عز أن تحصى فضائله
يا  من جميع الورى عمت فواضله
ما  للنبيين من وصفٍ وليس له
فمنتهى حسنها فيه وحسناها
يا  مصطفىً منتقىً كان الختام به
باشا في الورى ترجى النجاة به
يا  راحماً للملا أحضى الملاذ به
أنت الذي ماله في الكون من شبه
هيهات  أين ثراها من ثرياها
يا ذا الهدى والندا يا مصطفىً أزلا
يا مجتبىً هو في جيد الزمان حلا
يا  طيباً  عذبت أخلاقه وحلا
ما نال فضلك ذو فضلٍ سواك ولا
سامى فخارك ذو فخر ولاضاها
مولى  الفضائل ذوراجٍ حماه كفى
كنز المكارم من علياه غير خفي
نجم  الهداية مأمولٌ يداه تفي
فرد  الجلالة مقبول الشفاعة في
يوم  القيامة أعلى الأنبيا جاها
أرجو  الإله نجاتي حسن منقلبي
حسن اختتامي بيومٍ لا يقي حسبي
بجاه أحمد أعلى العجم والعرب
مولى مالي إلا حسن لطفك بي
فهل لعيني عيناً منك ترعاها
عبيدك الشيخ صله بالكرام ونل
آباءه  والحواشي من رضاك ومل
إليهم بجناح العطف منك وقل
واشمل بمرحمةٍ عبد الرحيم وصل
أهلاً  وصحباً وأرحاماً لمولاها
أرجوك  طه  بيوم الحشر لم أرع
فاكرم مقامي إذا لم ينج ذو الورع
بجاه أحمد فاسعد في الورى قرع
وانهض بنفسٍ إذا امتك من برع
تبغي الزيارة عاقتها خطاياها
وارفق بنفس الهوى ذابت حشاً ولها
ترجوك باللطف فضلاً أن تعاملها
فاقبل  تشبثها وارحم تذللها
وهب لها الأمن في الدارين وارع لها
حسن الظنون لدنياها وأخراها
يا  خير من بالأيادي أنجح الطلبا
أدرك مسيئاً عليه لهوه غلبا
وارحم  ذليلاً حقيراً برقه خلبا
واجعل لأمتك الخيرات منقلبا
يوم  القيامة والجنات مأواها
أهدي التحايا لمن فوق السماء سما
ما ناح ذو شجنٍ نحو العقيق وما
سارٍ  لطيبة  حادٍ نحوها نغما
صلى  عليك إلهي يا محمد ما
دامت إليك الورى تحدو مطاياها
حياك  مولاك ذو الآلاء واسعها
يا  أحمداً كاشف الضراء دافعها
هديةٌ  لك روح القدس رافعها
تحيةٌ  ينثني في الآل طالعها
سعداً ويفضح ريح المسك رياها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الطاهر المجذوب

avatar

محمد الطاهر المجذوب

السودان

poet-Mohammed-Al-Taher-Al-Majzoub@

15

قصيدة

19

متابعين

محمد الطاهر المجذوب بن الطيب بن قمرالدين المجذوب. شاعر سوداني. ولد في (المتمة) سنة 1842م. وتعلم في الحجاز. وكان من رجال (الأمير) عثمان دقنه. في شعره سبك حسن ومعان أوحتها ثورة ...

المزيد عن محمد الطاهر المجذوب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة